العدد 3330 - الأربعاء 19 أكتوبر 2011م الموافق 21 ذي القعدة 1432هـ

برنار بوليه... عن نهاية الصحف ومستقبل الإعلام

يقول الصحافي الفرنسي، برنار بوليه، في كتاب ترجمه إلى العربية خالد الخالد، إن هناك عوامل عديدة تشكل خطراً على الصحف وإن كان الأمر في فرنسا أقل مما قد وصل إليه في الولايات المتحدة.

حمل الكتاب عنوان «نهاية الصحف ومستقبل الإعلام» وصدر في 221 صفحة متوسطة القطع عن وزارة التعليم العالي الملحقية الثقافية السعودية في فرنسا. وفي تلخيص للعوامل التي ذكرها برنار بوليه وقال إنها تضر بالإعلام الورقي ورد ما يأتي «تزايد في سلطة الإنترنت. انخفاض في الموازنات الإعلانية للصحف التقليدية واتجاهها نحو وسائل الإعلام الإلكترونية. عدم اهتمام جمهور الشباب بالمطبوع. تغيُّر في أنماط التفكير والقراءة لدى مجتمع المعرفة. انتصار ثقافة الحصول المجاني على كل شيء (...) هذه هي الثورة التي تعصف بالصحافة المكتوبة في كل مكان».

وبوليه صحافي معروف وهو الآن يعمل رئيساً لتحرير صحيفة «ليكسبانسيون» المتخصصة في مجال الاقتصاد. وخالد الخالد باحث أكاديمي في علوم الاتصال والإعلام في جامعة السوربون في باريس.

وقال الكاتب الفرنسي: «إلى ذلك تتزامن تحولات العصر الرقمي مع صعود قوى اقتصادية احتكارية لا ترى في الإعلام الرقمي إلا مجرد سلعة ضمن منتجات أخرى. لكنها في الواقع تصوغ مستقبل البشرية».

«أما ديمقراطية الإنترنت فقد فرضت فرزاً للإعلام من جهة معلومات غنية للأغنياء منتقاة ومنظمة ومحققة، ومن الجهة الأخرى معلومات فقيرة للفقراء مجانية وسريعة ومكرورة لكنها آلية وخاضعة للعمليات الحسابية لأباطرة الإنترنت الذين يقدمون خدمات مجانية تسمح لهم بتسجيل بيانات كل مستخدم للشبكة وتستشف ما يبحثون عنه ومن ثم تحقيق المكاسب. تفاعلات جذرية جمَّة يمر بها عالم الإعلام الذي يتغيَّر نحو آفاق أخرى قد تصيب بالذعر». إلا أن بوليه يقول في مقدمة الكتاب: «إذا كان موضوع «نهاية الصحف» والتساؤلات بشأن بقاء الصحافة الإخبارية تشكل قضية ساخنة في النقاش العام في الولايات المتحدة الأميركية منذ سنوات عديدة فإننا في فرنسا مازلنا نفضِّل الحديث عن عملية «إصلاح» أو «مرحلة انتقالية» أو «عملية تكييف» ولم نناقش حتى اللحظة فرضية إمكان اختفاء جوهر الصحف الورقية والمنعطف الذي تمر به عملية إنتاج الإعلام».

وأضاف «لاشك في أن الجميع يعترفون بأن الصحافة في أزمة وقد نبَّه إلى أهمية هذا الأمر رئيس الجهمورية الفرنسية، نيكولا ساركوزي، بإطلاقه الهيئة العامة للصحافة المكتوبة في خريف 2008؛ لكن هذه الهيئة كما هو الحال في الأسواق المالية لم تقم في نهاية المطاف بأكثر من إجراء تعديل في عملية التنظيم». «لا ينبغي القول إن الإعلام مهدَّد بالموت لأن رئيس الجمهورية لا يعتقد أنه سيأتي اليوم الذي لن يكون هناك أحد مستعداً للدفع من أجل التحليل والاستقصاء. ولا ينبغي التأكيد أن عديداً من كبريات الصحف قد تختفي قريباً لأن الاتحاد العالمي للصحف (وان) يؤكد لنا أن الصحيفة هي مؤسسة إعلامية في قمة النمو، وعلاوة على ذلك فإن رئيسنا يؤمن بمستقبل الورق».

ومضى يقول في مكان آخر: «عندما تقوم ثورة ما يجب إعادة التفكير في كل شيء. فنمط صناعة ونشر الإعلام كما عرفناه منذ قرابة قرنين وصل إلى نقطة تحول ولن يعود عما قريب إلى ما كان عليه. ولم يعد الأمر يتعلق بإجراء إصلاح من أجل المواصلة كما في السابق لكنه يتعلق باعادة اختراع. واذا تبدلت ظروف تنظيم المشهد العام؛ إذ تتواجه الآراء في ضوء الأحداث المذكورة بأوضح شكل ممكن، فهنا ستبرز قوة الديمقراطية نفسها التي يجب إعادة تعريفها».

وخلص إلى القول في هذا المجال: «يطمح هذا الكتاب إلى إجراء تشخيص دقيق ومفصَّل إلى أكبر حد ممكن لهذه التحولات والتفكير في الأجوبة العلمية التي ينبغي صوغها. ولا نقول إن جميع الصحف ستغلق أبوابها صباح الغد لكن نقول إننا دخلنا في فترة تشوش». «التشوش هو فترة التجارب وليس فترة الأفكار الوهمية. وحتى الحلم بانتقال سلمي للطباعة على الورق؛ أي الانتقال من الورق إلى الإنترنت يجب أن يناقش، فعندما يبدو انعدام مردود المواقع الإخبارية على النت (الشبكة) كما يشير إليه مراقب ثاقب فإننا نؤكد بجدية أن هذا المردود لن يتوافر على الأرجح إلا بعد فترة طويلة». «الفترات الانتقالية حتى الثورية منها تطول أحياناً ونعلم أنه من الصعب القبول بأن ينتهي عالم ما وأن نستسلم أمام رؤية اختفاء ما عرفنا حياتنا من خلاله. فتكرار أن عالما بدون صحف لا يمكن تخيله مقولة لا تعفي من تقدير حجم المشكلة دون تعلل بالأوهام من أجل التمكُّن من مواجهتها وإيجاد مخارج جديدة».

وقال: «وهذا هو معنى ومغزى سعينا. فنحن نتبع في هذا الأمر الفيلسوف جان بيير دوبي ونظريته عن «الكوارثية المستنيرة» حتى عندما نعرف أن الكارثة أمامنا فإننا لا نؤمن بما نعرف. فعدم اليقين ليس هو ما يمنعنا من التصرف؛ بل عدم إمكانية تصديق أن الاسوأ سيحدث. وبمعنى آخر، حالة واحدة لا سواها يمكنها أن تمكِّننا من مواجهة الكارثة وهي أن نعتبر أنه لا محالة من كارثة»

العدد 3330 - الأربعاء 19 أكتوبر 2011م الموافق 21 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً