العدد 3324 - الخميس 13 أكتوبر 2011م الموافق 15 ذي القعدة 1432هـ

محاكمة يوليا تيموشينكو

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ربما لا يعرف الكثيرون اسمها أو بلدها، إلا أن المؤكد أن أغلب القراء سيتذكرون صورتها، إذ اشتهرت بأناقتها الفائقة، وتسريحتها الجميلة المعقودة فوق رأسها كالتاج الذهبي.

هذه المرأة ذات الضفائر، تولّت رئاسة الوزراء في بلادها مرتين، وأصبحت رمزاً لأوكرانيا، التي ترتبط في أذهان البعض بممرضةٍ أثيرةٍ عند معمر القذافي، وترتبط في أذهان أخرى بمسابقات ملكات الجمال وعروض الأزياء. أما هذه الأيام فسترتبط بالحكم الصادر بحق يوليا بالسجن سبع سنوات، ودفع 200 مليون دولار كتعويضات، بتهمة تجاوز حدود سلطتها عند توقيع اتفاقية الغاز مع موسكو في العام 2009.

درست تيموشينكو العلوم الاقتصادية، وعملت خبيرة اقتصادية بأحد المصانع الكبيرة، وترقت حتى عملت مديرة لبعض شركات الطاقة‏. وجاءت فرصتها الكبرى مع بروز أزمة نقص الطاقة في التسعينيات، حيث حصلت على حصة كبيرة من عقود توفير الغاز، حتى جمعت ثروة تقدر بالمليارات، وحامت حولها الشبهات بدفع رشاوى لتمرير الصفقات.

سياسياً بدأت مسيرتها العام 1997، بانتخابها عضواً في البرلمان، وبعد عامين أصبحت نائب رئيس الوزراء، وسجنت لأول مرة العام 2001، حيث قضت شهرين، بتهمة متصلة بالغاز ظلت تلاحقها حتى أقفلت العام 2004. وتحوّلت على إثرها إلى صفوف المعارضة، وشاركت بفعالية في قيادة «الثورة البرتقالية» في 2007 التي ساندها الغرب، حيث استبدلت صورتها من شخصية ثرية انتهازية، إلى رمزٍ للمقاومة والتصدي للدكتاتورية.

في العام 2010 خسرت في الانتخابات، ليبدأ فصل جديد من الصراع السياسي مع منافسيها، إذ قدمت للمحاكمة مرةً أخرى، وصدر عليها الحكم يوم الثلثاء الماضي، فسارعت إلى التنديد بالحكم، ووصفته بالحكم السياسي.

بعض المحللين يتحدّث عن كيد سياسي، بسبب رغبة غريمها الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في إبعادها عن حلبة المنافسة وإخراجها من الساحة.

هذا الحكم «المسيّس» أثار ردود فعل خارجية غاضبة، وخصوصاً من المحيط الأوروبي، الذي دعا سلطات أوكرانيا إلى الالتزام بقيم ومبادئ الثورة الديمقراطية، من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والقضاء النزيه. وهدّد بعض الأوروبيين بأن يؤثر الحكم على اتفاق الشراكة مع أوكرانيا، بما قد يصل إلى الطلاق.

المنسقة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون قالت إن «الحكم جاء بعد محاكمة لم تحترم المعايير الدولية بشأن عملية قانونية عادلة وشفافة ومستقلة، ما يؤكد تطبيق العدالة بشكل انتقائي في محاكمات ذات دوافع سياسية على قادة المعارضة». واعتبرت أن طريقة تعامل السلطات الأوكرانية مع المبادئ العالمية وسيادة القانون ستكون لها تداعيات كبيرة على العلاقات الثنائية، بما فيها إبرام اتفاق الشراكة والتجارة الحرّة. أما رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو فقال من باب التوبيخ الضمني: «نتوقع أن تحافظ أوكرانيا على حقوق الإنسان واستقلال القضاء».

ولم تقتصر هذه الغضبة على الاتحاد الأوروبي، الذي هدّد بتضرّر الاتفاقات الاقتصادية إذا سجنت تيموشينكو أو مُنعت من خوض الانتخابات... بل تعدّت إلى روسيا، حيث أبدى رئيس حكومتها (بوتين) استغرابه من الحكم، فهو لم يسمع في حياته بسجن رئيسة وزراء من قبل. وقال: «أنا لا أفهم لماذا الحكم بسجنها 7 سنوات... على رغم أنها ليست صديقةً لنا، بل كانت سياسيةً غربية الميول».

كانت أوكرانيا تُذكر بالثورة البرتقالية، والآن عادت لتُذكَر بسجن رئيسة وزرائها الشقراء ذات الضفائر المعقودة كالتاج الذهبي الجميل

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3324 - الخميس 13 أكتوبر 2011م الموافق 15 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 1:06 م

      نريد خداما لا حكاما للشعب

      الشعوب تريد الحرية التعددية الفكرية تريد ان يكون الشعب هو الذي يحكم اي انه يختار حكامه من يحقق رغبانه وطحومانه ويعزلهم اذا عجزوا عن القيام بواجبه وانجاز مهمته ويحاسبهم ويعاقبهم اذا قصروا
      اي الشعب هو السيد والحاكم هو الخادم فالحاكم والشعب مثل عائلة برجوازية تختار خادم يخدمها فهذا الخادم يعمل وفق توجيهات العائلة ووفق رغباتها وكل ما يسعدها ويريحها والويل كل الويل للعائلة اذا اصبح الخادم هو الامر الناهي فمصير هذه العائلة الفساد ثم الانهيار والهلاك وهذه الحقيقة تنطبق على الشعوب فالويل لها اذا كان ذلك

    • زائر 8 | 9:00 ص

      العبر

      ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار

    • زائر 6 | 8:42 ص

      اما انا

      انا ما ادري ليش لما قرأت المقال تذكرت رولا الصفار.

    • زائر 5 | 4:41 ص

      للأسف الشديد

      أنك تجد في زماننا من يدافع عن الفساد والمفسدين!!!
      اللهم عج لولي امرك الفرج

    • زائر 3 | 3:25 ص

      شيفشنكو

      استاذ اني اذكر اوكرانيا بالفتى الذهبي اندريه شيفشنكو ..:) مقال جميل

اقرأ ايضاً