سادت الضجة والحماسة الإعلام الاجتماعي بعد قرار العاهل السعودي الملك عبدالله الأخير تعيين نساء في مجلس الشورى والسماح للمرأة بالتصويت والترشّح لانتخابات العام 2015 البلدية. كان حق الانتخاب وشغل مناصب حكومية على رأس مطالب المرأة السعودية خلال العقد الماضي، وجرى بحثهما بشكل واسع في الإعلام الاجتماعي التقليدي.
إذا دخلت عالم الإعلام الاجتماعي وبحثت عن النساء السعوديات فسترى أنهن يناقشن في السياسة والاقتصاد والدين والأدب والبرامج التلفزيونية ومواضيع متنوعة أخرى، وليس فقط في الأمور التي تخص المرأة. في الحقيقة، هن يناقشن أموراً قد تكون أنت افترضت أنهن لا يعرفنها نتيجة لمشاهدتك البرامج التلفزيونية السعودية أو قراءة الصحف السعودية، حيث يتم بشكل عام تجاهل آراء المرأة السعودية.
بدأ الأمر قبل سنوات قليلة عندما عملت الكاتبات من النساء، وقد أصابهن الإحباط نتيجة للرقابة والقيود في الإعلام التقليدي على إيجاد مدونات خاصة بهن ومواقع إلكترونية للتعبير عن آرائهن بحرية أكبر.
وبدخول الفيسبوك والتويتر واليوتيوب وغيرها من مجالات الإعلام إلى الساحة، أصبح من السهل تبادل الآراء بسرعة ونشر الوعي وإطلاق الحملات للمطالبة بحقوق المرأة.
حصلت حملة حق المرأة في القيادة (Women2Drive) على الفيسبوك والتويتر والفيديو الذي تم تحميله على اليوتيوب من قبل الناشطة منال الشريف والذي تقود فيه سيارتها وتحث السعوديات على الحصول على حق القيادة، على اهتمام واسع وأعادت إشعال قوة الاندفاع حول قضية غابت عن الإعلام لبعض الوقت.
أوجدت الكاتبات والناشطات السعوديات مجموعات على الياهو والغوغل للتشارك في المقالات أو القصص الإخبارية وتبادل الآراء وتدوير العرائض واتخاذ قرارات عن الاستراتيجيات في التعامل مع المشاكل الرئيسية. هذه المجموعات مفتوحة فقط للأعضاء، ومن غير المحتمل أن تحصل المشاركات فيها على اهتمام غير مرغوب به، مثلما يحصل مع أتباع مواقع الإعلام الاجتماعي المفتوحة.
كما أن للإعلام الجديد فائدة أخرى، فقد أجبر الإعلام التقليدي على التعامل مع قضايا كان من الممكن أن يترددوا في التعامل معها في السابق، وخاصة قضايا المرأة.
تتعرّض وسائل الإعلام التقليدي، وهي تزداد قلقاً بشأن القرار وأثره، للضغط لمواكبة مطالب الجمهور بمنتديات أكثر حرية وشجاعة. تنظر وسائل الإعلام التقليدي أكثر فأكثر باتجاه الإعلام الجديد لقياس الآراء وإبراز مواضيع مهمة لقرائها.
إلا أن للإعلام الجديد سلبياته، ففي مساحة لا حدود لها ولا قيود عليها كهذه، حيث تدور كل أنواع المعلومات والآراء، من السهولة بمكان نشر الإشاعات والمعلومات المغلوطة.
ومن السلبيات الأخرى أن الحملات في العالم الظاهري لا تضمن النجاح أو تترجَم بالضرورة إلى أعمال، كما رأينا في الحملة الأخيرة لتشجيع النساء في السعودية على قيادة السيارات يوم 17 يوليو/ تموز. قلّة من السعوديات قمن في الواقع بتلبية النداء، الذي انطلق عبر الإعلام الاجتماعي لقيادة سياراتهن ذلك اليوم. يمكن لخليط من حملات نشر الوعي في الإعلام التقليدي والجديد ونشاطات التأثير على المؤسسات وكبار المسئولين الحكوميين أن تكون أكثر فاعلية في تحقيق التغيير الحقيقي القادر على البقاء.
أما التغطية الإعلامية الغربية للمرأة السعودية فهو سيف ذو حدين. وعلى رغم أن الإعلام الغربي ينزع لأن يكون نمطياً وسطحياً في تغطيته للمرأة السعودية، إذ يغطي بالدرجة الأولى منعها قيادة السيارة ولبس الحجاب والتمييز في النوع الاجتماعي، إلا أنه يركز الانتباه الدولي على قضايا المرأة، الأمر الذي يشكّل ضغطاً على السلطات. ظهرت هذه الدينامية بوضوح في الكثير من القضايا البارزة، مثل المرأة التي تم تطليقها قسراً من زوجها بسبب «عدم تجانس وراثي»، على رغم أنها كانت سعيدة في زواجها ولها طفلان. أودعت المرأة السجن وجرت تغطية القضية بشكل واسع من قبل الإعلام الوطني والعالمي. بعد سنتين في السجن، حصلت المرأة على عفو ملكي وعادت إلى زوجها وعائلتها.
أصبحت وسائل الإعلام السعودية أكثر شجاعة في السنوات الأخيرة فتعاملت مع قضايا خلافية، بما فيها قضايا المرأة. وأصبحت وسائل الإعلام المحلية هي الأولى أحياناً في تغطية معظم، إن لم يكن جميع القضايا التي يُغطّيها الإعلام الدولي. إلا أن غياب النساء عن عملية صنع القرار والمراكز التحريرية الكبرى يحدد من رأيهن في كيفية تغطية قضايا المرأة وعرضها.
نتيجة لذلك تبقى المدونات والإعلام الاجتماعي الوسائل الأكثر شيوعاً حيث تستطيع المرأة السعودية التعبير عن نفسها، متجاوزة بقايا الرقابة في الإعلام السعودي والأساليب المريبة التي يؤطر بها الإعلام الغربي أحياناً القضايا المطروحة. تركز حملة إلكترونية جديدة بدأت تحصل على الدعم والاهتمام على إلغاء وصاية قريب ذكر على شئون المرأة الرسمية والشخصية وفي مجال الأعمال، وهي قضية تشعر الكثير من النساء السعوديات أنها في قلب التفرقة وغياب العدالة التي يعانين منها.
إنها مجرد بداية، ولكن حتى تحصل هذه الحملة الإلكترونية على موطئ قدم في العالم الحقيقي، فإنها يجب أن تصل إلى الإعلام التقليدي وأن ينتج عنها عمل حقيقي من خلال مجتمع مدني ناشط
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3318 - الجمعة 07 أكتوبر 2011م الموافق 09 ذي القعدة 1432هـ
لإجابة على سؤال كهذا أجد أن هناك مشكلات مزمنة وحلها
الإعلام لا تزال قاصرة وتعالج بطرق سطحية فالإعلانات مثلاً تكون المرأة فيها غالباً النبض والشكل ويقدم الإعلان المرأة شكلاً بعيداً عن الصورة التي تطمح إليها بحيث تكون أكثر إنسانيةً ولكن تلك الصورة الإنسانية لن تتحقق إلا عبر معالجة جدية لقضايا .