لا نبالغ في القول إن صدحنا بأن أبا أمل يعتبر مانديلا البحرين، لوجه التشابه بينهما في كثير من المواقف والمطالب والدفاع عن الحقوق العامة، فكلاهما كان يكافح من أجل الحرية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان. فالاثنان عاشا الأمرّين بين قضبان السجون والمنافي.
الأخ المناضل عبدالرحمن النعيمي كان يدافع عن حقوق الشعب بشتى أطيافه، فلا يعير اهتماماً إلى عرق الشخص أو مذهبه أو معتقداته، فالكل في قاموسه سواسية كأسنان المشط، والدليل على ذلك الخليط من الشعب البحريني بجميع طوائفه وتوجهاته، الإسلامية والليبرالية والشيوعية، في تشييع جنازته إلى مثواه الأخير.
هذا ما لمسناه أيضاً، عندما أقيم حفل تأبين للمناضل الكبير من قبل إخواننا في جزيرة سترة، بمأتم حمد يوم السبت الموافق 10 سبتمبر 2011، ولاحظنا حضوراً كثيراً من قبل الأهالي ورجالات سترة والقوى السياسية. ومع أن هناك قصوراً في الإعلام والسرعة في الترتيب لهذه الفعالية، إلا أن الحضور كان كبيراً وعلى رأسهم قيادات المنطقة، وكذلك التأبين الذي أقيم بمنطقة النويدرات الذي لم أحظَ بحضوره، إلا أن الحضور كان كبيراً كما وصل من أنباء.
من هنا نستخلص أن ليس لدى الشعب أيّ خلاف مذهبي أو عرقي بين الطائفتين الكريمتين، ويعطي انطباعاً للصورة الحقيقية للشعب البحريني الأصيل، ومن يحاول أن يرسم صورة مغايرة عن الواقع أو يقوم بطأفنة المطالب نعتبره من المتمصلحين الذين لا يراعون مصلحة الوطن.
المثير في الأمر أن كثيراً من الأهالي امتعض لعدم علمه بحفل التأبين، بسبب قلة الترويج، وكأن لسان حالهم يقول فاتتني فرصة تقديم العزاء لأهل الفقيد الذي يستحق الكثير. وهذا الأمر يقودنا إلى أن الناس ليس لديها تحفظ على أية شخصية بسبب انتمائها المذهبي أو العرقي، وهي إشارة أخرى لمن يحاول أن يزرع الحقد ويبث الكراهية بين الطائفتين، ما يؤكد أن الوشاة والمتمصلحين من هذه الأزمة، سوف يخسرون الرهان على تفتيت الشعب.
خلاصة القول إن هؤلاء الذين يقتاتون على إشعال الفتن، وغرس الغل في الصدور من أجل الحصول على مكارم أو وجاهةٍ أو منفعةٍ ذاتية على حساب ظلم الآخرين، وإغراق البلد في الفوضى السياسية.
بالرجوع إلى شخصية عبدالرحمن النعيمي، كان أبو أمل ينشد الوحدة الوطنية، وكان موقفه واضحاً بشأن برلمان كامل الصلاحية يكون الشعب مصدر السلطات، وأن يسود العدل والمساواة. والملفت في شخصيته، أنه يحترم الصغير والكبير، والغني والفقير، فقلما تجده يتحدّث عن نفسه. كان يجابه العنصرية المقيتة، ويتصدى للطائفية البغيضة، ويصدح بصوته الذي لا يرتجف، ولا يخاف في الله لومة لائم. وكان يحارب كل من يحاول شق المجتمع إلى أجزاء متناثرة متضادة متناحرة كما هو حاصل اليوم، وكأنه يقرأ المستقبل.
مهما سطرنا مقالات في رثاء هذا الرجل المناضل، فإنها لا تفي بحقه. فكان يدافع عن المظلومين ويواسيهم في أحزانهم، ويحضر أفراحهم. عند التحدث معه يجذبك للحديث، ويزرع فيك الثقة لما يتميز من دماثة الخلق.
لا أودّ التحدث عن لقاءاتي بهذا المناضل الكبير الذي يستحق وسام الوطنية من الدرجة الأولى، الذي كان يتطلع إلى دولة مدنية حديثة يحكمها القانون والدستور، ولكنني أقفل هذا المقال، برفع التحية والعزاء إلى أهله وذويه، بفقيد البحرين الكبير
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ
يشرفنا في سترة
هذا السني المناضل يشرفنا حفل التأبين له في جزيرة سترة
شكرا
شكرا لكم وسنبقى
أخوان سنة وشيعة ... هذا البلد ما نبيعه
مهما جرونا المفتنين
لا سنية لا شيعية
لا سنية لا شيعية ... وحدة وحدة وطنية