أكد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان ال خليفة ، أن مملكة البحرين تشارك المجتمع الدولي قلقه ومخاوفه من تزايد حدة المخاطر البيئية المحتملة التي تهدد كوكب الأرض، وأنها تعمل في إطار من التعاون الأممي للحد من هذه المخاطر، إيمانا منها بوجود ترابط وثيق بين تحقيق رفاهية الشعوب، والحفاظ على البيئة.
وقال سموه في رسالة وجهها إلى العالم بمناسبة احتفال برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بـ "اليوم العالمي للموئل" الذي يصادف يوم غد "الاثنين"، ويحمل شعار "دور المدن في نشوء ظاهرة تغير المناخ"، "إننا نعيش ضمن منظومة بيئية تتأثر بمستوي التقدم الذي يحققه بني البشر وما يخلفه من خلل في النظام البيئي، وأنه ما لم يلتفت العالم لذلك بالسرعة الممكنة وعبر تعاون جاد ومشترك، فإن الثمن الذي سيقدمه المجتمع الدولي سيكون باهظا في المستقبل".
وأكد سموه أن ظاهرة النمو الحضري ما لم يكن مخطط لها، فإنها ستشكل هي الأخرى عبئا بيئيا مؤثرا يرتبط بمخاطر صحية نتيجة تردي وتلوث الهواء.
ودعا سموه المجتمع الدولي إلى حشد الطاقات واتخاذ التدابير الكفيلة بمواجهة المخاطر المحتملة الناتجة عن التغيرات المناخية، والعمل علي تكثيف التنسيق والتعاون الأممي القائم علي تحقيق التوازن بين التنمية الحضرية المستدامة من جهة والحفاظ على البيئة من جهة أخرى.
وشدد سموه على ضرورة وضع خطط بعيدة الأمد تنفذ عبر إصلاحات تدريجية لتلافي مثل هذه المخاطر والأعباء البيئية، وبالشكل الذي يحول دون تفاقمها وتهديدها لجهود التنمية المستدامة في مختلف المناطق.
وأشار سموه إلى أن مملكة البحرين تولي قضايا الموئل والتنمية الحضرية المستدامة اهتماما متزايدا، إذ تعد عنصرا أساسيا في تحقيق ما تعيشه المملكة حاليا من نهضة تنموية شاملة أرساها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وأنها حرصت في كل مراحل نهضتها على توفير بيئة معيشية مستدامة للمواطنين في الوقت الحاضر وضمان بيئة أفضل للاجيال القادمة.
وأكد سموه أن مملكة البحرين تعاملت مع قضية التغيرات المناخية مبكرا، حيث تبنت برنامج عمل الحكومة استراتيجية وطنية للبيئة والحياة الفطرية تهدف إلى حماية البيئة الطبيعية من خلال تطبيق أساليب أكثر كفاءة ترتكز على مكافحة التلوث بكافة أنواعه، واستخدام الطاقات النظيفة الجديدة تحقيقا لالتزامات المملكة الاقليمية والدولية.
وأوضح سموه أن مملكة البحرين أولت عناية خاصة بظاهرة التغييرات المناخية والتي تتميز عن معظم المشكلات البيئية الأخرى بأنها عالمية الطابع لتعديها حدود الدول بما يشكل خطورة على العالم أجمع وتهدد صحة الكوكب والاقتصاد العالمي والرفاه البشري، وتزيد من صعوبة المحافظة على التقدم المحرز على صعيد الأهداف الإنمائية للالفية.
ونوه سموه إلى أن البحرين لديها خطط قائمة ومستقبلية من أجل تفعيل استخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة، وتقوم بمراجعة وتعزيز الأنظمة الحالية واعتماد نظم تلتزم بتنفيذ نتائج دراسات تقييم الأثر البيئي في كافة مشاريعها التنموية والتطويرية.
وقال سموه "إن البحرين تمكنت من تحقيق الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية للعام 2010 بحسب المعايير الدولية، والتي من بينها كفالة استدامة البيئة، وطموحاتنا لا تزال مستمرة في هذا المجال بما يتماشى مع توجهات المملكة الساعية إلى تعزيز حياة الإنسان وتهيئة كافة أسباب العيش الكريم له".
