هاجم مفجّر انتحاري يوم أحد كنيسة في سولو بإندونيسيا فقتل مصلٍّ واحد على الأقل وجرح كثيرين آخرين. لقد كان لإندونيسيا، وهي أمة علمانية، تاريخ طويل من التسامح الديني فيما يتعلق بالأقليات. ولكن منذ هجمات بالي العام 2002، التي كان الدين هو الحافز وراءها، أصبح التساؤل عن العلاقة بين الدين والعنف أمراً حاسماً.
هل الدين وحده يمكن أن يحفز الأفراد على ارتكاب العنف؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل تعتبر المؤسسات المرتكزة على الدين مسئولة بالارتباط؟
يقترح بعض العلماء أن الدين هو في الواقع مصدر للعنف. كتب مارك جويرغينزماير، عالم جامعة سانتا باربارا الذي يدرّس العنف الديني وحل النزاع العام 2000 أن الدين يعطي بعض الناس التبرير الأخلاقي لقتل الآخرين من خلال توفير الأعراف والرموز، وبعضها يضفي الشيطانية على الآخر، والتي تجعل أعمال سفك الدماء والإرهاب ممكنة. في هذا المضمون، يعتبر العنف عملاً دينياً. كتب كذلك بروس لورنس، أستاذ العلوم الإنسانية بجامعة ديوك العام 1989 أن المتطرفين محفزون دينياً لتشجيع رؤية التجديد الإلهي.
يظهر أن هذه الديانات تفسر الشعبية المتزايدة للجماعات الأصولية الدينية وظهور الزعماء الدينيين المتطرفين والجماعات الدينية العنفية في الكثير من بقاع العالم، وبالتأكيد في إندونيسيا. لسوء الحظ أن العنف الديني انتشر هنا هذه السنة.
في حادث مأساوي في كيكيوسك، وهي مدينة في مقاطعة بانتان في جاوا، هاجم المسلمون منزل عضو في مجتمع الأحمدية تاركين ثلاثة قتلى. كذلك كانت هناك هجمات على مدرسة دينية داخلية تديرها مؤسسة المدارس الدينية في بسوروان بجاوا الشرقية يوم 15 فبراير/ شباط من قبل جماعة مسلمة. كما كانت هناك هجمة أخرى على المؤتمر العالمي لحقوق المثليين استضافته منظمة المثليين نوسانتارا في سوربايا في شهر مارس/ آذار من قبل مجموعة مسلمة متطرفة أخرى.
جرى إلقاء اللوم في العالم المسلم بسبب هذه الظاهرة العنفية التي تدّعي أنها باسم الدين، أحياناً على التعاليم السلفية والوهابية، التي ترفضها مدارس الفكر الإسلامية الأخرى على أنها «غير نقية» إلى درجة كونها تدنيسية، وبالتالي يناقش البعض أنهم يعتبرون أتباع مدارس الفكر هذه أهدافاً مشروعة للعنف.
ولكن الواقع هو أن الجمع بين التعاليم السلفية والوهابية مع العنف يشكل ردة فعل زائدة ورؤية خاطئة كبرى للأعداد الكبيرة من الأتباع في كلا المعسكرين، الذين يرفضون العنف. تظهر دراسات مجموعة الأزمات الدولية العام 2004 في إندونيسيا أنه في حالات معينة، قد تشكل السلفية في الواقع عائقاً أمام التطرف العنفي وليس ميسّراً له.
يقول فاتا مكمن، زعيم مدرسة دينية داخلية كبيرة في وسط جاوا إن التعاليم الوهابية، وخاصة تلك المتعلقة بالمفهوم الإسلامي الذي يعتبر الله تعالى واحداً وفريداً، أدت بالطلبة لأن يطوّروا عقيدة أقوى وأن يعتنقوا الصبر والتسامح وأن يصلوا بصدق وأن يشاركوا بسلوك إيجابي لاعنفي آخر. ويؤكد مكمن أن التعاليم الوهابية الحقيقية تمنع إزعاج المسلمين الآخرين أو قتلهم.
ويقول أحماس فايز، الذي يدير مدرسة الإمام بخاري السلفية الدينية الداخلية في سولو إنه لا يوافق على الإرهاب والعنف الذي يحفزه الدين، مناقشاً بأن التطرف والعنف يستخدمه هؤلاء الذين يستخدمون المعايير الإسلامية لشرعنة التصرفات الشخصية الخاطئة.
تتكامل التعاليم عن التسامح واحترام غير المسلمين وغيرها من النواحي السلمية للإسلام في مناهج المدرستين. تجري مدرسة مكمن الدينية حلقات دراسية حول الحوار الديني وترسل طلاباً لتعليم علاقات الديانات السلمية في المجتمعات المجاورة ويشجع الطلبة على الاستمرار في تعليمهم في الجامعات العلمانية وكذلك الإسلامية.
تمنع الكثير من الآيات القرآنية، مثل تلك التي في سورة المائدة وسورة الحجرات من القرآن الكريم، تمنع المسلمين بشدة من السخرية من الآخرين وإحراجهم وتصويرهم نمطياً أو الحث على العنف أو ارتكابه. تناقض أعمال العنف الأخيرة في إندونيسيا هذه الآيات، ويرتكبها أناس مضلَّلون. القرآن الكريم لا يشجع على العنف وإنما يشجع الناس على بناء مجتمعات سلمية محترمة.
إلقاء اللوم على التعاليم الوهابية والسلفية بسبب أعمال الإرهاب العنفية هو أمر غير عادل ويخالف هذه الآيات القرآنية. تماماً كما هو الحال في المؤسسات التي ترتكز على الدين في إندونيسيا، يتم تدريس الطلبة في الكثير من المدارس ذات التوجهات الوهابية هذه الآيات التي تؤدي بهم إلى احترام الآخرين والعيش معاً بتناغم ومقاومة الدعاية المتطرفة.
مثل معظمنا، يؤمن الوهابيون والسلفيون بأن العنف باسم الدين هو ببساطة غير ديني
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3323 - الأربعاء 12 أكتوبر 2011م الموافق 14 ذي القعدة 1432هـ