العدد -4 - الأحد 25 أغسطس 2002م الموافق 16 جمادى الآخرة 1423هـ

ملفات ساخنة تنتظر منطقة الخليج

الزيارة التاريخية تنهي علاقات التوتر بين البحرين وإيران

حسن فحص comments [at] alwasatnews.com

.

طرحت الزيارة - الحدث - الأولى على هذا المستوى الرفيع، التي قام بها ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة في 17-18 أغسطس/آب إلى العاصمة الإيرانية طهران أسئلة كثيرة متصلة بالعلاقات بين البلدين واحتمال تطورها في المستقبل.

وكانت العلاقات الثنائية بين البلدين شهدت تاريخاً من التوتر يعود في جذوره إلى ما قبل انتصار الثورة الإسلامية، أي منذ أيام الشاه السابق، على خلفية عدم الاعتراف باستقلال دولة البحرين مطلع السبعينات، والاصرار على المطالبة بها في اللحظات السياسية التي يريد ممارسة الضغط على الدول الخليجية كجزء من الأراضي الإيرانية.

بعد انتصار الثورة، دخل عامل آخر على خط التوتر في هذه العلاقات، وهو اتهام إيران بدعم محاولة الانقلاب على النظام والسعي لإقامة دولة إسلامية، ومن ثم إيوائها لعناصر من المعارضة الشيعية وتقديم المساعدة لهم.

إيران من جهتها، اتهمت البحرين حينها، بتقديم تسهيلات كبيرة للقوات الأميركية في عملية الانزال الفاشلة صحراء «طبس» من أجل تحرير رهائن السفارة الأميركية في طهران، وذكرت ان الطائرات انطلقت من القاعدة الأميركية في البحرين.

تعود الإشارة الأولى للانفراج بين البلدين إلى الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني إلى المملكة العربية السعودية والبحرين وضم كلا من الرئيس الإيراني وولي العهد السعودي الأمير عبدالله وأمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة.

النتيجة الأولى وغير المباشرة لزيارة ملك البحرين، التي جاءت تلبية لدعوة موجهة من الرئاسة الإيرانية، هي الاعتراف الضمني بنهاية المطالبة الإيرانية القديمة والتاريخية من جهة، وطي صفحة الاتهام البحريني لإيران بدعم المعارضة وتدريب عددا من المتهمين بالإعداد للانقلاب من جهة ثانية، وبالتالي فتح آفاق جديدة من التعاون والعلاقات بين البلدين. وقال وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي عن الزيارة: «إن هذه الزيارة الأولى لمسئول بحريني على هذا المستوى إلى إيران، وهي تدلل بوضوح على دور إيران وموقعها في المنطقة وتفتح صفحة جديدة في العلاقات التاريخية بين البلدين».

وتأتي هذه الزيارة في إطار تحرك عربي، وخصوصاً خليجي (سعودي وإماراتي وعماني)، باتجاه إيران في هذه المرحلة، واحتمالات هجوم عسكري على العراق، يدفع إلى الاعتقاد أن قيادات هذه الدول، تسعى لقطع الطريق على بلورة اميركية لـ «يالطا» جديدة لخريطة المنطقة، تكون بوابتها احتمالات تقسيم العراق، وهو ما سيساهم في ترسيخ التقسيم الجيوبوليتيكي للمنطقة.

ويبرز هذا الهاجس واضحاً في التصريحات السعودية والإيرانية وحتى السورية في التأكيد على وحدة الأراضي العراقية ومعارضة أي هجوم عسكري عليه. وعبر الرئيس محمد خاتمي عن ذلك بكل وضوح عندما أكد لدى استقباله ملك البحرين «أن إيران تعارض تقسيم العراق وستدافع عن وحدة أراضيه».

الصحف الإيرانية رأت أن الانفتاح الذي تشهده العلاقات العربية الخليجية مع الجار الشمالي على الخليج، يدل على أن معادلات جديدة في طور النشوء بينها، ما يستدعي ابتعاد كل الأطراف عن أجواء التوتر والحذر والسلبية التي كانت مسيطرة على العلاقات بينها في العقدين الماضيين، الأمر الذي يفتح المجال واسعاً على امكانات التنسيق والتعاون وتعزيز العلاقات الثنائية من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، وقطع الطريق على التدخل الأجنبي في شئونها الداخلية. وهو ما دعى إليه أيضاً مرشد الثورة آية الله السيد علي خامنئي في لقائه مع الملك البحريني بأن المنطقة تتعرض لتهديدات كبيرة مصدرها «البلطجة» الأميركية وتطاول العالم الإسلامي برمته الأمر الذي يتطلب المزيد من التعاون بين دوله، مشيراً إلى الأثر السلبي للدعاية الغربية ودروها في تخريب علاقات إيران الخليجية.

الخطوة الأبرز في نتائج الزيارة البحرينية إلى العاصمة الإيرانية هي ما تضمنه البيان المشترك الذي صدر بعد انتهاء المباحثات، وأكد على أن الجانبين يدرسان امكانية توقيع «اتفاق أمني» بين البلدين في المستقبل القريب، وهو أن تمّ، فإنه يضاف إلى المعاهدات الأمنية الأخرى الموقعة بين إيران والسعودية والكويت وقريباً جداً الإمارات، وهو ما قد يفسح المجال في المستقبل إلى إمكانية معاودة دراسة انضمام إيران لمجلس التعاون الخليجي، خصوصاً بعد التقارب الكبير بينها وبين الإمارات وارهاصات التوصل إلى حل لأزمة الجزر الثلاث بينهما. وهو ما أكد عليه العاهل البحريني من أن الوقت مناسب لتوسيع التعاون والتشاور بين الأخوة من أجل التوصل إلى هدف الحفاظ على أمن المنطقة واستقرار الخليج.

الموقف الإيراني المعارض بشدة للهجوم العسكري الأميركي على العراق، لم يسقط من اعتباراته حساسية وضع البحرين في هذا الإطار ووجود مقر الأسطول الخامس الأميركي على أراضيها، وهو موقف يدرك الجانب البحريني منطلقاته ودوافعه النظرية والعملية. فإيران ترى بوضوح أن الهدف الأساسي من الاستنفار الأميركي لن يقف عند حدود توجيه ضربة للعراق، بل سيتعداه إلى توجيه ضربة جزئية لإيران من خلال تدمير المفاعل النووي في مدينة «بوشهر» المشاطئة للخليج. وما يعني ذلك من تدمير الأحلام الإيرانية بالحصول على تكنولوجيا متقدمة في الإنتاج الكهربائي.

أكدت التصريحات الصادرة بعد المباحثات الثنائية «التي عقدت خلف أبواب مغلقة» أن الجانبين تطرقا إلى الأوضاع الأخيرة في فلسطين، وتوافقا على ضرورة التوصل إلى حل عادل ووقف الاعتداءات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، غير أن الجديد في الموقف الإيراني، الذي تكرر أخيراً خلال زيارة وزير الخارجية السعودي لطهران، وهو كلام جديد في الأدبيات السياسية الإيرانية، إذ يعد تراجعاً عن المطالبة بدولة ديمقراطية

العدد -4 - الأحد 25 أغسطس 2002م الموافق 16 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً