في السادس والعشرين من اغسطس/آب العام 1975 تم حل المجلس الوطني بعد أقل من سنتين من انعقاده لتبدأ مرحلة «قانون أمن الدولة» التي استمرت حتى فبراير/شباط 2001 وكادت تقضي على كل ما يتعلق بفطرة الانسان وحقه في العيش الكريم وممارسة حقوقه السياسية والمدنية.
بعد 27 عاماً من مرحلة قاسية انجانا الله منها بعد صراع مرير دخلنا مرحلة جديدة بدأت بالتصويت الشعبي الساحق على ميثاق العمل الوطني ثم الانتخابات البلدية، ونشارف على دخول مرحلة انتخابات نيابية. وبغض النظر عن سلبيات التعديلات الدستورية في فبراير الماضي، فإن ما حصل في البحرين من انجازات خلال سنة ونصف لم يكن سيتحقق لولا تناغم ارادة الملك من جانب وإرادة القوى الشعبية من جانب آخر في فتح صفحة جديدة لتاريخ البحرين. هذه الصفحة قد نختلف على كثير من تفاصيلها، ولكننا جميعاً نتفق على اساسياتها. وهذه الاساسيات هي الحفاظ على كرامة المواطن وعدم السماح بإهانته من اي سلطة كانت وتوفير الفرص لجميع المواطنين للمشاركة في الحياة العامة على اساس الكفاءة، وبعيداً عن اي فروقات وتمييزات عرقية أو مذهبية أو قبلية حرمها ديننا الاسلامي الحنيف وتحرمها المواثيق الدولية التي وقعت مملكة البحرين على عدد منها.
إلا ان البحرين لم توقع حتى الآن على أهم عهدين دوليين، اولهما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وثانيهما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. نعم وقعت البحرين «معاهدة مكافحة التعذيب» في العام 1998، ووقعت «المعاهدة الدولية لازالة جميع انواع التمييز العنصري» في العام 1990، ووقعت «اتفاق حقوق الطفل» في العام 1992، ووقعت في يونيو/ حزيران الماضي «المعاهدة الدولية لازالة جميع انواع التمييز ضد المرأة»، ولكن بقيت أهم الاتفاقات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من دون توقيع.
ان اهمية توقيع العهدين الدوليين المذكورين تكمن في تثبيت المرجعية الدولية للضوابط المطلوبة لتثبيت حقوق المواطن المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. والتوقيع ايضاً يوفر الارضية التي يمكن من خلالها ادارة الحوار الوطني لتعزيز المشاركة الشعبية في القرار السياسي وتعزيز الحقوق الاساسية الاخرى. والتوقيع ايضاً يوفر احد الضمانات المعنوية للحركة الاصلاحية التي بدأها عظمة الملك، وتحفز جميع القوى السياسية على الدخول في العمل السياسي العلني من داخل البحرين، ويتعزز بذلك استقرار الوطن على اساس احترام الحقوق.
بعد 27 عاماً من «قانون أمن الدولة»، كلنا (الدولة والمجتمع) بحاجة إلى التعاضد والتناصح لضمان عدم عودة الماضي
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد -4 - الأحد 25 أغسطس 2002م الموافق 16 جمادى الآخرة 1423هـ