العدد 3299 - الأحد 18 سبتمبر 2011م الموافق 20 شوال 1432هـ

زعامات دينية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تلعب الزعامات الدينية في الشرق دوراً كبيراً في التأثير على الأحداث، سلباً وإيجاباً، ودفعها باتجاه التعقيد والتأزيم، أو تسهيل المصالحة والحل.

لبنان الشقيق، شهد تحولات مهمة خلال الأسابيع الأخيرة، في مواقف اثنين من المواقع الدينية الكبرى، من المؤمل أن يسهما في استقراره وزيادة تحصين جبهته الداخلية، في وقت يتعرض فيه إلى مزيد الضغوطات.

التحوّل المهم الأول جاء في مواقف مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني، الذي ارتبط موقفه طوال خمسة أعوام بمواقف عائلة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والتي بسببها اتهمت دار الفتوى بالتبعية السياسية والارتهان لعائلة واحدة اختزلت فيها كل أبناء المكون السني. وهي معادلةٌ تغيّرت مع مجيء رئيس الوزراء الجديد نجيب ميقاتي في يونيو/ حزيران الماضي، بتوافق عربي إقليمي دولي.

دار الفتوى لم تكن بعيدة عن هذا التغيير، فكانت فرصتها لفك الارتباط بالعائلة لتصويب مسارها ورعاية مصالح أتباعها الحقيقية. ومع التغير بدأ المفتي يتعرض للقصف من مدافع حزب المستقبل الإعلامية. ووصل القصف ذروته قبل أسبوعين بعد استقبال المفتي وفداً من المقاومة.

التحول المهم الآخر في موقف البطريركية المارونية، مع انتخاب البطريرك الجديد بشارة الراعي خلفاً لسلفه مار بطرس صفير، الذي كان من أشد الداعمين لمواقف وسياسات 14 آذار، ومن يقدم لها غطاءً دينياً من الجانب المسيحي.

من يتابع باهتمام الشأن اللبناني، يدرك الفرق بين شخصيتي الرجلين، فالبطريرك السابق كان يذهب مع خيارات التصادم شوطاً بعيداً، بينما بدا البطريرك الجديد ميالاً في خطاباته إلى لغة الانفتاح والتسامح ونشر المحبة، رغم انطلاقهما من مدرسة دينية واحدة. وفي الأيام الأخيرة اتخذ مواقف قريبة من المقاومة والطرف المسيحي الوطني، وحين وقف قبل ليلتين في إحدى قرى البقاع، حيث يقوم بجولة أبوية لرعاياه، اختتمها على «مائدة المحبة التي جمعت كل الأطياف اللبنانية الدينية والسياسية والحزبية والاجتماعية»، كما قال. كان نجماً في الخطابة المتدفقة، حباً وتسامحاً ودعوة للشراكة في الوطن. يقول: «ما أجمل أن نجلس معاً، وما أحوجنا إلى أن نجلس معاً. لقد آليت على نفسي زيارة أبرشياتنا المارونية، فإذا بي أجد نفسي في زيارة رعوية للإخوان المسلمين قبل الموارنة، وأجد من يستقبلني قبل المسيحيين الإخوة السنة والدروز، وفي هذه المنطقة الإخوة الشيعة الأحباء».

الراعي اعتبر زيارته تعبيراً عن الشراكة والمحبة للبقاع المزروعة في قلب بكركي. واعتبر الأرض «هوية كل إنسان، وبيعها أو التفريط بها بيع للثقافة وللهوية وللتاريخ وللمستقبل». الأوطان لا تـُوهب ولا تـُباع، والهوية لا تقبل التفريط بها، والمواطنة روحٌ وانتماءٌ لا يخضع للابتزازات السياسية أو المقايضات.

إذا كان لديك رجل دين واع ومثقف ومسئول، فإنه يفتح أمام الشعوب أفقاً للتعايش المشترك: «طالما تطلع الشمس على الأرض اللبنانية يبقى العيش معاً... الثقافات والديانات والرؤى السياسية المتنوعة».

الراعي يبدو من الزعامات التي تشربت روح بلده وفهم طبيعته وهويته، يقول إن «جمال لبنان وثروته في أطيافه ومكوناته... ولا فضل لأحدٍ على الآخر إلا بمقدار ما يعطي هذا الوطن»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3299 - الأحد 18 سبتمبر 2011م الموافق 20 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 9:17 ص

      تلاقي افكار

      قرأت قبل قليل مقالاً للاستاذ طلال سلمان في السفير وهالني تقارب الأفكار بينكما، خصوصاً فيما كتبه عن الراعي. كبير يا سيد كبير.

    • زائر 18 | 8:26 ص

      المقارنه مع الفارق

      لدينا من يعتقد ان مغارة علي بابا فتحت وكل الغنائم من الوظائف له ولمن يتبع كلامه المسموم

    • زائر 16 | 7:14 ص

      أقولها بالفم المليان!!

      "إذا كان لديك رجل دين واع ومثقف ومسئول، فإنه يفتح أمام الشعوب أفقاً للتعايش المشترك". مع الأسف و الألم لا يوجد لدينا رجل دين بهذه المواصفات؟.. أعطِني رجلاً كالإمام موسى الصدر أو الشيخ محمود شلتوت {رحمه الله} ؛ أعطِك "أفقاً للتعايش المشترك".

      تحياتي...

      عبدعلي فريدون

    • زائر 15 | 5:28 ص

      واقع

      واعتنر الأرض ( هوية كل انسان وبيعها أو التفريط بها بيع للثقافة وللهوية وللتاريخ وللمستفبل ) ألاوطان لا تُوهب ولا تُباع والهوية لا تقبل التفريط بها والمواطنة روح وانتماء لا تخضع للابتزازات السياسية أو المقايضات ) اسمع كلامك يعجبني اشوف افعالك استعجب .

    • زائر 13 | 4:18 ص

      الكلمة الطيبة

      شكراُ على المقال الداعم الى الكلمة والموعظة الحسنة وتبا لكل الاقلام الشريرة الداعي الى نشر الكراهية والفرقة بين مكونات الشعب!!!!.

    • زائر 11 | 2:57 ص

      شكرا لكم

      في الصميم يا سيد

    • زائر 9 | 1:54 ص

      أم يوسف

      يالله ترى البحرين النور الذي بدا يسطع في أرجاء لبنان ما في أحلى من توحيد القلب و الكلمة ،

    • زائر 1 | 12:24 ص

      صباح الشموخ ياسيد

      نعم لا فضل لاحد على الاخر الا بمقدار ما يعطي لهذا الوطن المشكله لم تسمع واحد يتكلم عن الوطن ومصالح الوطن والمواطنين وهو غريب وعاله على الوطن والمواطنين يااخي اتفحص نظرات الناس الك اذا تواجدت بين المواطنين سواء كانو من هذا الطيف او ذاك كلهم يجمعون على انك غريب يااخي اتدخل روحك بين شعب الاف السنين عاش على الحلوه والمره.

اقرأ ايضاً