العدد 3294 - الثلثاء 13 سبتمبر 2011م الموافق 15 شوال 1432هـ

لماذا الإصرار على محاكمة رئيس مخلوع؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عندما تبحث في «غوغل» هذه الأيام عن أخبار مصر، فستظهر لك صورة الرئيس المخلوع حسني مبارك، ممدّداً على السرير الطبي في المحكمة.

أمس تابعت ما أوردته ثلاث قنوات خبرية (رويترز، أ ش أ، سي إن إن)، عن خبر محاكمته، والأخيرة أوردت صورةً مقرّبةً لوجهه، حيث بدا مقطّباً عضلات وجهه غائصاً في تفكير عميق.

كثيرون يعتقدون أن الرئيس السابق إنما يتعمد دخول المحكمة بهذه الطريقة استعطافاً للرأي العام وتأثيراً على اتجاهاته، طمعاً في عفوٍ أو إعفاء من المحاكمة، على خلاف تعامله القاسي مع معارضيه السياسيين.

في جلسة الأمس، تم تقديم عدد من مسئولي النظام السابق إلى المحكمة بتهمة القتل والتحريض على قتل المحتجين السلميين خلال الثورة، إلى جانب قضايا فساد وتلاعب بالمال العام. وتم استدعاء رئيس جهاز المخابرات السابق القوي اللواء عمر سليمان، الذي كان عرّاب العلاقات المتميزة والاستراتيجية مع الكيان الصهيوني.

بموازاة ذلك تجري محاكمة 25 متهماً من كبار المسئولين السابقين المتورطين في معركة «الجمل» الشهيرة، بينهم رئيسا مجلسي الشعب والشورى السابقان، ونواب ورجال أعمال متهمون بالفساد والرشوة. وفيما تتقدم المحاكمات ببطء، هناك خشيةٌ من المحاولات الجارية لتمييع الثورة وقطع الطريق عليها لئلا تصل إلى أهدافها الكبرى في تحقيق العدالة الاجتماعية وتصحيح الوضع السياسي الخاطئ.

واقعة الجمل كانت من العوامل الحاسمة التي قلبت المعادلة، وأسرعت بإنهاء النظام بينما كان مستشاروه ومخططوه يأملون من ورائها كسر شوكة المعتصمين. كما ساهمت في فضح إفلاس النظام وتحلّله أخلاقياً وسياسياً، عندما لجأ إلى سياسات البلطجة والقتل الجماعي في ميدان التحرير (سقط يومها 850 قتيلاً وأصيب أكثر من ستة آلاف).

في آخر استطلاع نشر قبل يومين عن موقف الرأي العام المصري من المحاكمة، أظهر تأييد 67 % لمحاكمة حسني مبارك فيما عارضها 13 %، وامتنع عن الإدلاء بآرائهم 20 % من المشاركين. فلماذا إصرار هذه النسبة الكبيرة على المحاكمة رغم الدور المسرحي المتمسكن الذي أبدع في تقديمه الرئيس السابق؟

الاستطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وليس أية صحيفة أو قناة إعلامية معارضة، وشارك فيه أكثر من ألف شخص، وهو يمثل عينة إحصائية ذات دلالة. فبمقدار ما كانت وسائل إعلام الدولة تظهره قوياً وحكيماً وشجاعاً وماهراً في بحر السياسة، كشفت الأحداث حقيقة شخصيته وثقلها الواقعي. فمصر في عصره تدهورت مكانتها حتى أصبحت تابعةً بعد أن كانت متبوعةً، ومقودةً بعد أن كانت قائدة. ولاشك أن المصريين يتطلعون إلى استعادة موقع بلادهم الصحيح بين الأمم، خصوصاً وهم يرون الدول الإقليمية ذات الثقل السكاني نفسه، تحتل موقعاً مؤثراً في سياسة المنطقة. إنه الشعور بالكرامة الوطنية التي سحقها النظام السابق.

