العدد 3322 - الثلثاء 11 أكتوبر 2011م الموافق 13 ذي القعدة 1432هـ

اجتذاب الكفاءات في الدنمارك

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

فاز الحزب الاشتراكي الديمقراطي قبل ثلاثة أسابيع في الانتخابات بالدنمارك، وتولت زعيمة الحزب (هيل ثورنينغ - شميت) سلمياً منصب رئاسة الوزراء، دون مظاهرات ولا سفك دماء.

رئيس الحزب الآخر اعترف بهزيمته، واتصل بغريمته وهنأها بالفوز، بينما صرحت أمام أنصارها أنهم سطروا تاريخاً جديداً. وكانت قد تعهّدت أثناء حملتها الانتخابية بتعديل القوانين المشدّدة على الهجرة التي أقرتها حكومة حزب المحافظين المنصرفة من الحكم.

هذه القوانين كانت ومازالت مثار جدل في الدنمارك، وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي الذي يميل إلى فرض قوانين أكثر تشدداً. ومع أن أوروبا أصدرت في العقد الأخير قوانين طاردة للمهاجرين، إلا أن القانون الدنماركي الجديد لم يفتح الباب على مصراعيه لمن هبّ ودبّ من المهاجرين.

الفكرة الأساسية في هذا القانون الاقتصار على استقبال المهاجرين «النخبة»، من حملة الشهادات الجامعية، فلا يتم قبول أي مهاجر لا يحمل شهادة الماجستير. ومن الشروط إجادة إحدى اللغات العالمية الرئيسية، ليتمكن المهاجر من التواصل مع المحيط الحضاري الأوروبي بإحدى لغاته... أما شرط تعلّم اللغة الدنماركية فقد تمّ التخلي عنه مؤخراً.

الدنمارك من الدول الاسكندنافية الواقعة شمال أوروبا، وهي أرخبيل يتكوّن من شبه جزيرة رئيسية، تحيطها مئات الجزر الصغيرة الأخرى. ونظامها ملكي دستوري برلماني، وتعتبر دولة رعاية اجتماعية رائدة ومستوى الدخل فيها من أعلى المستويات. واعتبرتها بعض الدراسات «أسعد مكان في العالم»، اعتماداً على معايير علمية محددة كالصحة والتعليم، وهي على صغرها عضوٌ مؤسسٌ في حلف الناتو. وهي من الدول الأقل فساداً، بحسب مؤشر الفساد العالمي، إذ تأتي مباشرةً بعد نيوزيلندا.

رغم هذه الخلفية والبنية الاقتصادية القوية، فإن موضوع الهجرة عاملٌ مهمٌ في سياساتها، رغم أن المهاجرين لم يزيدوا على عشرة في المئة العام الماضي، بينما شهدت بلادنا انقلاب النسبة لأول مرة في تاريخها لصالح المهاجرين. وقد أصبح البحرينيون جميعاً أقليةً في بلادهم، أمام كتل بشرية كبيرة من جنسيات شتى، مع عمليات تجنيس نشطة خلال العقد الأخير.

في الدنمارك أغلب المهاجرين من أصول أوروبية، بالخصوص من الدول الاسكندنافية، ومع ذلك كانت تُفرض عليهم شروط يتم تسجيلها كنقاط، يتم بموجبها منح شروط الإقامة. ومن بين هذه الشروط العمل في الدنمارك لمدة ثلاث سنوات متواصلة دون انقطاع، إضافة إلى اشتراط أن يكون العمل بدوام كامل (وليس فري فيزا)، وهو شرطٌ يصعب توافره بسبب المشاكل التي مرّ بها سوق العمل وصعوبة الحصول على وظيفة مضمونة وثابتة. هذه الاشتراطات نجحت في الحد من الهجرة بنسبة 70 في المئة في العقد الأخير، بينما تم فتح الباب على مصراعيه خلال الفترة نفسها، حتى صرّح سفير دولة آسيوية واحدة أن مواطنيه تجاوزوا 300 ألف، وهو نصف مجموع المواطنين البحرينيين.

