اعتبر نقابيون وأعضاء في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، أن قرارات فصلهم التي تمت على إثر نشاطهم النقابي إبان الأحداث الأخيرة التي شهدتها البحرين، تخالف التزامات البحرين الدولية على صعيد العمل النقابي، ناهيك عن مخالفة المادة رقم «110» مكرر في قانون العمل في القطاع الأهلي، والتي تنص على أنه «مع مراعاة أحكام المادة «110» من هذا القانون، لا يجوز فصل العامل من عمله بسبب نشاطه النقابي على أن تقضي المحكمة بإعادة العامل إلى عمله وتعويضه عن فترة الفصل متى ثبت أن فصله من العمل كان بسبب نشاطه النقابي».
وبلغ إجمالي النقابيين المفصولين بسبب الأحداث الأخيرة، 55 مفصولاً، من بينهم 49 نقابياً، و6 من أعضاء الأمانة العامة لاتحاد النقابات.
وانتقد نقابيون خلال حديثهم لـ «الوسط»، تعاطي بعض الشركات مع النقابيين خلال الأحداث الأخيرة، مشيرين إلى أن الشركات تجاوزت عقوبة فصل النقابيين، بإلغاء الشخصية الاعتبارية لبعض مجالس إدارات النقابات، من خلال وقف الاستقطاع الشهري لأعضاء النقابات، وإقفال بعض مقار النقابات، وإلغاء عضويات نقابيين.
النقابيون يُفصلون
في الذكرى التاسعة لصدور قانونهم
قال الأمين العام لاتحاد نقابات عمال البحرين السيدسلمان المحفوظ: «من المؤسف أن يتم اتخاذ قرار فصل النقابيين في الذكرى التاسعة لصدور قانون النقابات، في حين أنه يجب استلهام هذه الذكرى لإجراء حركة تصحيحية لواقع ملف النقابيين المفصولين، وخصوصاً أن ذلك عطل المكنة الحقيقية للحركة النقابية، وعطل المرسوم «33» بإصدار قانون النقابات العمالية».
وأضاف «للأسف أن من يتابع الحركة النقابية يرى أن هناك ظلماً واقعاً على النقابيين لا يمكن الجدال فيه، حتى فيما يتعلق بأصحاب العمل، إذ إنه في حين تم تخفيف الضرر على أصحاب العمل، من خلال تخفيض الإيجارات عليهم، وتجديد وقف رسوم هيئة تنظيم سوق العمل، ووقف تنقل الأيدي العاملة، في الوقت الذي نرى فيه أن ما قامت به الحركة النقابية لا يُعد جرماً، إلا أنه تم التعامل معهم كمجرمين تجب معاقبتهم».
وتابع أن «الاتحاد العام للنقابات جاء من نضال حقيقي للحركة النقابية، تُوج بصدور مرسوم عن جلالة الملك، ومتى أخل بالمرسوم والحركة النقابية يعني أن هناك إخلالاً بالمكون الحقيقي لأحد أطراف الإنتاج، الذي يُعد الثالوث الحقيقي لأي اقتصاد وطني».
وأكد المحفوظ حرص النقابيين على سمعة البلد، التي اكتسبت سمعة دولية لدى المنظمات الدولية بفضل ما تحقق على صعيد العمل النقابي، مشيراً إلى أن مواقف النقابيين واتحادهم شاهد على حبهم للوطن ومؤسساتهم، معتبراً النقابات والاتحاد صمام أمان للبلاد من أي انفلات.
كما أشار إلى أن العمال وحدهم دفعوا ثمن الأزمة التي مرت على البحرين، مؤكداً ضرورة عودة كل المفصولين وعلى رأسهم النقابيون، مشيراً إلى أن ما تعرض له النقابيون لا يقتصر فقط على الفصل من العمل، وإنما رافق ذلك الاستهداف الإعلامي لهم.
وقال المحفوظ: «إن كانت هناك أخطاء فيجب أن يتم التعامل معها بطريقة معتدلة، وجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أكد أنه ليس هناك هدف للتشدد في العقاب، وأنه يسامح كل من أساء له شخصياً، وفي المقابل فإننا ننتظر من المسئولين السماح بالمزيد من الحريات النقابية لا تقليصها».
