العدد 3307 - الإثنين 26 سبتمبر 2011م الموافق 28 شوال 1432هـ

أيهما أسبق البيضة أم الكتكوت؟

شوقي العلوي comments [at] alwasatnews.com

.

يبدو أن الأوضاع اتجهت لدينا في الوطن على شاكلة أيهما أسبق البيضة أم الكتكوت. الوطن يحترق ويتجه إلى مزيد من التمزق والاختلاف بين مكوناته. يبدو أن الجميع يعيش في حيرة من أمره. لقد أصبح المواطن يشعر بأن السلطة تعيش في حيص بيص، لا تملك حلاًّ لما جرى ويجري.لا محاولات الترقيع المستمرة التي حاولت بها السلطة وتحاول بها نجحت، ولا محاولات أساليب الشدة بمختلف أشكالها وأنواعها ومهما اشتدت أجدت نفعاً أو من المتوقع أنها ستجدي نفعاً، كلها تؤدي إلى طريق مسدود. كما أن العمل على تحويل مشاكل وأزمات الوطن إلى صراعات بين مكوناته كل يشتم ويسب الآخر ويخونه ويحمله المسئولية سيعطي حلاًّ، بل ذلك يمثل إضافة ستكون عصية على الحل إلى جملة المشاكل، ويزيدها تعقيداً.

إن محاولة الهروب من واقع الأمور عبر سوق الاتهامات بالأجندات الخارجية والعمالة للخارج، وغض النظر عن الأسباب الجوهرية التي جعلتنا نصل إلى الحالة التي نحن عليها اليوم، ذلك لن يضعنا على السكة الصحيحة. كما أن الخطابات والممارسات غير المسئولة التي تصدر من أطراف كثيرة منها من يحسب نفسه على المعارضة وبعضها يحسب نفسه على السلطة لن تزيد الأمور إلا تعقيداً، وهي خطابات وممارسات تعمل على حرق الوطن. كل الأطراف مطالبة بالوقوف وقفة صدق مع النفس، تضع فيها الوطن في الموقع الذي يستحقه، بعيداً عن الأنانية والذاتية.

الوطن ليس لمن يطلق عليهم بأهل الدوار لوحدهم، وهو كذلك ليس لمن يطلق عليهم بأهل الفاتح لوحدهم، وهو ليس لأهل السلطة منفردين، والوطن كذلك ليس لمن هم خارج هذه المكونات، فهناك كُثرٌ تتعدد رؤاهم يتفقون في جوانب مع من يسمون بأهل الدوار، وفي جوانب أخرى يتفقون مع من يسمون بأهل الفاتح، وبالمثل يتفقون في جوانب مع أهل السلطة، الوطن ليس لأحد من هؤلاء منفرداً يقرر هو دون غيره مصير الوطن وأهله، يحلل ما يريد ويحرم ما يريد، الوطن هو للجميع.

لا أحد يستطيع نفي الآخر مهما بلغ من القوة والمكانة عبر سوق شتى أنواع الاتهامات وعمليات غسل الدماغ للناس الذين حولهم زعماؤهم إلى تُبَّع وسلبوا منهم تفكيرهم عبر زرع قناعات لديهم لا تنم إلى الواقع والحقيقة بصلة. للأسف الشديد نستطيع القول إن مساحة التطرف على الساحة هي مساحة واسعة. حتى لا يفهم أحد من وجهة النظر هذه أن ذلك يمثل اتهاماً لطرف مّا، بأن من يتزعمه أو يتزعم تنظيمه متطرفون، القصد من ذلك أن هذه المكونات وعلى رغم الجانب الإيجابي في معظم خطاباتها؛ فإن الواقع والتطبيق على الأرض يجافي الخطاب ويجافي التوجيهات. كما أن هذه المكونات لا تقف موقفاً واضحاً وصريحاً تجاه الخطاب المتطرف الذي يصدر عن بعض الأشخاص أو بعض الأطراف التي يمكن أن تكون محسوبة بشكل أو آخر على هذا الطرف أو ذاك الطرف. هناك خطابات متطرفة وخطيرة، خطابات تنم عن أحقاد وكراهية وظلم للآخر، في ذلك لا نستثني طرفاً من دون آخر. المطلوب من أطراف المعارضة المسجلة منها خصوصاً أن تعلن موقفها صراحة من الخطابات التي تصدر من البعض باسم المعارضة، وهي خطابات تصدر على وجه الخصوص من أشخاص اختاروا العيش خارج الوطن. هي خطابات لا تمثل أطراف المعارضة المسجلة، ولكنها خطابات يُحاول البعض أن يلصقها بها ويحملها المسئولية عنها، وهي تؤثر سلباً على هذه المعارضة وعلى العمل الوطني وعلى الوطن بمجمله.

جمهور واسع من المعارضة يميل إلى قراءة الخطاب التحريضي المباشر ويتأثر به، والجمهور المقابل كذلك يميل إلى قراءة الخطاب التحريضي المباشر والمضاد للخطاب الأول ويتأثر به، كما أن أيّاً من الخطابين لا ينفتح على الخطاب الآخر محللاً إيجابياته أو سلبياته، بحيث يبحث عن نقاط التلاقي لتعزيزها ومعالجة نقاط الاختلاف، بل يتجهان تلقائيّاً لمعاداة بعضهما بعضاً، لذلك؛ فإن الجميع يتجه نحو الشحن والتحريض بمختلف الأشكال والأنواع، ذلك يعمل على زيادة الشقة والتباعد بين مكونات المجتمع، ذلك يؤثر سلباً على المصالح الحقيقية لمجموع الناس، فالجميع خاسرون والرابحون هم الانتهازيون والمتسلقون وأصحاب المصالح الخاصة، حتى لوكان ذلك على حساب دماء الناس ومصالح غالبية مكونات الشعب، سواء من هذا الطرف أو ذاك الطرف، بحسب الحالة التمزيقية التي وصلنا إليها.

كان الأمل معقوداً على مؤتمر حوار التوافق الوطني، إلا أن المؤتمر لم يكن يحمل في ثناياه وقبل انعقاده المتطلبات اللازمة التي يمكن لها أن تهيئ السكة الصحيحة للوصول إلى الحلول الجادة، هذا لا ينفي تحقيق المؤتمر متطلبات إيجابية، لكنه بكل تأكيد لم يكن هو السبيل للوصول بنا إلى بر الأمان.

وعلى صلة بأوضاعنا، قد نختلف مع انسحاب كتلة الوفاق من الغرفة المنتخبة أثناء الأزمة، وكان بإمكانها لو شاركت في الانتخابات التكميلية أن تستعيد وجودها وبكتلتها البرلمانية نفسها. مع احترامنا لمن شارك في الانتخابات التكميلية ولمن نال فرصة التواجد في الغرفة المنتخبة، لكن الحقيقة التي لا مراء فيها والتي لا يمكن القفز عليها، فإن عدم مشاركة من كان يملك كتلة تمثل 45 في المئة من أعضاء المجلس المنتخب هو الذي أوصل الآخرين محلهم، كما أن الحقيقة تقول إن تمثيلهم يظل منقوصاً لأن القاعدة الانتخابية الغالبة هي لمن آثر الانسحاب من المجلس وعدم المشاركة، وبالتالي علينا ألانغمض أعيننا ونقول بوضوح إن إجراء الانتخابات التكميلية لن يساهم في الحلول المرجوة.

نأمل أن تجد توجيهات جلالة الملك وتعليماته طريقها للتنفيذ، وأن تجد توجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء وصاحب السمو الملكي ولي العهد واقعها على الأرض، وخاصة فيما يتعلق بصياغة الخطاب الوطني الجامع، فقد أكد سموهما أن: «الوقت قد حان لاعتماد خطاب وطني يمثل شعب البحرين الواحد ويحارب الفئوية، وأن تكون الوطنية لا الطائفية هي المحور الذي يلتقي عليه الجميع تحت مظلة الوطن، فعلى الجميع واجب تجاه الوطن وذلك بالتوقف عن الخطاب السياسي الذي يفرق ولا يجمع، فما تحتاج إليه البحرين هو خطاب سياسي مسئول لا محرض، جامع لا مفرق».

المطلوب الخروج من الحيص بيص وأن نخرج من فزورة أيهما الأسبق البيضة أم الكتكوت وأن نعمل صادقين للوطن بما يستحقه منا وعلينا

إقرأ أيضا لـ "شوقي العلوي"

العدد 3307 - الإثنين 26 سبتمبر 2011م الموافق 28 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 1:23 م

      إلى بو عبد الله

      وصل علماء بريطانيون إلى حل لغز طالما حير الناس منذ فجر التاريخ مفاده أن الدجاجة هي التي جاءت قبل البيضة وليس العكس، كما لا يزال يعتقد كثيرون في العالم حتى الآن.

      وذكرت صحيفة "الدايلي مايل" أن العلماء في جامعتي شفيلد وورويك يعتقدون بأنهم فكوا هذا اللغز القديم وهو أن الدجاجة هي التي أتت في البداية.
      شوقي

    • زائر 10 | 11:04 ص

      البيضة طبعا"

      كل حي أصله من بيضة الذي يلد والذي يبيض فالبيضة هي الأساس ومن ثم الكتكوت حتى أنت استاذ شوقي وأنا أيضا ً أصلنا من البيضة وهي ( البويضة ) عدل ولا لا
      فمن اليوم وصاعدا ً الكل يجب أن ينتبه للبيض والكل يتحمل بيضه


      بو عبدالله

    • زائر 9 | 4:07 ص

      تحية

      تحية الى الاقلام الهادفة دائما الى مبدأ التفأؤل بالخير وإن كثر الأمرون بالفرقة عبر أحبارهم بين مكونات الوطن الواحد !!!.

    • زائر 2 | 1:01 ص

      عندي الجواب

      الكتكوت :D

اقرأ ايضاً