جانب آخر تكشفه الأحداث، هو أنه بمقدار ما يضخم الإعلام التابع من حجم الرئيس وتأليهه، يأتي سقوطه مدوّياً ومهيناً، وليس صدفةً أن تكون صورته الأخيرة التي ستبقى في الأذهان أشبه بصورة المومياوات المحنطة التي تحفظها المتاحف المصرية من أيام الفراعنة. سنة الله في الذين خلوا من قبلكم، ولن تجدوا لسنة الله تبديلا

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3294 - الثلثاء 13 سبتمبر 2011م الموافق 15 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 4:13 م

      رجالها مع من غلب

      كان الفرق كبيراُ عندما تم الأستيلاء على السلطة و تنحية الملك فاروق بكل احترام و ادت ثلة من حرس الشرف التحية له قبل مقادرتة . اخلاقيات زمان و اخلاقيات البلطجية تختلف . و لكن رجالها مع من غلب .

    • زائر 17 | 8:54 ص

      اعتقد ان الكلام في الصميم

      مشكور ونتمنى ليك الأفضل ... فعلا اصرار على المحاكمة وزين العابدين بن علي مردة بحصل حقة والقذافي وكل ضالم

    • زائر 16 | 5:58 ص

      مازال في ضحايا

      في سوريا الان تقريبا سقط 2400 من الشهداء ومازال العدد في تصاعد وعلي فكرة لم تحسبهم شهداء الذين سقطوا في مصر

    • زائر 15 | 5:45 ص

      عاقبة الظلم

      عاقبة الشر والظلم لا بد منها في الدنيا قبل الاخرة-ولكن ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار!!!!.

    • زائر 14 | 5:30 ص

      المصرى

      الرجاء توخى الدقة فى عدد شهداء موقعه الجمل فالرقم المذكور هو رقم كل من سقط في الثورة المصرية من شهداء الثوار وشهداء الشرطة وكذلك من خارجين على القانون

    • زائر 13 | 4:47 ص

      العفو والاصلاح

      من البديهى ان "ومن عفا وأصلح" .. أعظم من "من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى"..
      أليس الله بأحكم الحاكمين. التشفي والانتقام لن يرجع من قتل ولن يعيد للمظلومين حقوقهم. فقد أخذ أخذ عيز مقتدر. عندما أعدم صدام هل عادت العراق كما كانت أيام الدولة العباسية وكذلك عندما زالت الدولة العباسية لم تعود عما كانت أيام على ابن أبي طالب مثلاً. فهي "أيام ندولها بين الناس" ولا يصح العطار ما أفسده الزمن وكذلك السياسي المحنك ان أردتم لن يكون أفضل حالا من العطار.

    • زائر 12 | 4:18 ص

      لماذا؟؟؟؟

      وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون

    • زائر 11 | 3:03 ص

      لماذا؟

      لذلك وجب تفويقهم وإفاقتهم من نومهم وكما حاكم الله فرعون الذي قال ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ولكن هذا كلام لا ينطلي على العقلاء من البشر فكيف ينطلي على رب الأرباب
      لذلك حاكمه الله في الدنيا قبل الآخرة ليكون لمن خلفه
      آية وعبرة وللأسف العبر كثيرة والمعتبرين قلة
      مع وجود المحاكمات والنهايات السيئة لكنها لم توقف حاكما عن ظلمه ولم تردع احدا عن غيه

    • زائر 4 | 1:06 ص

      الجواب

      لأنه طغى وتجبر
      لأنه أفسد وسرق
      لانه أذل الشعب المصري الأبي
      لأنه سلط شرار الخلق على المصريين
      لأنه باع مصر للاجانب واسرائيل.

    • زائر 1 | 10:41 م

      لماذا الإصرار على محاكمة رئيس مخلوع؟

      للإجابة على السؤال يجب معرفة السبب .والسبب هو الظلم ...وهذا الرجل يمثل الظلم بأبشع صوره ... والظلم ظلمات ويجب التخلص من الظلمة بالنور . والنور هو حصول كل ذي حق حقه
      ، والقصاص من الظالم . مهما كانت رتبته ومكانته .... هذا في الدنيا فكيف بيوم القيامة ... يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم .... الا لعنة الله على الظالمين. ربنا مسنا الضر و أنت أرحم الراحمين .

اقرأ ايضاً