فصل غير مُسبب عبر البريد المسجل
العضو في مجلس إدارة نقابة «بتلكو» حسن الماضي أكد أن الفصل من الشركة طال خمسة من أصل تسعة من أعضاء مجلس إدارة النقابة، من بين 168 مفصولاً من الشركة، وذلك عبر رسائل أرسلت بالبريد المسجل، تضمنت الإشارة إلى أنه تم الاستغناء عن خدمات المفصول من دون مبرر لسبب الفصل.
وقال: «جاءت خطابات الفصل بعد يوم واحد من اجتماع النقابة بأحد المسئولين في الشركة، والذي تم على أساسه الاتفاق على إيجاد حلول للأيام التي تغيب فيها العمال وعودتهم لأعمالهم بطريقة سلسة».
وأضاف «بسبب وجود فروع للشركة في أكثر من منطقة، بعضها قريبة من موقع الأحداث، وجد بعض الموظفين صعوبة في الوصول لأماكن عملهم بسبب الأحداث، لذلك كان هناك اتفاق بين النقابة والإدارة التنفيذية، على التعامل بطريقة مختلفة مع الموظفين بغرض المحافظة على سلامتهم، وبعثت الشركة رسائل نصية للموظفين بالتعاون مع النقابة، تطلب من بعضهم العمل من المنزل، وأن على جميع من تتطلب مهماتهم التواجد في مواقع العمل إبلاغ المسئول بأية صعوبات قد تواجههم في الوصول إلى مقر العمل، إلا أن ذلك لم يمنع من فصل الموظفين الذين لم يتمكنوا من الذهاب لأعمالهم».
وأكد الماضي أن النقابيين المفصولين، كانوا متواجدين على رأس العمل، وثلاثة منهم مفرغون تفرغاً تاماً للعمل الإداري، وأن الموظفين المفصولين، الذين أُبلغ بعضهم بقرار الفصل عبر الرسائل النصية، لم يتسلموا مستحقاتهم المالية حتى الآن.
فصل من العمل بسبب الدعوة للإضراب
أما رئيس نقابة عمال شركة خدمات مطار البحرين (باس) يوسف الخاجة، فأكد أن قرار الفصل من العمل طاله فقط من دون النقابيين الآخرين في الشركة، وذلك بسبب الدعوة للإضراب عن العمل.
وقال: «وجهنا كنقابة في 19 فبراير/ شباط الماضي رسالة بحسب ما تم الاتفاق عليه مع الاتحاد العام للنقابات بالدعوة للإضراب عن العمل بتاريخ 20 فبراير، بسبب خطورة الوضع الأمني آنذاك، وكان ذلك نابعاً من خوفنا على موظفي الشركة، الذين تعرض بعضهم للإهانة والاعتداء عليه من قبل بعض قوات الأمن أثناء توجههم للعمل، وهو ما جعل بعضهم يمتنع عن الحضور للعمل، بل إن الدعوة للإضراب لم يكن لها أي تأثير على سير العمل».
وأضاف «تم التحقيق معي في 4 مايو/أيار الماضي من قبل إدارة الشركة، وتم الفصل في 1 يونيو/ حزيران، والواضح أن قرار فصلي يأتي في إطار تصفية حسابات معي من قبل إدارة الشركة، وخصوصاً أن بقية أعضاء النقابة مازالوا في مواقع عملهم».
وأشار الخاجة إلى أن العقوبة لم تقتصر على قرار الفصل، وإنما قامت الشركة بقطع جميع وسائل الاتصال في النقابة، ناهيك عن وقف الاستقطاع الشهري لأعضاء النقابة، مشيراً إلى أنه بعد استمراره بالتواجد في مقر النقابة على رغم قرار فصله، أقدمت الشركة على تغيير أقفال مقر النقابة.
استهداف إعلامي وإلكتروني يسبق قرار الفصل
أكد رئيس نقابة عمال شركة طيران الخليج حبيب النبول أن قرار فصل النقابيين من الشركة، طال 4 من أصل 11 عضواً، وهو القرار الذي سبقه استهداف لموظفي الشركة عبر عدد من وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية.
وأشار إلى أنه بتاريخ 12 فبراير الماضي توافقت النقابة مع إدارة الشركة، على استقطاع اليوم الذي شارك فيه الموظفون بالإضراب من إجازاتهم السنوية، بغرض إصلاح الضرر، إلا أنه أكد أن الشركة شكلت لجنة للتحقيق مع الموظفين على ضوء الأحداث الأخيرة في أبريل/ نيسان الماضي، لافتاً إلى أن عضوين من لجنة التحقيق معه، تم فصلهما لاحقاً من الشركة.
كما أشار إلى أن أسباب فصله كرئيس للنقابة، تعود للدعوة إلى الإضراب والتصريح لإحدى القنوات التلفزيونية بتاريخ 20 فبراير/ شباط الماضي.
وقال: «بتاريخ 27 مارس/آذار الماضي، تمت استضافة أحد النواب على إحدى القنوات التلفزيونية العربية، وخلال البرنامج كان هناك اتصال من أحد الأشخاص للبرنامج، ذكر فيه قائمة بأسماء عدد من موظفي الشركة، وصفهم بالإرهابيين وغيرها من العبارات غير اللائقة، وفي اليوم التالي تم إيقاف الموظفين الذين تمت الإشارة إليهم في البرنامج، من قبل جهات الأمن، كما تم التحرز على بعض ممتلكات الشركة». وأضاف «كما أن بعض المواقع الإلكترونية شنت هجوماً على هؤلاء الموظفين، وبتاريخ 11 أبريل تم فصلي من بين 213 موظفاً مفصولاً من دون مبررات قانونية، كما أن بعض من تمت إقالتهم لم يتسلموا أوراق فصلهم ولم يتم التحقيق معهم».
ونوه النبول إلى أنه بعد فصل عدد من أعضاء النقابة من وظائفهم، أبدى الأعضاء الاحتياط تخوفاً من الانضمام للنقابة.
قرارات فصل تبعها تدخل
في صلاحيات مجلس إدارة النقابة
أما نائب رئيس نقابة «بابكو» محمد الدولابي فأشار إلى أنه بتاريخ 13 مارس الماضي، ونتيجة للظروف الأمنية آنذاك، تم إبلاغ الشركة ووزير شئون النفط والغاز رسمياً من قبل النقابة بضرورة المحافظة على العمال في ذهابهم وإيابهم للشركة، وأنه على إثر ذلك قامت الشركة بتوجيه رسالة للوزير بهذا الخصوص، لضمان حياة العاملين أثناء قدومهم إلى العمل.
وأضاف أن «أصدرت الشركة مجموعة من الرسائل الداخلية تطلب من العاملين تغليب السلامة وعدم استخدام بعض الشوارع، وبتاريخ 14 مارس، أصدرت الشركة بياناً تطلب فيه من العاملين تغليب سلامتهم أثناء الحضور لموقع العمل، وجاء فيه نصاً: (نؤكد على أنه في حال شعور أي عامل بعدم الأمان عند الخروج من عمله أو منزله، فيجب عليه تغليب السلامة أولاً وإشعار مسئوليه بأسرع وقت ممكن)».
ونوه الدولابي إلى أنه بتاريخ 16 و17 مارس، أصدر الرئيس التنفيذي للشركة تعميماً بعدم احتساب الأيام التي تغيب فيها العمال حفاظاً على سلامتهم، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن شركة البحرين لتطوير حقول النفط – التي تضم 400 موظف وعامل معارين من «بابكو» - طلبت من موظفيها عدم القدوم للعمل.
وأشار إلى أنه في الفترة من20 إلى 24 مارس، كانت إدارة النقابة متواجدة مع إدارة الشركة بشكل يومي، من أجل الطلب منها ومساعدتها في مسألة سلاسة قدوم العاملين للشركة، واستمرت على تواصل مع إدارة الشركة لساعات متأخرة.
كما أكد أن الرئيس التنفيذي للشركة أكد عبر وسائل الإعلام أن الإضراب الجزئي الذي دعت إليه النقابة لم يتسبب في خسارة الشركة، وإنما المشكلة كانت في قسم العمليات، وخصوصاً في ظل خطة الطوارئ المتبعة في مصنع التكرير.
وأوضح الدولابي أن قرار النقابة في الإضراب الجزئي جاء بناءً على عدة أمور، أهمها الاتفاقية رقم «155» التي صادقت عليها البحرين، وخصوصاً في المادة «13» منها والتي تشير إلى أنه في حال كان هناك خطر يهدد حياة العامل، يجوز له مغادرة العمل حتى من دون الرجوع لرئيسه.
