العدد 3328 - الإثنين 17 أكتوبر 2011م الموافق 19 ذي القعدة 1432هـ

ضبط أساليب التحقيق مع المتهم مطلب حقوقي

نفيسة دعبل comments [at] alwasatnews.com

محامية بحرينية

لن أسعى لبيان ما يجب على المحقق القيام به أو فنون الاستجواب الواجب اتباعها، ولن أصادر في الوقت ذاته سلطات المحقق التقديرية أو صلاحياته في الوصول إلى الحقيقة من الشخص الذي يتم التحقيق معه. إلا أن جل ما سأركز عليه هنا هو الأساليب الشائعة في الواقع العملي والتي رصدها الفقه الجنائي وهي:

أولاً: استعمال السؤال الإيحائي:

وهذا الأسلوب قائم على قيام المحقق بتأكيد فكرة مسبقة لديه بمواجهة المستوجب للحصول منه على إقرار أو اعتراف بمقارفةدد الفعل المنسوب إليه. وبعبارة أخرى فإن السؤال الإيحائي هو سؤال عادي بطبيعته يوجهه المحقق من بين مجموعة أسئلة، ولكنه يصاغ صياغة مختلفة لتحقيق غرضه في تأكيد فكرة قيام الواقعة محل التجريم المسندة للمستجوب، كأن تتكون الإجابة من جزء من السؤال أو أن يضع المحقق المستجوب في زاوية حرجة أو ضيقة بحيث لا يجد المستجوب مفراً من أن تتضمن إجابته جزءاً من سؤال المحقق وبتكرار هذا النمط فسيقر المستجوب في نهاية الأمر بالجريمة، وحينها لن يكون الإقرار أو الاعتراف صحيحاً لأنه لن يكون صادراً عن إرادة صحيحة للمتهم وبالتالي سينعدم أحد شروط الاعتراف كما أوضحها الفقه العقابي.

ثانياً: استعمال طرق احتيالية:

وهو الأسلوب الذي تضلل به إرادة المتهم ويؤدي به إلى الإقرار أو الاعتراف، وذلك الأسلوب لا تنطبق عليه بأي حال من الأحوال قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالي فلا يعتد بالاعتراف الصادر من قبل المتهم عند استخدامه.

والطرق الاحتيالية كثيرة جداً ولكن الشائع منها هو استعمال الوسائل العملية التقليدية كالتعذيب وخلافه للتأثير على إرادة المتهم كاستدراج المتهم في الحديث وإيهامه بأن الاعتراف لصالحه وسيمنحه حريته أو أن هناك مصادر سرية قامت بالإعلام عنه وبالتالي لا محل لسكوته.

وكل تلك الأمور وغيرها يقع أمر تقدير صحتها بطبيعة الحال للمحكمة المختصة، عند إثارتها من قبل المتهم أو محاميه وإثبات وجودها.

والحقيقة التي يفترضها واقع الحال هي أن إثبات وجود تلك الأمور أمر يحمل قدراً كبيراً من الصعوبة، فقد لا يتوافر لدى المتهم أي دليل أو مستمسك يبين قيام المحقق باتباع طرق احتيالية أو استعمال أسئلة إيحائية أثناء الاستجواب، وكذلك الحال بالنسبة لمحاميه الذي يتم توكيله بمرحلة المحاكمة من دون مرحلتي الاستدلال والتحقيق.

لذا أرى شخصياً ولدرأ تلك المشكلة التي تكمن في صعوبة إثبات تلك الطرق الملتوية هي أن تقوم الجهات المعنية بالآتي ذكره حفاظاً وصوناً لإرادة المتهم أثناء مرحلتي الاستدلال والتحقيق.

أولاً: تعيين مراقبين لصحة الإجراءات تكون مهمتهم الحضور أمام جهات الاستدلال والتحقيق ومتابعة كل حالة على حدة للمتهمين الذين يسألون أو يستجوبون وكتابة تقارير أولية عن كيفية سير الاستجواب ومدى مطابقته لمبادئ حقوق الإنسان وحالة المستجوب والمحقق أثناءه، على أن يحمل ذلك التقرير قوة ثبوتية أمام القضاء.

ثانياً: تعيين اختصاصيين نفسيين للحضور بجلسات التحقيق، تكون مهمتهم كتابة تقارير عن أسلوب المحقق ومدى تأثيره النفسي على المستجوب، ويتم إرفاق ذلك التقرير بالأوراق.

ثالثاً: تعريض المتهم للفحص البسيط قبل جلسات التحقيق وبعد الانتهاء من كل جلسة وبيان حالته وخصوصاً نبض القلب وقياس الضغط وبيان الإجهاد من العدم والتي لها علاقة وثيقة بالإرادة وحريتها.

وغيرها من الأمور التي يستطيع معها المحامي الرجوع لها لبيان انعدام حرية إرادة المتهم وبالتالي بطلان الاستجواب وعدم الاعتداد بالاعتراف الصادر من المستجوب، وبالوقت ذاته فإن وجود تلك الأمور كلها أو بعض منها كما تقوم به حالياً بعض الدول كتركيا مثلاً يعزز مبادئ حقوق الإنسان

إقرأ أيضا لـ "نفيسة دعبل"

العدد 3328 - الإثنين 17 أكتوبر 2011م الموافق 19 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 1:26 م

      اتقدم للشكر للسادة المحامين وهذة الطرق يا ما جرمت ناس ابرياء وفلت المجرم من العقاب ويا ما براءت مجرمين وصاروا طلقاء بعض الالحاح المكار للمتحري او المستجوب وهزة اساليب الخدع لجس النبض وتبين بعض الحقائق وتضليل بعضها من قبل المتهم وكثرة الالحاح تجرم المتهم لانهو لا يدري ما يفعل كما يقول البعض احسن اعترف عشان الامور تمشي سريع

    • زائر 6 | 4:30 ص

      سعودي

      مقال اكثر من رائع

    • زائر 5 | 1:21 م

      طلال قاسم من اليمن

      انا أتفق مع الأخت نفيسه في جانب مما تفضلت به وهو استخدام الوسائل الماديه لانتزاع الاعترافات بكل صورها مثل التعذيب وغيره باعتباره يتعارض مع أدمية الانسان وحقوقه الشرعيه والقانونيه
      لكن بعض الاساليب الايحائيه والتي تنطوي على بعض الحيل فالاسلم هو الحكم في ذلك
      فما هو موقف الإسلام من استخدام وسائل التحايل والمداورة والتنزُّل معه ليُقرَّ على نفسه ويعترف بما جنت يداه ؟ .
      للعلماء اتجاهان في هذا الصدد :
      الاتجاه الأول : يمنع استعمال الحيلة والمداورة مع المتهم ليقر على نفسه ويعترف بالحقيقة ، وإلى هذا ذهب

    • زائر 4 | 11:41 ص

      القانون الغائب

      كل ما قلته ايتها المحامية صحيح عقلاً وقانوناً وهو المحور المهم لكن هل واقعنا في البحرين يقر بذلك في الوقت الحاضر.

    • زائر 1 | 1:10 ص

      لك مستقبل زاهر

      ما شاء الله كل يوم تجد في البحرين كفاءات جديدة بارك الله فك وصار اسمك يتداول في صفوف المحامين الاكفاء

اقرأ ايضاً