ثمة مفاهيم وتوجهات مستحدثة آخذة طريقها للطرح والتداول في سياق مشهد التغيير والحراك الشعبي في البلدان العربية تماماً كما حدث في مطلع الألفية التي شهدت تدشين مشاريع الإصلاح السياسي وما استتبعه من أطروحات وبرامج من بينها مشاريع التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحقوقي للمرأة.
قد تكون أبرز الأسباب وراء انبثاق تلك التوجهات والمفاهيم، التوجسات والقلق الآخذ في التنامي عند الحقوقيين والباحثين حول الكثير من القضايا الإشكالية التي من بينها مستقبل المرأة العربية وحقوقها أثناء وبعد الثورات العربية، فضلاً عن المكتسبات التي حصلت عليها. أسئلة كثيرة تطرح ويعاد تكرارها في المنتديات وورش العمل الحالية. من تلك الأسئلة:
- لماذا شاركت المرأة العربية في الثورات والانتفاضات، هل لأجل المطالبة بالمساواة بين الجنسين، أم للمطالبة بمكتسبات حقوقية وسياسية أكثر؟، كيف كانت مشاركتها وتضحياتها؟، ما حصيلة استحقاقات النساء من بعد ذلك الحراك؟، هل سيتكرر وضع المرأة الجزائرية بعد ثورة المليون شهيد؟، كيف تقرأ النساء مستقبلهن مع واقع التغير والمراحل الانتقالية التي تمر بها المجتمعات العربية؟، أين موقع المرأة تحديداً بعد إنجاز لحظة الثورة، في الأمام أم في الخلف ولماذا؟ ...الخ تلك الأسئلة التي على ما يبدو لن تتوقف.
لهذا السبب أو ذاك بادرت في يناير/ كانون الثاني الماضي «هيئة الأمم المتحدة للمرأة» تدشين مشروع مبادئ العمل الموحدة لمشاركة المرأة في مرحلة التحول الديمقراطي، وذلك بهدف الإسراع في تحقيق أهداف الأمم المتحدة بشأن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، فكما ورد بمطوية المشروع أنها شكل من أشكال تدعيم البرامج المبتكرة والدعوة إلى تقديم الدَّعم الفني المتعلق بالحقوق الإنسانية للمرأة في جميع أنحاء العالم ولاسيما أنه يمثل جزءاً لا يتجزأ من منظومة الأمم المتحدة في مجال التنمية.
فمن وجهة نظر الهيئة؛ فإن التحولات الديمقراطية تقدم فرصاً جديدة وغير مسبوقة لتعزيز قيادة المرأة وتمكينها من الحصول على حقوقها في كل بلدان العالم التي تمر بمراحل انتقالية وتسعى نحو الديمقراطية، وهذا بالتأكيد يتطلب المطالبة بالمزيد من الحرية السياسية والمشاركة والتمثيل والمساءلة، فعلى رغم ما وضع من خطط وبرامج عمل، فإن الأهداف المبتغاة لاتزال بعيدة المنال عن فئات كثيرة من النساء والشباب والأقليات.
صحيح أن الفترة السابقة تميزت بالتقدم في بعض النواحي لصالح المرأة في بعض المناصب التمثيلية، لكن الأمم المتحدة ونحن معها نقول يتم ذلك ببطء شديد، ونضيف عليها من دون معايير واضحة ومعتمدة، إذ لا يزال متوسط تمثيل النساء في البرلمان يمثل واحدة إلى خمسة برلمانيين، ووضعهن ضعيف في هيئات صنع القرار المناصب الإدارية العليا في مجالس الوزراء أو البرلمانات أو السلطة القضائية أو البلديات، وهناك افتقار إلى المؤسسات السياسية من أحزاب وجمعيات سياسية ولجان انتخابية تفسح فرصاً للتعبير عن مصالح النساء والتطرق إليها ومعالجتها في السياسات العامة ووضعها على الأجندة وكأولوية من الأولويات، علاوة على ذلك عدم اتساق المؤسسات المعنية بالمساءلة والمحاسبة (البرلمانات) بتوفيرها لضمانات إخضاع أصحاب السلطة للمساءلة بشأن الفشل في حماية حقوق المرأة أو الاستجابة لاحتياجاتها، وبحسب رؤية الهيئة؛ فإن تهميش المرأة ومصالحها وباستمرار في مجتمعاتنا سيؤثر سلباً على استدامة النظم الديمقراطية ومكتسباتها وتصبح بالتالي مهددة بالفقدان.
