العدد 3330 - الأربعاء 19 أكتوبر 2011م الموافق 21 ذي القعدة 1432هـ

فلسطين وتضميد جراح الأمة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أفردت صحيفة «الغارديان»، صفحتيها الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين لصورة كبيرة تختصر أفراح الفلسطينيين بعودة 477 من سجنائهم من «إسرائيل»، بحسب تقرير الـ «بي بي سي».

في الصورة يظهر أحد السجناء المفرج عنهم وقد امتطى صهوة جواد أبيض، ورفع بيده العلم الفلسطيني بُعيد خروجه من سجنه الإسرائيلي في مدينة القدس، بينما تحلََّق حوله عشرات الفلسطينيين الذين ارتسمت على وجوه معظمهم علامات الفرح والزهوِّ والانتصار.

أغلب الصحف الأخرى، احتلت صفحاتها الأولى أمس صور الجندي الأسير جلعاد شاليط، حيث أفردت مساحات واسعة لمواكبة الحدث بالخبر والتعليق والتحليل. وفي «التايمز» كتب دانيال فينكلشتاين أن صفقة تبادل السجناء تبعث برسالة خاطئة مفادها: «أسر الإسرائيليين هو السبيل إلى النجاح»! ونشر كاريكاتير ساخر يشير إلى أن الصفقة ضوء أخضر لأسر المزيد من الجنود!

وزيرة الخارجية الأميركية المرهفة المشاعر هيلاري كلينتون أعربت عن سرورها الكبير لانتهاء «محنة (الجندي البريء) جلعاد شاليط التي استمرت لفترة طويلة جداً». أما المتحدث باسم الخارجية مارك تونر فاعترف بأنهم أعربوا للحكومة الإسرائيلية عن قلقهم ومعارضتهم إطلاق بعض من شملتهم الصفقة... فالأميركان في موضوع الأسرى، وهو ملفٌ إنسانيٌ إلى حدٍّ كبير، أصبحوا أكثر إسرائيليةً من الإسرائيليين!

نيكولا ساركوزي أعرب عن سعادته الكبرى وفرحه الشديد لإطلاق شاليط، وقام بتهنئة نتنياهو. ورحّب مجلس الشيوخ الأفاضل في إيطاليا بإطلاق شاليط، فيما رحّبت روسيا بإطلاقه ومئات السجناء الفلسطينيين.

على الجانب العربي، شهدنا فرحاً شعبياً كبيراً بإطلاق سراح الفلسطينيين، وبينما خصّصت بعض الفضائيات المتعاطفة معهم الجزء الأكبر من تغطياتها لتناول الحدث، تجاهلته أغلب الفضائيات العربية الـ 800 وكأنه لم يكن.

في فلسطين المحتلة، استقبل الأسرى والسجناء المحرّرون استقبال الأبطال، سواءً في قطاع غزة أو الضفة الغربية، حيث أقيمت مهرجاناتٌ جماهيرية حاشدة، تخللها العديد من الخطب والخطباء.

إنها مرحلة الربيع العربي، الذي يشهد تفاعلاً كبيراً بين شعوب المنطقة، يتخطى الحدود والحواجز والتقسيمات. وكما حدث من تفاعلٍ وتبادلٍ للتجارب وتعميم الشعارات وطرق التعبير عن الرأي وتشابه مظاهر الاحتجاج على الظلم والاستبداد، فإن ما حدث على مستوى المقاومات كان أسبق وأعمق. حشود جماهيرية، واستعراضات حماسية، وأساليب خطابية تجدها أكثر تشابهاً هنا من أيِّ مكان آخر، فما تشاهده في فلسطين يذكّرك بما كنت تشاهده في بيروت على مدار سنوات. جيلٌ جديدٌ من المقاومات، وخطباء لم يبلغ أكثرهم الخمسين.

إنها فترة تغيرات كبرى، لن ينجو منها أحد، ولن تسلم من تداعياتها سفينة من السفن الجانحة. حتى الإسرائيليين حسبوها فعجّلوا بإتمام صفقة تبادل الأسرى وإطلاق السجناء. بلدٌ آخر في الشام أقال رئيس حكومته واستبدل مدير مخابراته، وبلدٌ آخر أعلن نيته متأخراً، تغيير الدستور للالتفاف على مطالب التغيير الذي لابد منه.

أجمل ما في الحدث الفلسطيني أنه أسهم في إعادة توحيد الصف الفلسطيني، ولو إلى حين، بعد طول فرقة وشتات. والأجمل منه ما يمكن أن يرمي به من طوق نجاةٍ للأمة في وجه من يعملون على تشتيت صفوفها وإلهائها بصراعات جانبية، طائفية ومذهبية، وتحريف بوصلة عدائها من «إسرائيل» إلى اتجاهات أخرى

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3330 - الأربعاء 19 أكتوبر 2011م الموافق 21 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:13 ص

      الفضائيات العربية تتوسع عالميا

      بعض الفضائيات العربية تتوسع عالميا حتى تصل بصوتنا وقضيتنا الى الفلبيين وتايلند والدول الغربية ليس لنزاهتنا بل لنشر الداعية والتضليل على المطالب الاصيلة لنا في فلسطين وفي اي بقعة من خارطة الوطن العربي . بل وامتد سجال وجدال هل نخلع الحجاب ام نلبسه هل هو من الدين او غير ذلك وباللغة الفرنسية والروسية والانجليزية حتى يقولوا اننا متحضرون وتوسعنا في الاسهاب والشرح للامم الاخرى عن اسباب انحطاطنا واهملنا علاج الداء من الداخل . وهل ما عندها شغل الا فضائياتنا التافهة .

    • زائر 3 | 4:24 ص

      إحراج لهذه الفضائيات

      هذ5 الفضائيات لا تريد المقاومة بل تريد الانبطاح فخروج الاسرى عن طريق المقاومةإحراج كبير لهم. وهذه الفضائيات لاتريد المقاومةلانها ضد ولي الامر اسرائيلل ةأمريكا

    • زائر 2 | 1:20 ص

      كل اناء بالذي فيه ينضح

      فعلا سيد فيه قنوات كانت تركز واجد على الحدث وتعطيه حقه. وهناك تلفزيونات راحت عليها، لانها مشغوله بشتم المواطنين والتحريض على بعض مكونات المجتمع وقطع الارزاق.

    • زائر 1 | 1:12 ص

      يا رب

      نتمنى ان تصب هذه الواقعة الماء على النار الطائفية التي يثيرها المتآمرون على الأمة. سنة وشيعة اخوان.

اقرأ ايضاً