العدد 3333 - السبت 22 أكتوبر 2011م الموافق 24 ذي القعدة 1432هـ

إنقاذ الوطن على خطى «تقصي الحقائق»

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

البحرين بكل نسمة فيها تترقب بشغف تسليم لجنة تقصي الحقائق تقريرها بشأن الحوادث التي وقعت خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011 والأشهر التي تلتها بتاريخ 23 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، للملمة الأوراق التي اختلطت وتبعثرت بصورة لم يشهد لها تاريخ الوطن مثيلاً، وبات ترتيبها حاجة ماسة تتعلق باستقرار البلد وثباته وتوحيد شمل أهله.

وحتى تصيب التوصيات التي سيتمخض عنها التقرير أهدافها، فإن من الضرورة تهيئة المجتمع البحريني لمرحلة ما بعد والتخلي عن فكرة ما قبل، فما حدث مضى ولا يمكن إعادة شريط ما جرى لمنتجة المشاهد واقتطاع الجوانب السيئة منها، ولكن الأهم التعلم من الأخطاء التي وقعت لتلافيها مستقبلاً من قبل جميع الأطراف.

منذ إعلان حال السلامة الوطنية حتى هذه اللحظة، هناك حملة إعلامية منظمة يقودها كتاب، الهدف منها التذكير المستمر بمجريات الحوادث، لشحن الناس ضد بعضهم البعض، وتحفيزهم للوصول إلى مستوى أخذ الحق باليد، وهي مسألة ذات خطر مضاعف على الأمن الأهلي والسلم الاجتماعي، وهي من العوامل التي لم تساهم أبداً في ردم الرتق الطائفي الذي غذته هذه الوسائل التحريضية ولاتزال.

لا توجد حالة دنيوية تصل إلى حد الكمال مهما بلغت من رفعة وتقدم عملي حرفي على أرض الواقع، وبالتالي فالتقرير لا شك أن فيه جوانب ستعجب أطرافا ونقاطا ومحاور أخرى سيقابلها طرف آخر بشيء من عدم القبول.

وفي كل الأحوال طالما أن الجميع أدرك جدية هذه اللجنة الدولية وخبرائها، ومنحها الثقة فائتمنها على أسراره وتفاصيل يستحيل أن يبوح بها حتى لنفسه لما قد تشكله من خطر على حياته وأمنه، فمن الواجب احترام ما يصدر منها وتقبله بصدر رحب، لأن في ذلك طريقة للنجاة من حالة الانقسام والتصادم التي لا تخدم أبداً التوجه نحو الإصلاح وإنقاذ البلد من الهالة المظلمة التي وقع فيها.

الأمل معقود على هذا التقرير لإرساء دعائم قوية للمصالحة الوطنية وجبر خواطر كل من تضرر في سلامته الجسدية والنفسية، ومنع عنه رزقه وسحبت منه بعثته أو فصل من مقاعد الدراسة في الجامعات، أو تضررت مصالحه المادية، وهذه مسألة لا يمكن أن تتحقق وبيننا من يريد أن يجر العربة من الخلف لعرقلتها وإخراجها من مسارها الصحيح.

الوضع يجب أن يشهد طفرة جذرية أشبه بعصر اكتشاف الطاقة ومكونات الذرة، فتصد فيه السلطة الآذان عن المتمصلحين والمعتاشين على محارق الأزمة والذين لا يسرهم أن يشهدوا عماراً لأنهم سيخسرون المكاسب التي تحصلوا عليها والمواقع التي استأثروا بها، ويسرهم أن يبقى الحال على ما هو عليه لحصد المزيد من المغانم التي يرون فيها حقا لهم وليست حقوقا سلبت من آخرين يشاركونهم على أقل تقدير في الدين ذاته.

هناك تفسيرات وتحليلات كثيرة بدأت تتفاعل وتتزايد في الآونة الأخيرة مع اقتراب موعد تسليم التقرير في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 - والذي تأجل إلى أواخر نوفمبر - وما هي إلا مجرد استنتاجات شخصية لأفراد نابعة من اجتهادات ذاتية، وتكرارها لا ينفع مسار عمل اللجنة، بل قد يؤثر عليها ويشتتها عن الطريق التي هي ماضية فيه.

