دخلت أزمة النظافة القائمة في منطقتي السنابس والبلاد القديم وبعض المناطق المحيطة بها، شهرها الثاني، بعد امتناع شركة النظافة الموكلة إليها المهمات على صعيد محافظة العاصمة عن تولي أعمال انتشال القمامة وكنس الطرقات، بحجة رغبتها في الحفاظ على أرواح العمال من التعدي والتهديد من قبل الأهالي والمحتجين.

واقتصر موقف بلدية العاصمة ممثلة عن وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني، في إبلاغ المجلس البلدي خلال جلسته الاعتيادية الثالثة من الدور الثاني للفصل التشريعي الثالث التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي، بضرورة وقف الأحداث والاحتجاجات الأمنية في المنطقتين من أجل عودة استئناف الشركة أعمالها بصورة اعتيادية.

يأتي ذلك في الوقت الذي استمرت فيه جهود الأهالي لانتشال القمامة وكنس بعض الطرقات الفرعية بداخل الأحياء السكنية بالمنطقتين المذكورتين، علاوة على قيام شركة النظافة البديلة التي تعاقدت معها كتلة الوفاق البلدية بالتنسيق مع مجلس بلدي العاصمة، بتوفير حاويات كبيرة لتجميع القمامة ونقلها لخارج المنطقتين أو لمكب النفايات بمنطقة عسكر.

واقتصرت جهود شركة النظافة في إزالة أكوام القمامة التي يجمعها الأهالي في الساحات المفتوحة والأرصفة العامة بخارج المنطقتين، حيث تعكف الشركة على إزالة هذه الأكوام في كل يومين أو ثلاثة، في حين لم تقم بالدخول منذ بداية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.

وبذلك، فقد فشلت جهود مجلس بلدي العاصمة مع شركة النظافة والبلدية لعودة تولي الشركة مهمات التنظيف وانتشال القمامة بصورة اعتيادية من السنابس والبلاد القديم، وذلك على رغم عدة مقترحات قدمها المجلس للشركة، حيث شدد مدير عام البلدية يوسف الغتم على ضرورة توقف الأحداث في المنطقتين من أجل استئناف الشركة أعمالها مجدداً.

من جهته، علق عضو الدائرة الثامنة (البلاد القديم) صادق البصري، بقوله: «إذا كان ادعاء الشركة بتعرض العمال للضرب والتهديد فعلى الشركة أن تثبت ذلك، وخصوصاً أن ممثلي الدوائر المتضررة لم يثبت لهما ذلك، كما أن وقت إخراج المخلفات عادة ما يكون خالياً من الأحداث الأمنية، ولو حدث أي اعتداء للعمال فنحن نسأل عن التواصل الذي من المفترض أن يكون بين المجلس البلدي والبلدية والشركة لمعالجة الوضع قبل أي قرار بوقف الأعمال».

وذكر البصري أن «العقد ينص على أن الشركة ملزمة بالنظافة تحت أي ظرف من الظروف ومنها الأحداث، وهذه نتيجة تم تداركها في العقد السابق مع الشركة بعد أن شهدت البلاد الأزمة الأمنية، فالعقد تم تعديله للحفاظ على مستوى النظافة من خلال تضمينه بندا خاصا عن الأحداث، ما يعني أن الشركة ملزمة بعملها ما لم تتسلم كتاباً خطياً من المدير العام».

وأضاف العضو البلدي «نستغرب من تهرب البلدية من الموضوع، حتى أن المدير العام اقتصر موقفه في إبداء عدم رغبته في بقاء المناطق على ما هي عليه من أوساخ مكدسة وقمامة متناثرة، كما أن لجنة الخدمات أخطأت حين اجتمعت مع مشرف النظافة الذي لا يملك القرار، وكان الأولى باللجنة أن ترفض أن تستقبل هذا الشخص، فمدير الإدارة أو رئيس القسم هو الشخص المعني بالموضوع والذي بإمكانه إعطاء إجابات عن الأزمة، كما أن الصمت المطبق من الوزارة أمر غريب للغاية، ونعتقد بوجود شراكة بين وزارة شئون البلديات والزراعة والمدير العام وأطرافاً أخرى في الأزمة».

وطالب البصري المجلس بالتوجه نحو إيقاف الشيك الشهري للشركة مقابل الإضرار بالوطن خلال المدة التي توقف فيها العمل.

من جانبه، بيَّن رئيس المجلس البلدي، مجيد ميلاد، أن «هناك مناطق تشهد أحداثاً أكثر سخونة من البلاد القديم والسنابس ولم تتوقف فيها أعمال النظافة، وبالتالي فحجة البلدية واهية وهناك مؤامرة لتوسيخ العاصمة ومؤامرة لتطبيق العقاب الجماعي على الناس انطلاقاً من قرار سياسي».

وأهاب رئيس بلدي العاصمة بالأهالي في السنابس والبلاد القديم التعاون جميعاً اليوم الأحد في تولي أعمال كنس الطرقات وإن كان على صعيد ضيق كل أمام منزله أو محله التجاري، على أن تجمع النفايات المكنوسة في المناطق المعتمدة لتجميع أكياس القمامة والأوساخ من اجل سهولة انتشالها من جانب اللجان الأهلية وشركة النظافة.

وأبدى ميلاد ثقته في قدرة الأهالي بالمنطقتين على «إثبات الحس الوطني والوعي الكافي للمسئولين بوزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني وبلدية العاصمة إزاء النظافة والحفاظ على مكتسبات منطقتهم، وخصوصاً في ظل وجود قرار سياسي أدى إلى امتناع الشركة الأساسية عن تولي مهماتها لأكثر من 3 أسابيع في المنطقتين».

وقال رئيس بلدي العاصمة «الأهالي على قدر كبير من الوعي والثقافة التي تخولهم للحفاظ على مناطقهم، ولن تستطيع الوزارة والبلدية بمسئوليها جميعاً كسب رهان وطنية الأهالي على حساب تشويه سمعتهم وصورتهم إعلامياً بناءً على توجهات سياسية بحتة»، منوهاً إلى أن «على المشاركين في أي احتجاجات أو تظاهرات عدم إقحام الحاويات المخصصة للقمامة إن وجدت وكذلك القمامة نفسها في أي أعمال سواء كانت لغلق الشوارع أم غيرها».

وأكد ميلاد أن «الأهالي والمجلس البلدي سيثبتون لوزارة شئون البلديات والبلدية خلال الأيام المقبلة حجم المسئولية التي يستطيعون تحملها بمقابل الجهود الحثيثة لزيادة الاستفزاز وتشكيل الضغط النفسي على الأهالي بهدف إجراء تأديبي»، مضيفاً أن «الوزارة والبلدية تسببتا في تعقيد حل الأزمة السياسية وتوسعة الفجوة سواء بين المواطنين والحكومة عموماً على خلفية الأحداث التي تشهدها البلاد، أم على صعيد المجلس البلدي والوزارة»