وأوضح سموه أن مملكة البحرين استضافت في مايو 2009م مؤتمر "الحد من الكوارث"، وتم على أرضها الاعلان عن تدشين أول تقرير للأمم المتحدة بشأن الحدِّ من الكوارث، مما يؤكد التزام المملكة بالدفاع عن قضايا البيئة وما ينتج عنها من آثار سلبية على حياة البشر من فقر وجوع.
وأكد سموه ان الاستثمار فى التقليل من مخاطر الكوارث وتخفيض حدة الفقر يساعد على التأقلم مع مشاكل التغير المناخى، وان دورنا جميعا ان نعمل علي لفت الانظار إلى مثل هذه الرسالة الهامة، من أجل الحفاظ علي كوكبنا وتوفير بيئة آمنة لجميع البشر.
وقال سموه "اننا عايشنا خلال العام الجاري فقط العديد من الامثلة الحية لما يمكن ان تسببه الكوارث الطبيعية المرتبطة بظاهرة التغير المناخي، كالفيضانات وموجات الجفاف التي اجتاحت عدد من الدول وتسببت في خسائر مادية وبشرية جمة، واستنزفت مليارات الدولارات لمعالجة اثارها وتبعاتها في وقت كان من الممكن استثمارها في تحقيق المزيد من الرفاهية للشعوب".
واضاف سموه أن التحول الحضري وتوسع المدن وتوفير مستوى عال من الخدمات للسكان، هو غاية تسخر من أجلها الحكومات كافة امكاناتها ومواردها، وفي الوقت ذاته فإن الحفاظ على هذه المنجزات وتحصينها ضد ما يكتنفها من مخاطر ينبغي أن يشغل فكر العالم أجمع ويدفعه للتحرك الفوري لمعالجة جذور كل ما من شأنه أن يهدد حاضر الإنسانية ومستقبلها.
واشار سموه إلي ان المدن الحديثة باتت بحاجة لحلول مبتكرة تكفل لها بيئة أمنة، وفق استراتيجية محكمة تحدد التأثيرات المتوقعة للكوارث المناخية، وكيفية تجنبها علي المدي البعيد بمعالجة المسببات دون الاقتصار علي التعامل مع النتائج.
وشدد سموه على أهمية تفعيل ومراقبة تنفيذ الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن بما يضمن التزام كل الأطراف بمسئولياتها، فوقاية البشرية وحمايتها عمل إنساني نبيل يحتاج من الجميع إلى المبادرة والتشجيع.
وقال سموه "إن مواجهة ظاهرة التغير المناخي تحتاج إلى تغيير فعلي وحقيقي في انماط الحياة للافراد والجماعات، وبدون تعاون جاد فإن التحديات ستجعل مستقبل كوكب الأرض والأجيال القادمة في مرمى الخطر".
وشدد سموه على أهمية توقيع كافة الدول الكبرى على "بروتوكول كيوتو" الذي يمثل خارطة طريق تحدد طبيعة الجهود الدولية المطلوبة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وعلى كل طرف أن يتحمل مسئوليته في الحفاظ على البيئة بشجاعة بعيدا عن أي اعتبارات سياسية.
وحث سموه المشاركين في مؤتمر تغيير المناخ الذي سينعقد في مدينة ديربان بجنوب أفريقيا في الفترة من 28 نوفمبر إلى 9 ديسمبر 2011م على الأسراع في تنفيذ اتفاقية وبروتوكول كيوتو وخطة عمل بالي واتفاقيات تانكون التي تم التوصل إليها في مؤتمر الأطراف الذي عقد بالمكسيك في 16 ديسمبر 2010م، وذلك نظرا لعظم وخطورة الآثار السلبية للتغيرات المناخية.
وفي الختام، أشاد سموه بالجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ممثلة في برنامج الامم المتحدة للمستوطنات البشرية "الموئل" وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في دعم الجهود الدولية التي تستهدف حماية كوكب الأرض وذلك في ظل الارتباط بين الفقر والمناخ والطاقة والمياه والغذاء.
الغازات وتأثيرها على الانسان
نسأل الله عزوجل ان يكفينا شر الغازات السامة وتأثيرها علىينا على المدى القريب والبعيد