في الأيام القليلة المتبقية لإنجاز التقرير، نحتاج الخطاب العقلاني النابع من المسئولية الوطنية، لا إلى التكرار السردي لما جرى أو عقد المنتديات الطائفية والمحاكم الصحافية ومواقع صب الزيت على النار، بل إلى تهدئة النفوس ولمِّ الشمل ورص الصفوف بين كل فئات ومكونات المجتمع البحريني بلا استثناء.

لجنة تقصي الحقائق لا يمكن أن تؤدي عملها وهي واقعة تحت مؤثرات خارجية سلبية، تعمل على صرف نظرها وحرفها عن مساعيها للاستدلال على مخرج يجنب هذا الوطن وأهله ناراً تأكل ولا تذر، ودعمها وتيسير مهماتها يتطلب على أقل تقدير وقف التصريحات والخطب التي تحاول أن تكيف مخرجاتها لخدمة أهداف محدودة لا تداوي جرحاً أو توقف نزفاً.

في النهاية لا يوجد غالب أو مغلوب، ولا منتصر أو خاسر، وإنما البحرين بأسرها ستكون رابحة إن أدركت مواطن الضعف والخلل ومكامن الضرر التي تحتاج إلى معالجة، ولعل في خلاصة ما ستتوصل إليه لجنة تقصي الحقائق نجاة ووصولاً إلى بر الأمان بعد أشهر عصيبة شهد فيها الوطن تراجعات وهزات في ملفات مهمة كان قد قطع شوطاً طويلاً فيها، وآن الأوان لأن يسترجع موقعه منها، لا أن ينطلق من نقطة الصفر

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3333 - السبت 22 أكتوبر 2011م الموافق 24 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:34 م

      الرجاء

      اخى الكاتب ارجو ان تطلب من الجميع دون استثناء ء باللاقرار المسبق بالنتائج دون اى شرط والالتزلام علانية بذلك امام الشعب . ذلك هو الطريق الوحيد لقطع دابر الفتنه وفرض تسوية تاريخية بين مكونات الشعب والا لا فائدة من الكلام في العموميات وشكرا

    • زائر 5 | 11:11 ص

      سبحان الله

      ان الامر بيد الله وما يكتبه الله للعبد فيجب ان يراه اللهم لا اعتراض فمالنا إلا الدعاء وكل تأخيره فيها خيره وصلاح للعبد وتقرير بسيوني مادا سيقدم وماذا سيأخر لن نرى إلا ماكتب الله لنا فيجب ان نرى صدق ايماننا بكتبة الله وقضاء قدره ...... امينه شملوه

    • زائر 4 | 5:06 ص

      المناورات السياسية كثيرة

      ان المناورات السياسية والمطبات كثيرة قد ادركها الشارع البحريني منذ زمن بعيد وليست هي افرازت من الاحداث الماضية ، نعم قد تعمقت وتجذرت في فبراير . والخروج بنتائج ترضي وتضمد الجراح لفترة بسيطة اعتادها الشعب قد ولت ولم تعد تعطي أكلها كما كل مرة ، وهذه اللجنة قد تشفى كشربة ماء لعطشان في البيداء لبرهة لكنها لا تفى لمحو الخطط العابثة التى رسمت قبل فبراير فهي ذات ابعاد استراتيجية مدروسة بدقة ويعرفها اليوم حتى الطفل في البحرين الا وهي التجنيس السياسي الذي سرق الكعكه من كل البحرين لصالح فئة مضللة .

    • زائر 3 | 1:11 ص

      تقرير لجنة تقصي الحقائق والازمة في البحرين.

      الحل للازمة في البحرين معروف قبل تشكيل اللجنة.
      .
      وحيث أن الحل أصبح مرتبطا نوعا ما بالتقرير . كيف؟؟؟ حقيقة لا أعلم.
      .
      لكننا نتمنى ان يحاكي التقرير الازمة بواقعية ومصداقية.
      .
      فما سوف يبنى على هذا التقرير قد يكون بداية للفرج وحل الازمة وقد يكون على العكس بداية تأزيم كبيرة.
      ..
      على أي حال هي فرصة تاريخية .. نتمنى ان تستغل بالشكل التي تخدم البحرين وأهلها.

اقرأ ايضاً