العدد 3297 - الجمعة 16 سبتمبر 2011م الموافق 18 شوال 1432هـ

الاستراتيجية الأميركية ونهج القوة الذكية في مكافحة الإرهاب (5)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

وفي الوقت الذي نحن فيه بصدد توطيد علاقاتنا الثنائية والمتعددة الجوانب في مكافحة الإرهاب، ستكون للولايات المتحدة توقعات واضحة بالنسبة لشركائنا. في بعض الحالات، عندما تستدعي الضرورة، سنعمل مع دول ليس لدينا معها سوى القليل جداً من النقاط المشتركة باستثناء رغبتنا في هزيمة «القاعدة « والإرهاب. وفي هذه الحال نشدد على هواجسنا حول احترام الحقوق الأساسية. إننا نُظهر من خلال المثال الخاص بنا مدى فعالية هذا التصرف.

ومن المؤسف أن بعض البلدان، وحتى بعض الأصدقاء، يسمح بأن تبقى أراضيه بيئات مباحة نسبياً لعمليات مموّلي الإرهابيين والذين يسهلون نشاطهم. ولايزال بعض الذين يُقوّضون عملنا عن طريق إثارة المشاعر المعادية للغرب، ويصدّرون الأيديولوجيات المتطرفة إلى المجتمعات الأهلية المسلمة الأخرى، يفعلون ذلك في نفس الوقت الذي يحاولون فيه محاربة الإرهابيين في بلدهم. إن تمويل المدارس الدينية التي تدعو إلى ممارسة العنف، وتجند الإرهابيين، وتوزع الكتب المدرسية التي تعلم الكراهية، لا يُسرّع سوى نمو الإرهاب. إن ذلك أشبه بزراعة الأعشاب في حديقتك ومن ثم إبداء التعجب لاحقاً عندما تخنق الأزهار. وهذا ما يعيق بلوغ الهدف المنشود ويقود في نهاية المطاف إلى الهزيمة الذاتية، وسنواصل التكلم ضد هذه الممارسات في السرّ كما في العلن. إننا سنعمل مع الآخرين لتوسيع النجاحات التي حققناها في تعطيل تمويل الإرهاب، وسأفعل كل ما في وسعي من أجل ضمان انضمام مزيد من البلدان إلى هذه المعركة.

إذاً، فإن جميع الجهود التي وصفتها - الضغوط على قادة «القاعدة»، والحملة الرامية لحرمانهم من التمويل والتجنيد والملاذات الآمنة والجهود الدبلوماسية المبذولة لبناء القدرات المحلية والتعاون الدولي - قد وضعت «القاعدة» في موقع الدفاع. ولكن بنفس الأهمية - وفي الواقع، أكثر أهمية في رأيي - كانت الضربة التي وجهتها شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نفسها. فالشعوب في المنطقة تتبع مساراً مختلفاً عن المسار الذي ادّعى بن لادن أنه الطريق الوحيد إلى الأمام. فليس هناك من دحض «للقاعدة « ولإيديولوجيتها البغيضة أفضل من ذلك. لقد أصبحت هذه الأيديولوجية غير متصلة بالواقع أكثر فأكثر في منطقة أصبح هاجسها الآن تشكيل الأحزاب السياسية أكثر من الاستماع إلى خطاب متطرف آخر.

صحيح أن المستقبل غير مؤكد، وأنه لايزال معرضاً للاستغلال من جانب المتطرفين. فالقوات الأمنية مرتبكة وغير مُنظمة. والأسلحة مفقودة. كما نعرف من خلال التجارب أن مراحل التغيير الديمقراطي يمكن اختطافها من جانب الحكام المستبدّين الجدد أو إخراجها عن مسارها من جانب المتعصّبين الطائفيين. أما كيف ستتطور هذه اللحظة، وما الذي سيحدث خلال المراحل الانتقالية هذه، فسيكون له عواقب عميقة على الكفاح الطويل الأمد ضد التطرف العنيف.

لكننا نعتقد أن الديمقراطيات تكون مجهزة بصورة أفضل من الأنظمة الاستبدادية للوقوف بوجه الإرهاب على المدى الطويل. إنها تقدم منافذ بناءة للشكاوى السياسية، وتخلق الفرص للانتقال نحو الأعلى والازدهار والتي تشكل بدائل واضحة للتطرف العنيف، كما إنها تميل لأن تكون لها مع مرور الزمن مؤسسات حكم أكثر فعالية. لذا، فإن من مصلحة الولايات المتحدة دعم تطوير الديمقراطيات القوية والمستقرة في المنطقة. هذا ما نقوم به، ونحاول مساعدة كل من الشعوب والحكومات الانتقالية في خلق الفرص الاقتصادية وتبني حكم القانون.

من المهم بنفس القدر أن تستمر الولايات المتحدة في الارتقاء إلى أفضل ما تملكه من قِيم وتقاليد. إن شعوب هذه الدول تتطلع إلينا بأعين جديدة، ونحن بحاجة للتأكد من أنهم يرون فينا مصدراً للفرص والأمل كشريك، وليس كخصم.

أما ونحن نقف هنا على ذكرى هجمات سبتمبر/ أيلول، فيمكننا أن نتذكر كيف تضافر العالم لمساندتنا في أوقات محنتنا. وبإمكاننا أن نتذكر أن الكثير منهم كانوا قد تعودوا لمدة طويلة على عدم الثقة بنا، لكنهم تصرفوا على مستوى إنساني بالنسبة لهذه الجريمة التي لا يمكن تصورها. لقد اجتمعنا كدولة مع شعورنا بالهدف المشترك والوحدة. لم يكن هناك خطوط تُفرقنا. لقد احتفلنا بتنوعنا - بما في ذلك المساهمات العديدة للأميركيين المسلمين - وأظهرنا التعاطف العميق الذي كان دائماً في صميم الطباع الأميركية.

واليوم، يراقبنا العالم من جديد، ليرى ما إذا كنا سنستجمع تلك الروح، تلك الروح الجوهرية الأميركية، لمواجهة التحديات الكثيرة التي تواجهنا هنا في الداخل وحول العالم. يشرفني أن أمثل بلدنا في كل مكان على الكرة الأرضية. أميركا بلد استثنائي. إننا استثنائيون في إبداعنا الخلاق وانفتاحنا. إننا نجذب الناس من كل مكان. إننا استثنائيون من حيث التزامنا الذي لا يتزعزع في ضمان قيام عالم أكثر عدلاً وسلاماً، ومن حيث رغبتنا، لاسيما عندما تكون هي الأكثر أهمية، في وضع الصالح العام قبل الإيديولوجيات والأحزاب، والمصالح الشخصية.

إن القيادة الأميركية مازالت تحظى بمكانة محترمة ومطلوبة. وعندما يحتاج الأعداء القدامى إلى وسيط شريف، أو عندما تحتاج الحريات الأساسية إلى مناصر، فإن المجتمع الدولي يتطلع إلينا. عندما تهدد المجاعة حياة الملايين في شرق إفريقيا، أو تكتسح الفيضانات باكستان، يتطلع الناس إلى أميركا. إنهم يرون ما لا نلاحظه في بعض الأحيان وسط كل هذا الضجيج المقبل من واشنطن: أميركا هي وستبقى منارة للحرية، وضامناً للأمن العالمي، ومجتمعاً للفرص الحقيقية، ومكاناً للتفوّق، بل ومصدراً للإمكانات حيث الأفكار التي تولد في غرفة منامة في الجامعة يمكن أن تنمو لتصبح أعمالاً قيمتها بلايين من الدولارات.

إن مصدر عظمتنا أكثر استدامة مما يبدو أن الكثير من الناس يدركونه. أجل، إن قواتنا المسلحة هي الأقوى بدرجة كبيرة، واقتصادنا هو الأكبر بنسبة كبيرة. كما إن عمالنا هم الأكثر إنتاجية. وجامعاتنا، مثل هذه الجامعة، تمثل المعيار الذهبي. قيمنا متينة. لكن تواجهنا تحديات حقيقية، وعلينا أن نتقدم ونتعامل معها. ولكنه لا يجب أن يكون هناك أدنى شك بأن لدى أميركا القدرة على تنمية اقتصادنا، وحل مشاكلنا، وتجديد قيادتنا العالمية.

في نهاية المطاف، لا يقع هذا الأمر على عاتق الرئيس أو وزيرة الخارجية وحدهما. وإنما يقع أيضاً على عاتق الشعب الأميركي. علينا أن نكون جاهزين لاسترداد تلك الروح القائمة على الخدمة والتضامن، وعلينا أن نجد الأرضية المشتركة التي تُوحّدنا نحن كأميركيين.علينا أن نكون جاهزين لإعادة الالتزام بمشروع بناء بلدنا معاً. وأظن أننا على استعداد للاعتقاد بأنه ليست هناك حدود لما يمكننا إنجازه إذا نحن فعلنا ذلك. وأعتقد أننا جاهزون.

لكنني أعرف أيضاً أنه إذا أردنا أن نكون البلد الذي نؤمن به، الذي نجده جذاباً وملهماً إلى حد كبير، علينا عندئذ أن نقبل تحمل المسئولية وأن نكون مستعدين، لأن الذي سيحافظ على أمننا وسلامتنا وقوتنا وعظمتنا أكثر من الغارات الليلية الجريئة، أو المقاضاة الناجحة، أو الدبلوماسية المثابرة، أو التنمية الاستهدافية، هو أن يوقع كل واحد منا على أن يكون جزءاً من هذا المستقبل الأميركي. (انتهى

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 3297 - الجمعة 16 سبتمبر 2011م الموافق 18 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:29 ص

      يا ببنت كلينتون يوزي عن هلسواف

      وين الذكاء والحنكه السياسيه كل الامور والدلائل اتقول ان انتون طبعتون و2011 بنسميها سنه الطبعه فشل في العراق فشل في افغانستان تخبط في السياسه الداخليه والخارجيه البلد على حافه الافلاس ضيعتون فلوس ديرتكم على حروب مافادت المواطن الامريكي اي شىء غير عداوات من فقراء العالم لوعاطين المليارات حق شعبكم كان صرتو اذكى ناس في العالم خذو العبره من اليابان طابير العوز في ازدياد الخدمات الاساسيه في تلاشي وتقولين ذكاء الله يستر علينا وعليك

اقرأ ايضاً