انطلقت أمس أعمال «المنتدى الاقتصادي العالمي» الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط في البحر الميت بالأردن بمشاركة قدرها المنظمون بأكثر من ألف من كبار الشخصيات وصناع القرار من منظمات حكومية ومدنية مختلفة من 50 دولة، وشعار هذا العام هو «النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل في العالم العربي»، ويهدف المشاركون إلى «مناقشة الأوضاع الاقتصادية والتنموية في العالم العربي في ضوء المستجدات والمتغيرات السياسية في المنطقة، مع التركيز على تنشيط النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل».

المنتدى الاقتصادي العالمي تأسس في منتجعات «دافوس» في سويسرا في العام 1971، وهو يعقد مؤتمراً سنوياً في دافوس في بداية كل عام، ويعقد مؤتمرات إقليمية، والأردن هو المقر الاعتيادي (منذ 2003) للاجتماع الإقليمي السنوي لمنطقة الشرق الأوسط. والانتقاد الذي يوجهه البعض إلى المنتدى الاقتصادي العالمي (منتدى دافوس) أنه يمثل الرأسمالية الجديدة «نيوليبرالية»، وهي نوع من «العولمة المتوحشة» التي تنظر الى الأمور من خلال أرقام الأرباح والنمو الاقتصادي... ولكن الإنسان ليس مجرد رقم في معادلة رياضية. قد يكون هذا الانتقاد قاسياً لمنتدى دافوس؛ لأن المنتدى يتطرق أيضاً الى قضايا الاصلاح السياسي ومشاركة المجتمع في بعض محاوره.

وبهدف طرح رؤية بديلة لمستقبل العالم، أنشأ ناشطون في منظمات أهلية ما يسمى بـ «المنتدى الاجتماعي العالمي» في العام 2001، الذي عقد اجتماعه الأول في البرازيل في فترة موازية لانعقاد المؤتمر الرئيسي للمنتدى الاقتصادي العالمي. ويطرح منظمو المنتدى الاجتماعي العالمي مفهوم «العولمة الإنسانية» كبديل لهيمنة «العولمة النيوليبرالية»، التي قد تخدم نسبة قليلة من البشر على حساب الباقي.

الربيع العربي انطلق من تونس في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010، وأساليب هذا الربيع الإنساني امتدت لتطال كل بقاع الأرض، بما في ذلك قلب الرأسمالية النابض (وول ستريت في نيويورك)، حيث احتل متظاهرون أحد الميادين مستأنسين بتجربة «ميدان التحرير» المصرية، ليعلنوا احتجاجهم على جشع المؤسسات والشركات الكبرى، وهو الجشع الذي تسبب في أزمات اقتصادية وفجوة متزايدة بين الأغنياء والفقراء. ويطالب المحتجون في مختلف بقاع العالم بإصلاحات هيكلية في السياسة والاقتصاد.

«المنتدى الاقتصادي العالمي» يقيم مؤتمره الإقليمي في الشرق الأوسط، ولكن لحد الآن لم يعقد «المنتدى الاجتماعي العالمي» أي مؤتمر له في منطقتنا التي تقع على مفترق طرق مؤثر في وضع السياسة العالمية، ولعل التونسيين أو المصريين يبادرون إلى دعوة ممثلي «العولمة الإنسانية» لتنظيم مؤتمرهم المقبل في تونس أو القاهرة، وذلك لأن العرب لم يعودوا منكسي الرأس بعد أن قدموا للإنسانية جمعاء تجارب خلاقة سيخلدها التاريخ