شقت قوات الحكومة الليبية طريقها شارعاً تلو الآخر لتدخل وسط مدينة سرت (مسقط رأس معمر القذافي) أمس الأربعاء (5 أكتوبر/ تشرين الأول 2011) بعد أن قال قادة ميدانيون إن معركة السيطرة على المدينة دخلت ساعاتها الأخيرة.
والسيطرة على سرت لها أهمية رمزية كبيرة للحكام الجدد في ليبيا لأن ذلك سيعني السيطرة على أكبر جيب مقاومة موال للقذافي وسيسمح للحكومة المؤقتة بإجراء عملية انتخابات ديمقراطية. وكانت تكلفة المعركة للسيطرة على المدينة باهظة في صفوف المدنيين. فقد تقطعت بهم السبل بفعل القتال مع تضاؤل إمدادات الغذاء والمياه وعدم توافر منشآت طبية مناسبة لعلاج الجرحى. وخفت حدة نيران المدفعية الثقيلة والقذائف الصاروخية من جانب الموالين للقذافي ضد مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي عند أطراف المدينة أمس ما سمح للقوات الحكومية بالتقدم. وقال القائد المحلي لقوات المجلس الوطني، عادل الحاسي: «أكثر من نصف المدينة يخضع الآن لسيطرة الثوار... وخلال يومين ستكون سرت حرة بإذن الله». وقالت مراسلة لوكالة «رويترز» قرب وسط سرت إن بإمكانها سماع دوي قذائف «المورتر» وهي تسقط قرب مواقع مقاتلي المجلس الانتقالي لكن القوات الموالية للقذافي لجأت الآن إلى استخدام الأسلحة الصغيرة مع تحول القتال إلى حرب شوارع. وتقدمت قوات المجلس الانتقالي إلى حي الحكومة في سرت الذي يضم مجموعة من الفنادق الفاخرة والفيلات ومراكز المؤتمرات حيث اعتاد القذافي استضافة الزعماء الأجانب.
وتمركزت مجموعة من المقاتلين المناهضين للقذافي في فندق فاخر على ساحل البحر المتوسط استخدمته ستاراً لإطلاق النار على الموالين للزعيم المخلوع في منطقة سكنية تقع على بعد نحو 300 متر. وقال هؤلاء المقاتلين إن الفندق الذي أقيم خصيصاً للقذافي وضيوفه به تجهيزات فارهة. غير أن آثار طلقات الرصاص والقذائف الصاروخية باتت واضحة الآن على المبنى.
إلى ذلك أعلن مسئولون في حلف شمال الأطلسي أن أعضاء الحلف بحثوا أمس في بروكسل الشروط اللازمة لإنهاء العملية العسكرية في ليبيا حيث تتركز آخر المعارك في ضواحي معقلي القوات الموالية للقذافي. وتراجع عدد الغارات التي نفذتها طائرات الأطلسي كثيراً في الأسابيع الماضية مع شن غارة جوية واحدة للحلف أمس الأول.
وهذا التراجع مرتبط بطبيعة المعارك التي تتركز في سرت على بعد 360 كيلومتراً شرق العاصمة وفي بني وليد على بعد 170 كيلومتراً جنوب شرق البلاد. وقال مسئول طلب عدم كشف اسمه إن «الغارات الجوية ليست بالضرورة الأداة المناسبة لمواجهة مثل هذه التهديدات». وأضاف أن «قناصاً على سطح مبنى لا يشكل بالضرورة هدفاً» لمقاتلة.
في الأثناء، رفعت الأمم المتحدة أمس في فيينا راية المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا الذي اعترف به المجتمع الدولي في سبتمبر/ أيلول الماضي ممثل النظام الليبي الجديد. وحل العلم الجديد محل العلم الأخضر لنظام معمر القذافي السابق إلى جانب أعلام 192 بلداً عضواً في الأمم المتحدة في مقرها بفيينا، بحسب ما أفادت المنظمة في بيان. وأوضح البيان أن مراسيم مشابهة تجرى في بعثات أخرى للأمم المتحدة في العالم
العدد 3316 - الأربعاء 05 أكتوبر 2011م الموافق 07 ذي القعدة 1432هـ