من حق الأفراد ومن حق الجماعات السياسية أن تشارك أو ألا تشارك في أي انتخابات، من حق الجماعات السياسية أن يكون لها موقف سياسي من أي انتخابات، وهي التي تتحمل نتيجة موقفها. من الطبيعي أن يحاول كل طرف من أطراف العملية الانتخابية المشارك أو المقاطع، أن يحلل الأرقام وفق النظرية التي يرى فيها أنها تظهر انتصاره وصحة رؤيته، لكن ذلك يجب ألا يأتي بما يخدع الناس ويعطيهم صورة معاكسة لحقيقة ما تم، بعيداً عن صب الزيت على النار، وبعيداً عن محاولات تسقيط كل طرف للطرف الآخر.
إنه لحل أي مشكلة وأي خلاف، ولعلاج أي مرض، في البداية وقبل الحل والعلاج لابد من الإقرار بوجود المرض أو المشكلة أو الخلاف، ومن ثم معرفة الأسباب، وبعدها يتم وصف العلاج، وفي النهاية يجب الالتزام بالعلاج لنصل إلى النتائج.
إن محاولة التقليل من حجم المشكلة أو المبالغة فيها أو محاولة الهروب منها لا يوصلنا إلى الحلول الصحيحة. وفي العمل السياسي يمكن أن تحدث الكثير من الخصومات بين أطراف العملية السياسية، لكن لجوء طرف ما إلى محاولة طرح الحقائق بشكل مخالف وموارب، ومحاولة التكييف الذاتية، لن يغيّر من الحقيقة شيئاً، وفي ذلك عملية هروب من أصل المشكل، وبدلاً من الاعتراف بالحقيقة والعمل على تغييرها نلجأ إلى تصور الانتصارات الوهمية. هناك بون شاسع بين الواقع بحقائقه من جهة، والرغبات التي قد تتحول إلى أوهام من جهة أخرى.
بعد الجولة الأولى من الانتخابات التكميلية، وفي محاولة من طرفيها، المقاطع والمشارك، بدأ البعض يدخل في جدل بيزنطي، وقد يكون كل طرف وبالشكل الذي يراه يحاول أن يجير الأرقام لصالحه.
أود التأكيد بالمناسبة أنني لست منتمياً لأي جمعية سياسية، أختلف مع الوفاق مثل اختلافي مع المنبر الإسلامي والأصالة من منظور رفضي للجمعيات المذيلة بالإسلامية، وهي مقتصرة في بنيتها على أبناء طائفة دون أخرى، لكن ذلك لا يعني نفي ثقل الإسلام السياسي بمختلف أشكاله وألوانه. إن حقيقة حجم الوفاق التمثيلي أمر لا يمكن التشكيك فيه، وهذا لا يعني أنها تمثل الشيعة قاطبة مثلما يحاول البعض تصوير ذلك، على رغم أن الوفاق لا تدعي أنها تمثل الشعب قاطبة، ومثلي لا يبحث عمن يمثلني كشيعي، أبحث عمن يمثلني كمواطن، ولا يهمني دين أو مذهب أو الأصل القومي لمن يمثلني. أريد أن يمثلني مواطن بحريني صادق كفؤ جريء.
ليس من باب الدفاع عن الوفاق أن نقر لها بحقيقة حجم تمثيلها الشعبي، ذلك لا يعدو أن يكون إقراراً بالحقيقة؛ لتغيير الحقيقة علينا أن نقر بها أولاً إذا كنا نريد أن ننافس هذه الحقيقة وأن نغيرها. الوفاق كانت ممثلة بثمانية عشر نائباً منتخباً من أصل أربعين، أي أن كتلتها في المجلس المنتخب كانت تمثل 45 في المئة من أعضاء المجلس الأربعين.