اليوم، مع كل هذا الهياج والتمادي في تشطير المجتمع وتقسيمه إلى مكوّناته الصغيرة الأولى، لا يسأل أحدٌ عن مفاعيل سياسات الهجرة، والمدارس التي انخفض عدد طلبة الفصل فيها في الثمانينات إلى العشرين، عادت لترتفع في السنوات الأخيرة لتتجاوز الثلاثين. وهذا العام شهدت بعض المدارس ارتفاع عدد فصولها إلى أربعين طالباً. في الدنمارك يضعون ألف شرط وشرط على موضوع الهجرة... وذلك من أجل اجتذاب الكفاءات، وليس كل من هب ودب

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3322 - الثلثاء 11 أكتوبر 2011م الموافق 13 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 4:02 ص

      هلووووو حبيبي تسلم

      مقال صح في الوقت المناسب ياستادي العزيز خلي يفهموووون عاد

    • زائر 12 | 2:48 ص

      القيم في الإنسان أم الإنسان في القيم

      هل بالمال والأعمال، أم بالصناعة والتجارة، يقيم رقي المجتمعات من دونه؟
      فعند ما يكون الميزان هو الإنسان ماذا ينتج؟ متى ما كان المجتمع قادر على احترام كل فرد من أفراده ليس على أساس الجنس أو العرق ... عندها يطرح السؤال بما يسمو الفرد في المجتمع؟؟. هذا يمكن معرفة من التشريع الرئيسي " إن الله كرم بني آدم ... ورفع بعضهم إما بالعلم أو بالعمل الصالح.. فبما رفع قارون؟؟؟ فلا حرج أن يكرم الإنسان لإنسانيته، مضافاً الى ذلك علمه وعمله الذي يرفعه..
      فالاحترام رأس القيم!!

    • زائر 11 | 2:44 ص

      رائع

      مقال رائع.. تسلم يمينك أستاذنا..قبول كل من هب ودب على ربوع هذه الأرض هو السبب في جميع المشاكل التي نعيشها حاليا من بطالة وضعف مخرجات التعليم وبطئ الحصول على وحدات سكنية وقروض، أضف على ذلك تفشي الجريمة وتراجع الوازع الديني والأخلاقي..

    • زائر 10 | 2:43 ص

      لو

      لو ان مملكتنا الحبيبة عملت بهذا القانون لا تقبل الا المهاجرين ذوي الكفاءات والشهادات لكنا في مصاف الدول المتقدمة ولكن للأسف في عالمنا العربي المواطنين ذوي الكفاءات والشهادات لا يقدرون فيهربون منها للخارج وتظل الدولة تعاني من الجهل والفساد

    • زائر 9 | 2:42 ص

      نحن اصبحنا "من هب و دب"

      اذهبوا الى المعهد الوطني الوحيد و المعهد الاكبر في البحرين
      لترى العجب موظفين جدد منذ شهر فقط وصلوا لا يملكون الشهادات و لا الخبرات و لا المهارات التي يملكها الموظفين البحرينيين ولكن رواتبهم اعلى!
      هناك بيئة جاذبة و هنا بيئة طاردة

    • زائر 8 | 2:15 ص

      مفصولين البحرين

      كفاءات البحرين معطلة عن العمل ومفصولة فصل تعسفي


      الا من مجيب ....

    • زائر 3 | 12:35 ص

      ماجستير

      قررت ادرس ماجستير عشان أهاجر لـ«أسعد مكان في العالم»

    • زائر 2 | 12:28 ص

      التجربة الدنماركية

      الرجاء من الكاتب ومن جميع المعلقين عدم الخوض في مثل هذا الموضوع قبل مشاهدة فيلم (التجربة الدنماركية ) بطولة عادل امام ونيكول سابا! مع الشكر

اقرأ ايضاً