وعليه؛ فإن هيئات الأمم المتحدة وبحسب ما تؤشر إليه أدبياتها وضعت مجموعة من الممارسات القياسية الموحدة التي من شأنها المساهمة في رفع مستوى قدرات المرأة على تحقيق مصالحها وبناء المساءلة العامة فيما يخص بحقوقها واعتبارها «مبادئ عمل موحدة»، تدعم الديمقراطية والإصلاحات الحكومية، بما يضمن مشاركة المرأة في جميع العمليات السياسية على أن يتم تمثيل حقوقها واحتياجاتها بشكل جوهري وإخضاع أصحاب السلطة للمساءلة أيضاً من قبل المرأة فيما يتعلق بحقوقها كإنسان ومواطن.
هذا وتتضمن مبادئ العمل الموحد لدعم مشاركة المرأة في مرحلة التحول الديمقراطي ما يأتي:
1 - الحرص على إجراء انتخابات حرة ونزيهة للنساء على أن تتصدرها قائمة مبادئ تشجع أخذ تدابير خاصة مؤقتة مثل نظام الحصص/ الكوتا، والإعفاء من رسوم الترشح ودعم وصول النساء إلى وسائل الإعلام العامة وحصولهن على الموارد العامة وفرض العقوبات على الأحزاب السياسية التي لا تمتثل لذلك بغية زيادة مشاركة المرأة كصانعة قرار كمنتخبة أو معينة، فضلا عن اتخاذ تدابير للتصدي للعوامل التي تمنع المرأة من المشاركة مثل ممارسة العنف ضدها والافتقار إلى خدمات رعاية الطفل، وتغطية وسائل الإعلام وتمويلها إعلاميّاً في الحملات الانتخابية.
2 - تشجيع الأحزاب السياسية على التطرق ومناقشة قضايا المساواة بين الجنسين، وتقديم المساعدة الفنية إليها بغرض إدماج قضايا المرأة والمساواة بين الجنسين في سياساتها وهياكلها وتعزيز قواعد السلوك الخاصة بالأحزاب السياسية بشأن معايير المساواة بين الجنسين في الانتخابات.
3 - دعم منظمات المجتمع المدني النسائية للنهوض بمصالح المرأة، وتقديم المساعدة لها لوضع جدول أعمال جماعية للسياسات سواء أكان ذلك من خلال مواثيق المرأة أم عن طريق عقد المؤتمرات القومية للمرأة قبل إجراء الانتخابات الوطنية.
4 - بناء المساءلة عن حقوق المرأة في المؤسسات العامة، وضمان أن تأخذ عمليات المراجعة الدستورية في الاعتبار تأثير تصميم المؤسسات العامة السياسية والقضائية وغيرها بما يضمن مشاركة المرأة وحقوقها، فضلاً عن ضمان المواءمة مع المعايير الدولية الخاصة بحقوقها وتعزيز آليات المساءلة والإصلاحات الخاصة بالحكم التي تعالج احتياجات المرأة كتقديم الخدمات ووضع الموازنات والوصول إلى المعلومات المستجيبة للنوع الاجتماعي.
5- تعزيز صنع السياسات والسلطة الرقابية للمرأة في المناصب العامة، وذلك بدعم المجموعات البرلمانية النسائية فضلاً عن الهياكل البرلمانية الأخرى كاللجان والمؤتمرات الحزبية لمعالجة قضية المساواة بين الجنسين.
6- تعزيز العدالة بين الجنسين، بهدف بناء العدالة الانتقالية المستجيبة للنوع الاجتماعي وإصلاح قطاع العدل لضمان توافر فقه أو فلسفة تشريعية خاصة بحقوق المرأة وتشجيع المرأة كمحامية أو قاضية أو مساعدة قانونية.
في كل الأحوال، تبقى آلية العمل الموحدة لمشاركة المرأة في مرحلة التحول الديمقراطي مشروع عمل سيضع الجميع أمام المحك وأمام تحديات لأنظمة الحكم وللنساء أنفسهن ولا شك أن نجاح هذه الآلية وتحقيق أهدافها سيكون مرهوناً بأصحاب القرار ومن يمتلك السلطة والمبادرة وحتماً بصدقية خطاب قوى المعارضة السياسية وسلوكها، الجميع منهم أمام تحديات ومساءلة في الوقت نفسه عند مقاربة ما تحقق وإلى أين ماضون في شأن ضمان حقوق المرأة ومساواتها بالرجل في الفرص وإفساح الخيارات
إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"العدد 3329 - الثلثاء 18 أكتوبر 2011م الموافق 20 ذي القعدة 1432هـ
استاذه كل الاحترام للمراءه
انها الام والاخت والبنت والزوجه استاذه بعض الاحيان عندما تقف لتسرد سيره امراءه ينتابك شعور بانك قزم امامها رغم رجولتك التى تهز الرجال تحلم ان تصل الى مستوى مناضله المفروض ان تكون رقيقه وناعمه ولاكن عندما تستوقفك مواقفها تراها اصلب من الفولاذ واقسى من الصخر هنيئا لكم ايها النساء ان يكونن منكن نساء كتلك التى تهز المهد بليمين وبليسار تهز العالم