في غمرة الجدل الدائر حول تحليل أرقام الانتخابات التكميلية، لبيان ما إذا كانت هناك ثمة مقاطعة لها من عدمه، ومستوى الخطاب السائد في الوطن هذه الأيام، وهو خطاب تحريضي بامتياز. خطابٌ لا يبحث عن الحلول، ولا يمارس النقد الإيجابي الهادئ، لا أدعي لنفسي القدرة على تخطئة هذا الطرف أو ذاك في تكييفه للأرقام، لكن ذلك لا يمنع من عرض الأرقام المتوفرة كافة والمتعلقة بالانتخابات التكميلية وانتخابات 2010 لذات الدوائر التي جرت فيها عملية اقتراع في الانتخابات التكميلية، وعلى المواطن أن يستخلص منها الرأي الذي يقتنع به، ليقرر سياسياً ما إذا كانت هناك ثمة مقاطعة ما قد تمت وتمثل اعتباراً أم لا.
إذا كنا نرى في خطاب الوفاق أنه خطاب متعالٍ، وأنها تمنح لنفسها مساحة أكبر من المساحة التي تحتلها، فعلينا أن نناقش ذلك ونرد عليه بموضوعية، بما يعطي الوفاق حجمها الحقيقي دون محاولة منا لتقزيمها خلافاً للواقع، ذلك لن يؤدي إلى التقليل من الحجم الفعلي الذي تحتله. إنه أمر مشروع لمعارضيها أن يتنافسوا معها وأن يكسبوا شيئاً من المساحة الفعلية التي تحتلها، ذلك لن يتأتى عبر المغالطات ومحاولات التقزيم عبر الخطابات المعادية لها فقط، ذلك يتأتى عبر البرامج المنافسة لبرامجها، وعبر إقناع الناس أن منافسيها هم الأقدر على تحقيق مصالحهم. على الجميع بداية الاعتراف بالحقيقة المجردة، وعبر هذا الاعتراف يمكن تغيير الواقع إذا كان منافسوها يستطيعون المنافسة لتغيير هذا الواقع.
من واقع وحدود البيانات الموثقة، يمكن وضع الجداول المتعلقة بالدوائر الثماني عشرة التي جرت فيها الانتخابات التكميلية، موضحاً فيها الأرقام والنسب التي تحققت في انتخابات 2010 ومن ثم عقد المقارنة من واقع هذه الأرقام لبيان نسبة المشاركة في الدوائر الأربع عشرة من الدوائر الثماني عشرة التي جرت فيها عمليات اقتراع فعلية، لأنه لا يمكن عقد مقارنة في الدوائر الأربع الباقية لأن نتائجها تمت بالتزكية، ويمكن بيان ذلك من خلال الجداول التي نشرتها بعض الصحف المحلية.
الهدف من قراءة بيانات الجداول عقد مقارنة بين نسبة المشاركة في الدوائر الأربع عشرة التي جرت فيها عملية اقتراع فعلية في الانتخابات التكميلية ومقارنتها بنسبة المشاركة للدوائر نفسها في عملية الاقتراع في 2010. فالأرقام والنسب تتحدث عن نفسها، ولا يحتاج القارئ إلى جهد كبير لعقد المقارنة. ولو جرت عملية منافسة وعملية اقتراع في الدوائر التي انتهت نتائجها بالتزكية كيف ستكون نسبة المشاركة؟
في الدائرة الرابعة من دوائر العاصمة التي كانت نتيجتها في انتخابات 2010 تمت بالتزكية، نجد أن عدد المشاركين في الانتخابات التكميلية هو 289 مشاركاً من كتلة انتخابية تبلغ 7,792 ناخباً، أي أن نسبة المشاركة تبلغ 3,709 في المئة، فهل هذه النسبة تعبر عن حدوث مقاطعة في هذه الدائرة أم لا؟
