في مساء مثل هذا اليوم، من الأسبوع الماضي، دخلت أستاد مدينة عيسى لأول مرةٍ بعد خمسة وثلاثين عاماً من طلاق الرياضة، لحضور حفل ختام بطولة الخليج الخامسة لكرة القدم لذوي الإعاقة السمعية.
كنت حينها طالباً مغرماً بالرياضة في المرحلة الإعدادية، وكنت أدخل الأستاد الرياضي بصحبة كاميرا، لأصور فرق الدوري الممتاز. هذه المرة دخلته بصحبة طفلي الصغير في الرابعة، الذي دخله لأول مرةٍ في حياته، وأدهشه ما رأى.
في البطولة فازت بالمركز الأول السعودية التي تنتشر في مناطقها أندية صم ذات إمكانيات مادية كبيرة. والثاني عُمان، بينما احتل صم البحرين المركز الثالث بعد فوزهم على الإمارات. شبابٌ في مقتبل العمر، تجمعهم الإعاقة السمعية، عالمٌ قائمٌ بذاته، له لغته الخاصة وإشاراته، وسلوكياته وأحلامه، ولهؤلاء أصدقاء متعاطفون من غير ذوي الإعاقة جمعتهم بهم الرحمة والمشاعر الإنسانية وعمل الخير.
المباريات جرت في صالة مغلقة لمدة أسبوع، وكان مستوى الفرق متبايناً من الناحية الفنية، فالسعودية فازت على البحرين 12-2، وفازت البحرين على الكويت 10 - صفر على سبيل المثال... لكن الأجمل بقاء الروح الرياضية لدى الجميع.
في المساء نفسه، نظمت شركة نفط البحرين (بابكو) حفل عشاء للفرق المشاركة في ناديها بعوالي، حيث عُرض فيلم قصير لمشاهد مختارة من حفل الافتتاح وأهم الأهداف التي سجّلتها الفرق. كما ألقى شابٌ عماني كلمة الوفود المشاركة، شكر فيها البحرين على استضافتها هذه البطولة الرياضية الخاصة بذوي الإعاقة. وقدّمت جمعية الصم البحرينية عرضاً تعريفياً بأهم أنشطتها وفعالياتها التي نجحت إلى حد كبير من خلالها في تحقيق هدف إدماج الصم في المجتمع... مع التنويه ببرامجها المستقبلية التي تخطط لتنفيذها خلال الفترة المقبلة، مثل دورة «الحاسوب» و «المفاهيم اللغوية» و «لغة الإشارة الوصفية» للراغبين في تعلمها، فضلاً عن دورةٍ مهنيةٍ نوعية خاصة بصياغة الفضة.
في البحرين يقارب ذوو الإعاقة الستة آلاف، بين إعاقات حركية وذهنية وسمعية وبصرية، عشرة في المئة منهم تقريباً يعانون من صمم أو ضعف سمع، (ما بين 600 و800 شخص)، يتوزّع أكثرهم بين نادٍ رياضي وجمعية، يتعاونان في كثير من الأنشطة ومن بينها المشاركة في تنظيم هذه البطولة، بالتعاون مع «الاتحاد البحريني لرياضة المعاقين».
لو رجعنا بالذاكرة عشر سنوات إلى الوراء، لتذكّرنا أن أغلب هؤلاء كانوا يعيشون في عزلةٍ يفرضها عليهم المجتمع. اليوم تغيّر الوضع كثيراً، لقد خرج هؤلاء من قوقعتهم، وأخذوا يشاركون في المسابقات الرياضية والفعاليات الاجتماعية والترفيهية، والمناسبات الوطنية والدينية والمؤتمرات والندوات.
هذا الجيل (من الصم) أسعد حالاً من سابقه، الذي كان يُنظر إليه كفئةٍ من المتخلّفين عقلياً، بسبب الجهل وضعف الوعي الاجتماعي، وفي طفولتي أذكر كيف كان يلقي بعض الأشقياء الصغار الحجارة على أصم. لقد تغيّر الوضع كثيراً، ونتمنى أن تقل الإصابات بالصمم مع تقدم الوقت، مع تقليل زواج الأقارب، وتجنّب الزواج الداخلي بين هذه الفئة، وتقدم وسائل الوقاية والعلاج، فبعض من تلتقيهم لم يولد معاقاً، وإنّما تسبب التهابٌ عارضٌ في فقدان واحدة من الحواس الخمس.
مع هؤلاء تستعيد جزءاً من ذاتك وتحقّق جانباً من إنسانيتك... حيث تعود إلى أيام البراءة الأولى
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3301 - الثلثاء 20 سبتمبر 2011م الموافق 22 شوال 1432هـ
السيد رياضي
رياضي واحنه ما ندري سيد. بس تدري الرياضة ما تركب عليك. شكلك جاد واجد. الله يعطيك العافية.
فاعل الخير
الدال على الخير كفاعله-شكر خاص للكاتب المبدع على اللفتة الانسانية.
شكرا للمقاله الرائعة
اشكرك ياسيدقاسم على المقالة التى نقلتنا فيها الى الجانب الرائع من الفعاليات الانسانيه المقامة على ارضنا الطيبه .. اللهم احفظ البحرين وجميع اهلها الطيبين من كل شر
شكرا لكم
هذا الجيل (من الصم) أسعد حالاً من سابقه، هذا الجيل سيكون اسعد حالا ان شاء الله
شكرا لكل من يعمل الخير
شكرا لكل من يعمل الخير و يجض عليه
شكرا لكم شكرا لكم
شكرا لكم
فعلاً عمل إنساني كبير تنفتح له النفس
فشكرا لكم