وقال: «إن الشركة لم تشهد إضراباً كاملاً عن العمل، والعمل لم يتوقف فيها، وطلبنا لاحقاً من الإدارة وبمساعدة النقابة النزول إلى العاملين لتذويب الجليد والدعوة إلى الابتعاد عن الطائفية والتأكيد على اللحمة الوطنية».
وأشار الدولابي، إلى أن رئيس النقابة فوجئ بتسليمه رسالة بإنهاء عقد عمله بتاريخ 30 مارس الماضي، لافتاً إلى أن أعضاء النقابة تلقوا في الوقت نفسه خطابات للتحقيق معهم، وأنه تم على إثر ذلك فصل 12 شخصاً من أعضاء مجلس إدارة النقابة، وهو ما اعتبره مخالفة صريحة للمادة «110» من قانون النقابات التي لا تُجوز فصل النقابي لممارسة نشاطه النقابي.
وقال: «كان واضحاً أن الفصل كان مخالفاً لاتفاقية العمل رقم «111» بشأن التمييز في استخدام المهنة. كما أن الشركة تعاملت مع النقابيين على أنهم المؤسسة لا النقابة، وكان يجب التعامل مع النقابة ككيان لا النقابيين كأشخاص، وبعد ذلك اتخذت الشركة قرارات بشأن النقابة، تعتبر بحسب القانون تدخلاً في قرارات مجلس إدارة النقابة».
وتابع أن «رفعت النقابة رسالة لوزارة العمل أوضحت فيها أن الشركة أقدمت على إقفال مكتب النقابة في عوالي، وبعدها بفترة أقدمت على هدم مكتب النقابة في منطقة الجبل، بدعوى تغيير المبنى، كما قامت الشركة بالتفاوض مع لجان عمالية، وهذا مخالف للمرسوم «33» بتشكل النقابات، الذي يحل جميع اللجان في الشركات. بل إن الشركة أعلنت أن من يريد أن يستقيل من النقابة عليه أن يخاطب إدارة الشركة، وهي بذلك تجاوزت الشخصية الاعتبارية للنقابة».
وأشار الدولابي إلى أنه وعلى رغم أن النقابة خاطبت وزارة العمل بشأن هذه المخالفات، إلا أن الشركة أو وزارة العمل لم تحركا ساكناً في هذا الجانب من الشكاوى.
وعلى رغم أن الشركة أرجعت عدداً من المفصولين لأعمالهم، إلا أن أياً من النقابيين المفصولين لم يتم إرجاعهم للعمل، مشيراً إلى أن إجمالي عدد الموقوفين عن العمل في الشركة نحو 100 موقوف، و303 مفصولين، مشيراً إلى أن عدد من تم إرجاعهم لأعمالهم في الشركة مازال غير معلوم.
إنذار فتوقيف ومن ثم الفصل من العمل
رئيس نقابة بافكو عبدالخالق عبدالحسين أكد أن قرار الفصل من الشركة اقتصر عليه فقط باعتباره رئيساً للنقابة، مشيراً إلى أن تم التحقيق معه وعدد من النقابيين، ومن ثم توجيه إنذار كتابي له قبل أن يتم تسليمه خطاب التوقيف عن العمل، ومن ثم قرار الفصل.
وأشار عبدالحسين إلى أن قرار فصله كان مخالفاً للمادة «102» من قانون العمل، مشيراً إلى أن مبرر الفصل بحسب ما ورد في خطاب الفصل، كان التغيب عن العمل، مؤكداً أن لم يتغيب عن العمل سوى بتاريخ 16 مارس، نتيجة عدم تمكنه من الذهاب للعمل بسبب الظروف الأمنية التي شهدتها البلاد آنذاك، نافياً أن تكون نقابته قد دعت إلى المشاركة في الإضراب الذي دعا إليه اتحاد النقابات.
إيطاليا والإجازة السنوية
لم تحميا نقابيين من الفصل
أما رئيس مجلس إدارة نقابة «جارمكو» محمد جاسم أريان فأكد أن مجلس إدارة النقابة، ونتيجة لكون مقر الشركة يقع في قلب الأحداث التي شهدتها منطقة سترة، أبلغ العمال بقرار الاتحاد بالإضراب عن العمل، وخصوصاً بعد أن تم اختطاف حافلة نقل العمال إلى الشركة من قبل مجهولين، ما استدعى العمال للترجل في سيرهم إلى مقر العمل.
وقال: «كانت إدارة النقابة على اتصال مباشر مع الإدارة التنفيذية للشركة لإيجاد حلول تضمن سلامة العمال أثناء تنقلهم من وإلى العمل، وبتاريخ 20 مارس الماضي، تم الاتفاق مع الشركة على تغيير أوقات ساعات العمل للموظفين العاملين بنظام النوبات، وألغي نظام النوبات الثلاث، وتم الاقتصار على نظام النوبتين، بغرض تأمين ذهاب العمال من وإلى العمل».
وأضاف أن «النقابة هي من تولت مسئولية التواصل مع المشرفين ومديري الأقسام، لتنظيم العملية وعودة العمال إلى العمل بصورة طبيعية، بل إن الإدارة التنفيذية للشركة وعدت النقابة بأنها ستتخذ إجراءات بحسب القوانين والأنظمة الداخلية للشركة، وأن العمال الذين تغيبوا للظروف الأمنية لن يتم فصلهم من العمل، وأعطيت إنذارات نهائية للمتغيبين عن العمل».
وتابع «فوجئنا بتاريخ 20 أبريل الماضي، بتوقيفنا كأعضاء مجلس إدارة النقابة وعددنا 12 عضواً، وتم التحقيق معنا عبر توجيه أسئلة لا علاقة بالعمل النقابي وإنما أسئلة سياسية، وبتاريخ 8 مايو الماضي، تم فصل أعضاء مجلس إدارة النقابة عبر إرسال رسائل مكونة من ثلاث صفحات على عناويننا البريدية، وتبين من خلال هذه الرسائل أنه سيتم حرماننا من كل المكافآت».
وأكد أريان أن نائب رئيس النقابة وعضو الأمانة العامة لاتحاد النقابات جعفر خليل، كان طوال الأحداث التي شهدتها البحرين يتلقى دورة تدريبية في إيطاليا، ناهيك عن أمين سر النقابة كان في إجازة سنوية آنذاك، إلا أن ذلك لم يحميهما من التحقيق معهما ومن ثم فصلهما من العمل، معلقاً بأن «تم التعامل مع عضوي النقابة بسوء نية مبيتة، إذ تم سؤالهما في التحقيق عما إذا كانا يوافقان على قرار الإضراب فيما لو كانا متواجدين على رأس عملهما في الشركة أم لا».
كما أكد أريان أنه بعد منح العمال إنذارات نهائية، تم فصلهم من العمل، لافتاً إلى أن الشركة استغلت الأوضاع في فصل العمال الذين تثبت تقاريرهم الطبية تعرضهم لإصابات عمل، مبيناً أن إجمالي عدد المفصولين من الشركة بلغ 38 مفصولاً.
ولم يتوقف الأمر عند قرار الفصل، إذ ذكر أريان أن تم بعد فصله بأسابيع استدعاءه وبقية النقابيين في الشركة من قبل الجهات الأمنية، وقال: «تم استدعائي لحضور المحكمة العسكرية، من دون أن أعرف تهمتي، وفيما بعد تم تحويل قضيتي للمحكمة المدنية، وتبين أنها قضية تجمهر، على رغم أن مشاركتي كانت تقتصر على المسيرة الصامتة التي نظمها اتحاد العمال في اليوم الذي أعلنه جلالة الملك يوماً للحداد على ضحايا الأحداث».
وانتقد أريان تلكؤ الشركة في تنفيذ أوامر جلالة الملك بإرجاع المفصولين إلى أعمالهم، على رغم أن بعض أعضاء مجلس إدارة النقابة الذين تم فصلهم من العمل، كانوا متواجدين في العمل لأن ظروفهم الأمنية كانت تسمح بالتواجد في العمل، على حد تعبيره.
تحريض إلكتروني يسبق قرار الفصل
أما عضو الإدارة السابق في نقابة المصرفيين أيمن محمد، فأكد أن قرار الفصل طاله من دون غيره من أعضاء النقابة، ناهيك عن تعرضه للتحقيق من قبل الجهات الأمنية، على رغم أن نقابته لم تدعُ إلى الإضراب عن العمل.
وأكد محمد أن التحقيق معه كان بشأن مكالمات هاتفية أجراها مع زملاء له في العمل، وأنه تم إبلاغه خلال التحقيق أنه ستتم إقالته من عمله، لافتاً إلى أن إجراءات التحقيق معه رافقها التشهير به والتحريض على إقالته عبر المواقع الإلكترونية.
وقال: «تحت مبرر إعادة هيكلة الشركة، تم إجباري على تقديم استقالتي، أو مغادرة المصرف، وهو ما اضطرني للتوقيع على الاستقالة مجبوراً، وشعرت أن قرار فصلي وآخرين كان بناءً على قرار سياسي».
فصل النقابيين بـ «أوامر عليا»
فيما ذكر رئيس نقابة شركة أسري عبدالواحد النجار أن قرار الفصل في الشركة طال رئيس وأعضاء مجلس إدارة النقابة كاملاً والذي يضم 9 أعضاء – من بينهم عضو الأمانة العامة لاتحاد النقابات – من دون تحقيق، مؤكداً أن إدارة الشركة أبلغت النقابة بأن قرار الفصل جاء تبعاً لـ «أوامر عليا» لم يحددها.
وقال: «تم فصلنا من الشركة بسبب التجاوب مع دعوة اتحاد العمال بالإضراب عن العمل لأنه سبب خسائر جسيمة للشركة، وطبقت علينا الشركة المادة «113» من قانون العمل، على رغم أن الرئيس التنفيذي للشركة أعلن في وقت لاحق أن الشركة لم تتكبد خسائر مادية خلال فترة الأحداث لكون العمال يسكنون بالقرب من الشركة».
وأشار النجار إلى أنه في غضون أقل من أسبوعين، تم استدعاء 37 موظفاً من الشركة وتخييرهم بين الاستقالة أو التحويل لتحقيق أمني، فيما تم فصل مجموعة أخرى من الموظفين بسبب التغيب عن العمل من دون التحقيق معهم.
وأكد النجار أن من بين مفصولي الشركة من تم تصنيفهم من قائمة الـ 571 مفصولاً تعسفياً التي أعلنت عنها وزارة العمل، إلا أنه لم يتم إرجاعهم إلى العمل بعد.
وأشار أيضاً إلى أن الشركة أوقفت اشتراكات أعضاء الجمعية العمومية في النقابة، وهو ما اعتبره مخالفاً للمرسوم «33» بشأن النقابات، باعتباره تدخلاً في قرار النقابة.
مخالفات لالتزامات البحرين الدولية
أما الأمين العام المساعد للتنظيم النقابي في اتحاد النقابات محمد عبدالرحمن فأشار إلى أن ما جرى من فصل تعسفي لأعضاء الأمانة العامة للاتحاد والنقابيين، يخالف التزامات البحرين الدولية، وخصوصاً لكونها عضواً في منظمة العمل الدولية.
وقال: «ما جرى بعد مرور تسعة أعوام من تأسيس العمل النقابي وفي ظل الإصلاحات التي قام بها جلالة الملك، يكشف عن تراجع كبير لهذه الإصلاحات، بسب ما يجري من انتهاك للحريات النقابية، وعلى رأسها فصل أعداد كبيرة من النقابيين».
وأضاف أن «فصل النقابيين يعتبر خارج القانون، ويجب على المؤسسات الرسمية احترام كل المواثيق التي صادقت عليها البحرين، بحكم عضويتها في الأمم المتحدة، كما أن دستور البحرين يؤكد احترام الحريات والحقوق النقابية، وعلى رأس هذه الاتفاقيات المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، وهما الاتفاقيتان المعنيتان بالحرية النقابية، وحق التنظيم والمفاوضة الجماعية، ناهيك عن أن الحكومة صادقت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، بما فيها من مواد تحفظ كرامة الإنسان في أي مجتمع».
واعتبر عبدالرحمن أن بعض الشركات اتخذت في خطوة الإضراب عن العمل ذريعة للانتقام من العمل النقابي، وكأن العمل النقابي غنيمة يجب أن تنتقص أو تنتهز الفرصة للوصول إليها من خلال فصل النقابيين من أعمالهم، على حد تعبيره.
وانتقد عبدالرحمن التعاطي الرسمي مع توجيهات جلالة الملك بإعادة المفصولين من أعمالهم مع بداية تشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وتصريح رئيس اللجنة محمود شريف بسيوني بأن عودة المفصولين ستتم خلال أيام، وهو التصريح الذي مضى عليه أكثر من ثلاثة أشهر.
كما أشار في الوقت نفسه إلى تصريح رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين عصام فخرو والذي دعا فيه لإعادة المفصولين إلى أعمالهم، وقال: «للأسف أن وزارة العمل وضعت على عاتقها مسألة متابعة العمالة المفصولة في القطاع الخاص، وتركت العمالة المفصولة في القطاع العام، ونخشى أن تكون لجنة النظر في قانونية التسريح هي الخصم وهي الحكم».
ولفت عبدالرحمن إلى أن اللجنة التي يرأسها وزير العمل جميل حميدان، زودت الاتحاد بوثائق تثبت أن 571 عاملاً تم فصله تعسفياً، وذلك منذ أكثر من ثلاثة أشهر، إلا أن اللجنة لم تتمكن من إعادة هؤلاء المفصولين إلى أعمالهم بعد، مؤكداً أن في آخر لقاء مع الوزير أكد أن هناك 1200 حالة فصل غير قانوني سيصرف لهم التأمين ضد التعطل.
وقال: «يجب اتخاذ قرار بعودة العمال المفصولين لأنهم فصلوا ظلماً، بسبب القرارات الجائرة في حقهم، وكل المواد القانونية التي تحمي المفصولين لم يتم احترامها».
وأضاف أن «الدعوة للإضراب في شهر فبراير الماضي لم تكن من أجل الحصول على مكتسبات اقتصادية أو مادية أو اجتماعية في الشركات، وإنما كانت بغرض سلامة العاملين في المجتمع، وهذا حق مشروع للنقابات، والحكومة مسئولة عن حماية حياة الإنسان في داخل العمل. والمعروف أن الاتحاد هو من يحمل راية العمال، إلا أنه أتُهم لاحقاً ظلماً وبهتاناً بأنه دعا لإضراب غير قانوني».
وانتقد عبدالرحمن من سعى لتجيير الإضراب لأغراض سياسية ولقضايا يراد بها ضرب الاتحاد والانتقام من النقابيين، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن المادة «113/4» من قانون العمل تعطي أي رب عمل حق فصل العامل إذا تغيب عشرة أيام متواصلة في العام على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل بعد غيابه 5 أيام، وإذا تغيب عشرين يوماً متقطعة خلال العام يسبقه إنذار بعد عشرة أيام من التغيب.
كما أشار أيضاً إلى أن عدداً من جهات العمل لم تحترم المادة «102» من القانون والتي تتضمن قواعد الجزاءات، وخصوصاً في الفقرة (4) التي تنص على أن «لا يوقع الجزاء على العامل لأمر ارتكبه خارج مكان العمل إلا إذا كانت له علاقة بالعمل».
وأشار عبدالرحمن إلى أن وزير العمل أعلن في وقت سابق أن جهات عمل اتخذت إجراءات غير قانونية في فصل الموظفين، وخصوصاً تلك التي فصلت عمالها من دون إجراء تحقيق أو إنذار، وهو ما يعتبر قفزاً على القانون، على حد تعبيره.
وقال: «أغلب جهات العمل اتخذت قرارات فصل الموظفين لتواجدهم في مواقع الاحتجاجات، على رغم سماح القيادة السياسية بالتواجد في هذه المواقع، وهذا مناقض أيضاً للمادة «102» من قانون العمل».
وأضاف «من المفترض أن يسارع وزير العمل بمحاسبة من يتلكأ بإعادة المفصولين تعسفياً إلى أعمالهم، وخطاب جلالة الملك الأخير، تضمن أوامر واضحة بعودة المفصولين، وأنه ألا يرضيه مس رزق أي فرد من أفراد المجتمع، كما أكد على اللحمة الوطنية وعودة الوضع المجتمعي إلى طبيعته، ومثل هذا الحديث يستوجب بالسلطة التنفيذية المسارعة إلى تنفيذه».