في الدائرة السادسة في المحرق التي لم تجرِ فيها عملية اقتراع في الانتخابات التكميلية، وكانت نتيجتها بالتزكية، فإن كتلتها المشاركة في انتخابات 2010 كانت 5279 ناخباً، حقق فيها مرشح الوفاق 4422 صوتاً، بما يعادل 83,77 في المئة من أصوات الكتلة المشاركة، وكذلك في الدائرة الثانية من الشمالية كانت الكتلة المشاركة في انتخابات 2010 هي 7499 ناخباً، حقق فيها مرشح الوفاق 6577 صوتاً، بما يعادل 87,71 في المئة من أصوات الكتلة المشاركة، وكذلك في الدائرة الثالثة بالمحافظة الشمالية كانت الكتلة المشاركة في 2010 هي 7249 ناخباً، حقق فيها مرشح الوفاق 6523 صوتاً، بما يعادل 89,98 في المئة، وبالمثل في الدائرة السادسة بالمحافظة الوسطى كانت الكتلة المشاركة في انتخابات 2010 هي 5772 ناخباً، حقق فيها مرشح الوفاق 5308 صوتاً، بما يعادل 91,96 في المئة. والسؤال: لو جرت في هذه الدوائر عمليات اقتراع في الانتخابات التكميلية، فكم ستكون نسبة المشاركة؟
كنا نتمنى مشاركة الوفاق في الانتخابات التكميلية ضمن قائمة وطنية بعيدة عن الاصطفاف الطائفي، متجاوزة أخطاءها القاتلة في 2006 و2010، لعدة أسباب، في مقدمتها أن مشاركتها ستخفف من حدة الاحتقان، خصوصاً ما إذا كانت مشاركتها ضمن قائمة وطنية حقيقية يكون للمرأة التي أثبتت جدارتها وتضحياتها الموقع المميز الذي تستحقه. كما أنه وعلى رغم الملاحظات على تجربة المجلس المنتخب وأدائه، إلا أنه دون شك يمثل منفذاً للحوار ومسرحاً لطرح الرأي مهما كان مقيداً ومحدوداً. كما أن مشاركتها ستؤكد مجدداً حجم تمثيلها الحقيقي، سواء أكنا نوافق هواها أم نخالفه. الأهم من كل ذلك أن مشاركتها تمثل جانباً من الحماية القانونية لها ولأنشطتها
إقرأ أيضا لـ "شوقي العلوي"العدد 3314 - الإثنين 03 أكتوبر 2011م الموافق 05 ذي القعدة 1432هـ
مشاركة الوفاق
ولا: اعتقد ان مشاركة الوفاق في هذه الظروف ستزيد الإحتقان الطائفي. تذكر فقط المناكفات من بعض النواب في مجلس 2010 ومجلس 2006. تذكر ايضا المشاجرات والتلانس والضرب بالأيدي في برلمان 2002.
ثانيا: نتائج الإنتخابات التكميلية اثبتت بما لا شك فيه ان الأعداد المعلنة في تلفزيون البحرين لتجمع الوحدة الوطنية في فبراير ومارس الماضيين غير صحيح وملفق وعلي القارئ اجراء عملية حسابية بسيطة ليكتشف ذلك
خطاب عقلاني
احترم كتاب الوسط بالرغم من بعض الملاحظات وانت احدهم الداعين الى الوسطية واحترام العقل البشري والرافض للطائفية والمتمسك بالمنهجية وان الحقيفة لا تختفي بالمزايدات او التلاعب بالافاظ وان الحلول تبنى على المعطيات الحقيقية وليس مما نراة من سيل الحقد والكراهية والقذف من كتاب اخرين فتحية لك مرة اخرى
عين الصواب
ولأنها جمعية يراودها الحنين للعمل في الشوارع وفي الخفاء....ولا ما في عاقل يريد دولة قانون يزعل ويقاطع مكان يوصل صوته ..من يحاورهم الأن وكيف وماهي الألية ..يحطون طاولات في الشارع ويتفاهمون معاهم