العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ

«العمل»... «الوفاق»... «القومي»: اصطفاف تقليدي

لا يبدو التحالف بين جمعيات «العمل»، «التجمع القومي» و«الوفاق»، أي بين التيار الوطني الديمقراطي، والتيار الإسلامي الشيعي جديدا، فهو بدأ منذ سنوات، وكانت انطلاقته بالتوقيع على ما سمي بـ «العريضة النخبوية» في 1991، ثم تشكيل لجنة العريضة الشعبية في 1992، وتعزز إبان الحركة المطلبية في 1994 - 1999.

ومع الإقرار بأن الفتور قد أصاب هذه العلاقة خلال عام الميثاق، ثم تعرضها لضربة موجعة خلال الانتخابات البلدية، التي افترق فيها الإسلاميون الشيعة عن حلفائهم الوطنيين، ونتج عن ذلك - فضلا عن أسباب أخرى بعضها أكثر تأثيرا - هزيمة قاسية لعموم التيار غير الديني، أحدثت رد فعل عنيف من قياداته، إذ استخدم رئيس جمعية «العمل الوطني» عبدالرحمن النعيمي ألفاظا قاسية في وصف تعامل «الوفاق»، ووصف آخرون عدم التحالف بأنه تنكر للماضي النضالي. أما «الوفاق» فأرجعت ما جرى إلى ضيق الوقت، وعدم نضج الجمعيات، كما قال رئيسها الشيخ علي سلمان.

وتبدو توقعات رئيس «الوفاق» محقة، ففي معرض حديثه عن علاقة جمعيته مع التيار الوطني، وصعوبة رجوع الأجواء الإيجابية بينهما، قال: «ستكذب (المية) الغطاس». وهذا ما حدث فعلا، فالاستحقاق الانتخابي في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في ظل الإشكالات التي تثيرها التعديلات الدستورية، وسلسلة القوانين التي تقرها الحكومة من طرف واحد، أعادت العلاقة بين التيارين إلى سابق عهدها.

وفي المحصلة النهائية، لا يوجد في التحالف القائم الآن بين «العمل الوطني «التجمع القومي»والوفاق» ما يدعو إلى القول بأن امراً جديداً قد حدث على صعيد العلاقة بين القوى السياسية.

الإشكالية التي تواجه ما يسمى بـ «المعارضة الدستورية» كانت - وما تزال - عدم قدرتها على التحالف مع التيار الإسلامي السني، وبالتالي سهولة وصمها بالطائفية. خاصة بعد انسحاب رئيس «الجمعية الإسلامية»، عبداللطيف المحمود، عام 1995، من «لجنة العريضة الشعبية»، ثم بروز «لجنة المبادرة» - الشيعية - لتتولى قيادة الشارع الشيعي، بعيدا عن أي تنسيق إسلامي - إسلامي، أو إسلامي - وطني.

في 22 يوليو/ تموز الماضي، حينما صدر بيان موقع من أربع جمعيات سياسية، كان من بينها «الوسط العربي الإسلامي الديمقراطي» (تيار إسلامي سني، ذو أصول عروبية، له محاولات لتجاوز التقوقع الطائفي)، أكد البيان على الوحدة الوطنية، ودعا إلى وضع ميثاق شرف ينظم العلاقة بين الجمعيات السياسية، واعتبر التعديلات الدستورية تراجعا عن دستور 1973، وانتقد القوانين الأربعة... اعتبر المراقبون أن «ضوءاً في نهاية النفق» قد بزغ، وأن تحالفا وطنيا شبه جامع يمكن أن ينشأ.

لكن صدور بيان 31 يوليو الماضي، الذي استنكر ما أسماه «التحريضات المثيرة للفتنة والتفرقة في المجتمع» والموقع من قبل ثلاث جمعيات فقط: «الوفاق»، «العمل الديمقراطي»، «التجمع القومي»، ولم يكن من بينها أي تجمع إسلامي سني، ولا حتى«جمعية الوسط»، التي تنبأ الكثيرون بإمكانية مساهمتها في تجسيد التحالف الوطني الجامع... ثم تنظيم الجمعيات الثلاث المذكورة، دون مشاركة قوى تحسب على الإسلاميين السنة، لندوة «الانتخابات النيابية في ضوء المستجدات السياسية» في الخامس من أغسطس/ آب الجاري، وندوة «قراءة في تاريخ البحرين الحديث» في ذكرى استقلال البحرين في 14 من الشهر نفسه، ثم توقيع الجمعيات الثلاث البيان الصادر في 22 أغسطس/ آب الجاري الذي انتقد توزيع الدوائر الانتخابية لانتخابات مجلس النواب. وأخيرا المشاورات التي تجريها الجمعيات الثلاث بخصوص الموقف من المشاركة في الانتخابات النيابية في أواخر أكتوبر المقبل... كل ذلك - وغيره - يعطي انطباعا للمراقبين بأن الجمعيات الإسلامية السنية، خرجت أو أُخرجت مرة أخرى من تحالف كان يمكن أن يستمر، وأن يثمر نتائج مرضية مستقبلا. وهو ما يوضح مدى الصعوبات التي تواجه التحالف الشيعي - الوطني - السني، ويبيّن مدى الاختلاف في الرأى، والانقسام بين الجمعيات.

المراقبون يعتقدون أن جمعية «الوفاق» مطالبة - بحكم حجمها وقوة تأثيرها في الشارع الشيعي - بتبني مبادرات تواصل مع الجسم الإسلامي السني: «المنبر الإسلامي»، «الأصالة»، «الشورى»، فضلا عن «الوسط العربي»، يتم فيه حوار على أساس سياسي، وليس عقائديا، ويبدأ بالقضايا المتفق عليها، كقضايا فلسطين، السياحة النظيفة، تطوير الخدمات التعليمية والصحية... وقد يتطور لاحقا إلى آفاق أوسع. وربما ليس من المناسب أن يبدأ بالقضية الدستورية التي قد لا تكون محل اتفاق بين الطرفين.

كما يرى المراقبون أن إشراك التيار الوطني في الحوار، أو في أجوائه على الأقل يبعث تطمينات بأن التحالف الإسلامي - الإسلامي لن يكون على حسابه، خاصة وهو شعر بشيء من الامتعاض بعد لقاء جمعية الإصلاح الشهير في 24 مارس/ آذار 2001.

ولا يعرف إن كانت الدعوة الأخيرة لوضع ميثاق شرف بين التجمعات السياسية ستمضي قدما، أم ستصطدم بموانع تعيق تقدمها وتوسيع قاعدتها

العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً