العدد -3 - السبت 24 أغسطس 2002م الموافق 15 جمادى الآخرة 1423هـ

الوسط... حلم وطني يتحقق

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الحلم الذي حمله مثقفو البحرين منذ الثلاثينات هو قيام المؤسسات الحديثة المعتمدة على ثقافة وطنية شاملة لكل البحرينيين. وهذا الحلم هو الذي حرك أول حركة وطنية مطلبية في العام 1938، تلك الحركة التي شارك فيها رموز الشعب من مختلف الفئات المكونة للمجتمع البحريني. وبعد تلك الحركة مباشرة تأسست «جريدة البحرين» الاسبوعية في العام 1939 على يد المرحوم عبدالله الزايد. وكانت الحرب العالمية الثانية قد حتمت عليها ظروفاً قاسية ادت إلى إغلاقها في العام 1944. وتلا تلك التجربة الرائدة ظهور صحيفة «صوت البحرين» الشهرية في العام 1952، ولكنها أغلقت في العام 1955 اثناء تصاعد الانتفاضة الوطنية الكبرى بين الاعوام 1954 و1956.

وكذلك كان نصيب الصحيفة الاسبوعية «القافلة» التي صدرت في العام 1953 وأغلقت في العام 1955 لتصدر تحت مسمى آخر «الوطن» وذلك لمدة عام واحد قبل ان تغلق هي الاخرى في العام 1956. صحف اخرى ظهرت واختفت في تلك الفترة بعد صدور عدة اعداد، منها «الشعلة» و«الميزان».

كانت تلك الصحف رائدة في الخليج العربي وكانت جميعها ترفع لواء المواطنة وتدعو إلى قيام المؤسسات الحديثة التي تتطلبها اي دولة تسعى للارتباط بعالم اليوم على اسس قويمة. ومع اعلان حالة الطوارئ في ديسمبر 1956 اختفت تلك الصحف، وتراجعت مكانة البحرين الصحافية، وبدأت الثقافات الفرعية (اثنية، وطائفية، وقبلية) تطغى على الثقافة الوطنية التي تجمع كل البحرينيين.

ذلك الحلم الذي دفع رواد الحركة الوطنية في الثلاثينات والخمسينات، ودفع رواد الصحافة آنذاك، هو الذي دفع لتأسيس صحيفة «الوسط». فمباشرة بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني في فبراير/ شباط 2001 بدأت الحركة السياسية تنشط علناً داخل البحرين، وبدأت الطاقات الوطنية تتفاعل مع المستجدات وتبادر للمشاركة في العمل الوطني بشتى ألوانه وأشكاله.

كانت هناك افكار كثيرة من عدة اطراف وطنية لإصدار صحف جديدة تواكب المتغيرات وتنطلق مع الانفتاح السياسي لتعبر عن القواسم المشتركة بين جميع فئات المجتمع البحريني.

وجاء تأسيس صحيفة «الوسط» عبر التقاء ارادة عدد من وجهاء البلاد في مقدمتهم الشيخ عبدالأمير الجمري والاستاذ فاروق المؤيد لتأسيس مشروع وطني متكامل يحمل رسالة الوطن بعيداً عن الفروقات الجانبية، للمشاركة في تنمية البيئة السياسية المتطورة ولدعم مسيرة الاصلاح السياسي. ومشروع بهذا الحجم من الطموح لم يكن سيرى النور لولا مباركة عظمة الملك الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الذي دعم فكرة قيام صحافة مستقلة ممولة بصورة كاملة من القطاع الخاص.

وهكذا انطلق مشروع «الوسط» على اساس واضح. فالبحرين تتوسط الخليج جغرافياً، والمنطقة المشتركة بين كل البحرينيين هي منطقة «وسط» لم يتم استثمارها وتوسيعها بسبب الظروف السياسية التي مرت بها البحرين منذ العام 1956 وحتى مطلع العام 2001. وتلك الظروف السياسية هي التي دفعت باتجاه تعزيز ثقافات «فرعية»، وأصبح البعض يتجه إلى عدم الاعتراف بالآخر والسعي لنفيه عبر اثارة الضغائن وبذر الفرقة هنا وهناك.

«الوسط» تأسست في المنطقة المشتركة بين كل البحرينيين، وهي تنطلق في الدائرة الجامعة لكل الثقافات الفرعية، وهي لا تسعى لنفي اي منها، بل انها تؤمن بضرورة تكاملها لأن البحرين لا يمكن ان تتقدم إلا بتراص صفوفها وتقوية أواصر الاخوة بين جميع فئاتها ومكوناتها.

«الوسط» اذن هي الصحيفة المدافعة عن هوية وطنية جامعة ومشتركة بين جميع البحرينيين، وهي من اجل ذلك ستسعى لتغليب المحتوى والمضمون على الشعارات والشكليات، وستسعى لتوجيه الحوارات والطروحات باتجاه الحالة الوسطية العقلانية. وهي من اجل ذلك ستوفر تغطية شاملة ومعمقة لتوعية المواطنين بما يدور حولهم ولتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة وتأكيد حقوقهم الاساسية والدستورية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد -3 - السبت 24 أغسطس 2002م الموافق 15 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً