العدد 3296 - الخميس 15 سبتمبر 2011م الموافق 17 شوال 1432هـ

محاكمة عصابة عز

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في منتصف السبعينيات، شهد العالم محاكمة «عصابة الأربعة» الشهيرة في الصين، حيث أدين أربعة من رموز ما كان يسمى «الثورة الثقافية»، بينهم زوجة الزعيم الشيوعي ماوتسي تونغ.

في منتصف العام الجديد، شهد العالم محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وولديه، وكبار رموز حكمه، وآخرها ما جرى من حكم على أحد كبار المتربحين من وراء النظام، أحمد عز، ومن أكثر الأسماء كراهية لدى الشعب المصري.

كان عز يشغل منصباً قيادياً في الحزب الوطني الحاكم، وتلخّص سيرته صعود تلك الطبقة الطفيلية في ظل مجتمع السوق خلال العقود الأخيرة في مصر. فأبوه كان لواء متقاعداً، بدأ عملاً صغيراً في تجارة الخردة، أمّا الابن فبدأ حياته بالعمل عازفاً في ملهى ليلي، ولأنها لم تكن توفّر له العائد المطلوب اتجه إلى عالم المال والسياسة، حيث الأبواب مشرعةٌ أمام الطامحين والطامعين!

بدأ صعوده الخاطف في نهاية الثمانينيات، مع شركات الحديد والصلب والسيراميك وأنشطة التجارة الخارجية، وأصبح لاعباً مهماً ممن يتحكّمون في الاقتصاد المصري. وفي خطٍ موازٍ، أخذ يصعد في الحزب الحاكم لارتباطه بجمال ابن الرئيس المخلوع مبارك. ومن الحزب أخذ طريقه إلى البرلمان، ولم يأتِ عام 2000 حتى أصبح رئيس لجنة التخطيط والموازنة. هذه اللجنة، وبرئاسة مثل هذا الشخص الانتفاعي، اتخذت قرارات اقتصادية أقل ما يقال عنها إنها مستفزة وتفتقر للذكاء السياسي، كتقليص الدعم للفقراء، ودعم مصانع ومشاريع الأثرياء.

في تجارته لم يتورع عز عن الاحتكار والتلاعب بالأسعار حتى اعتبرته بعض مؤسسات المجتمع المدني «عدو المستهلكين رقم واحد». وأصبح في عيون المصريين من أكبر رموز الفساد في النظام، حيث جمع ثروةً تقدّر بخمسين مليار جنيه في عقدٍ من الزمان. من هنا جاءت استقالته مبكراً قبيل انهيار حكم مبارك، وبعدها أخضع للإقامة الجبرية وتم التحفظ على أمواله ومنهوباته، وخضع للتحقيق لتظهر الفضائح والمخبآت.

من بين ما كشفته النيابة حصول عز على ترخيص لإنتاج الحديد بالاتفاق مع وزير سابق، ورئيس هيئة التنمية الصناعية، دون الدخول في مزايدات علنية كما يقضي القانون، ما يعتبر تلاعباً وإضراراً بالمال العام، فضلاً عن مخالفات مصانعه الأخرى.

يوم أمس (الخميس)، حُكم على عز بالسجن المشدّد 10 سنوات، وتغريمه إلى جانب آخرَيْن بغرامات جاوزت ملياري جنيه، ما أصاب «عصابة الثلاثة» بحالة من الذهول، كما جاء في تقرير لإحدى الوكالات. يبدو أنهم كانوا يتوقعون حكماً بالبراءة بعد كل ما أفسدوه، وكأن شيئاً لم يكن، ويا دار ما دخلك شر!

بعد صدور الحكم، قامت قوات الأمن المصرية بترحيل عز مع صديقه رئيس هيئة التنمية الصناعية إلى سجن طره الشهير، بينما لايزال المتهم الثالث (وزير التجارة والصناعة) هارباً. وفيما استبشر بعض المصريين بالحكم وطالبوا باستعادة الأموال لسداد ديون مصر، اعتبرها آخرون أحكاماً مخفّفةً، لا تتناسب مع حجم المسروقات

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3296 - الخميس 15 سبتمبر 2011م الموافق 17 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 5:54 ص

      ما قدر هذا في محاكمة الله

      يوم لا يعذب عذابه أحد
      ويوم لا يحاسب حسابه أحد
      ذلك هو الحق ويوم الطامة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى وبرزّت الجحيم لمن يرى

    • زائر 3 | 4:26 ص

      بحريننا

      مقال رائع لكن سيدي العزيز مع احترامي لك ، لماذا أغفلت الجانب البحريني

اقرأ ايضاً