واعتبر عبدالرحمن أن مثل هذا الوضع المتأزم في البلاد، لا يتوافق مع المزيد من النمو الاقتصادي الذي تنشده القيادة السياسية، مضيفاً «للأسف أن أصحاب الأعمال في داخل هذه المؤسسات، ركبوا موجة الأزمة من أجل التخلص من النقابيين، وفشلوا في حل مشكلاتهم كإداريين، إذ إن عدداً من الشركات كانت تعمل على عملية إدارة هيكلة، ولكنها استغلت الاتهامات الباطلة للنقابيين من أجل حل مشكلة العمالة في الشركات».
المحفوظ: توجه لتغيير آلية التعاطي
مع ملف النقابيين المفصولين
إلى ذلك أكد الأمين العام للاتحاد السيدسلمان المحفوظ، أن الاتحاد اتخذ وحتى الوقت الحالي خطوات هادئة من أجل معالجة ملف النقابيين بالدرجة الأولى ليتمكن النقابيون من ممارسة دورهم، إلا أنه وفي ظل استمرار الوضع الحالي، فإن الاتحاد قد يضطر لتغيير آلية التعاطي مع هذا الملف. وقال: «ستكون هناك خطوات لن نعلن عنها الآن، وإذا لم تتغير آلية التعاطي مع هذا الملف من قبل الجهات المعنية خلال الأسبوعين المقبلة، فإننا بصدد تغيير تعاطينا مع هذا الملف».
وأضاف أن «العمل النقابي اليوم وبرجاله الحاليين سيستمر بقوة، وهو حريص أكثر من أية جهة كانت على مصلحة البلد، ولا أشك أن النقابيين سيعملون بالوتيرة السابقة نفسها من أجل مصلحة الناس في البلد».
كما اعتبر المحفوظ أنه وفي ظل استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن ذلك من شأنه تغيير ملامح التحرك النقابي والوضع الاجتماعي في البلد، إلا أنه قال: «نعتقد جازمين أن الحركة النقابية قوية ومازالت قوية وستبقى قوية ومحترمة ولها اعتبار دولي كبير، باعتبار أن رجالاتها مخلصون لبلدهم وحريصون على سمعة البلاد، كما أنهم يعملون بخط متوازن مع بقية الأطراف لتطوير وتحسين الوضع العام على مختلف الأصعدة».
هواجس من مستقبل العمل النقابي
أما الأمين العام المساعد للتنظيم النقابي في الاتحاد محمد عبدالرحمن، فقال: «ليس من صالح مملكة البحرين ولا حكومتها تراجع الحركة النقابية في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وخصوصا أن الواقع النقابي خلق مكانة عالية لمملكة البحرين في جميع المحافل العمالية الدولية».
وأضاف أن «اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة الأميركية والبحرين، عقدت لوجود الحراك النقابي الحر والمستقل، ولا يمكن إغفال الإشادة الكبيرة للاتحاد الأوروبي لما يجري من حراك نقابي عالي الجودة في البحرين».
واعتبر عبدالرحمن أن وجود نقابات حرة ومستقلة في البحرين خلق شراكة حقيقية مع طرفي الإنتاج الآخرين، وهما الحكومة وأصحاب العمل، وهو ما أوجد نوعاً من العدالة، على حد تعبيره، معتبراً أن غياب التنظيم يعني عدم دفع إصلاحات جلالة الملك لمزيد من النمو للحركة النقابية وإعطائها المكانة الحقيقية في صنع الحراك النقابي.
الماضي: النقابيون ظُلموا مرتين
فيما قال الأمين العام المساعد للشئون المالية في الاتحاد حسن الماضي: «ظلم النقابيون مرتين، مرة بقرارات إدارية حين تحملوا أخطاء فرضتها ظروف خارجة عن إرادتهم، وكانت إدارات الشركات هي من طلبت من الموظفين عدم الذهاب للعمل وتحمل عاقبة ذلك النقابيون، والمرة الأخرى حين حرموا من أبسط حقوقهم القانونية بصرف التأمين ضد التعطل لهم كونهم عمالاً قبل أن يكونوا نقابيين»
العدد 3305 - السبت 24 سبتمبر 2011م الموافق 26 شوال 1432هـ
باذن الله
انشاء الله يرجعون الى اعمالهم بادن الله الواحد الاحد