العدد 3293 - الإثنين 12 سبتمبر 2011م الموافق 14 شوال 1432هـ

الدم السوري الحرام

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حقوق الإنسان منظومةٌ لا تتجزأ، واحترام البشر واجبٌ تفرضه الشرائع الأرضية والسماوية على السواء، سواء في مصر أو تونس أو سورية أو أية دولة مغاربية أو خليجية.

ما يجري في سورية لا يختلف عمّا يجري في دولٍ عربيةٍ أخرى منذ انطلقت أحداث الربيع العربي، ونزل شباب الأمة إلى الميادين العامة يطلبون تغيير واقعهم إلى الأفضل بعد أن سدت الأنظمة في وجوههم سبل التغيير.

كتبت كثيراً عن إفلاس النظام الرسمي العربي، وضعفه وتآكله، حتى سلّم مقاليده للسياسة الإسرائيلية، وآخره ما تم من في حربي تموز وغزة، اللتين شارك فيها وباركها البعض.

انتفاضة الشعوب العربية تأتي في سياق الاحتجاج العام على السياسات الخارجية لهذه الأنظمة، فضلاً عمّا وصلته أوضاع السياسة الداخلية من هدر واحتقار واستباحة لكرامات الشعوب من دون استثناء.

خلال العقد الأخير، شهدنا تسابقاً محموماً على تمرير مشاريع التوريث في عدد من الجمهوريات الوراثية، وفي مقدمتها سورية، التي اجتمع مجلس نوابها ليغيّر بنداً واحداً يجيز خفض سن الرئيس إلى 34 سنة، فقط ليتوافق مع عمر ابن الرئيس السابق. كان ذلك قمة الإهانة لذكاء الشعب العربي السوري وكرامته، الذي صبر حتى انفجر.

في كل الدول العربية التي طالها الربيع العربي، كانت استجابات أنظمتها دائماً متأخرة، وكلها كانت تلجأ إلى العنف والقتل لإيقاف هذا الموج الغاضب. جيلٌ جديدٌ من الشباب الطامح إلى حياةٍ جديدة، بحيث لا يعود متاعاً يورّثه الأب لابنه كما يورّث الأموال والضياع. وسورية كانت مثالاً فاقعاً وجارحاً للكرامة، فلم يكن بشّار هو المرشح أصلاً لخلافة والده، بل أخوه باسل الذي قضى في حادث مرور في طريق لبنان، فتمّ إعداده للحكم، وكأن سورية خلت من الكفاءات إلا من بيت حكمٍ واحد.

معرفتنا بسورية ليست طارئةً ولا مستجدةً، فقد تفتح وعينا على أخبار مجازر حماة مطلع الثمانينات. ومن أوائل من اكتشفنا من خلاله أشواق سورية الجديدة الزميل فايز سارة الذي سجن عدة سنواتٍ لمجرد توقيعه على بيان يطالب بالحريات في بلده، فمعارضة النظام في سورية جريمةٌ كما في أنظمة عربية أخرى، وعادةً ما يُواجَه هؤلاء باتهامهم بخيانة أوطانهم والعمالة للأجنبي والارتباط بالأجندات الخارجية وغيرها من التخاريف.

سارة من الشخصيات المناضلة من أجل مجتمع مدني، أُفرج عنه قبل شهرين وأصبح اسمها يتردّد في نشرات الأخبار، إلى جانب اسم هيثم مناع الذي نُجلّه ونقدّره، لمعدنه الأصيل، ونضاله المخلص من أجل حقوق الإنسان العربي أينما كان.

الأمور واضحةٌ لدينا، لا التباس ولا تمويه ولا ازدواجية معايير، ومن دون مزايداتٍ من الطارئين على عالم السياسة أو الكتابة. دم المواطن العربي حرامٌ، في أية مدينةٍ عربيةٍ سُفك، وقتل الإنسان المطالب بحقوقه جريمةٌ سواء كان في سورية أو مصر أو اليمن أو غيرها، من دون تمييزٍ أو تفرقةٍ بسبب الانتماء الديني أو المذهبي. وتعذيب الإنسان في المعتقلات وهتك الأعراض وهدم المساجد والقباب... كلها أمورٌ لا يرضاها الله ولا الضمير الحي، في أيّ بلدٍ كانت.

القوة لا تمنح الشرعية الشعبية، والقمع لا يحقّق الاستقرار والازدهار، وحرية الشعوب العربية مشروعٌ أجّل أكثر من نصف قرن

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3293 - الإثنين 12 سبتمبر 2011م الموافق 14 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 2:39 م

      وقفة مشرفة

      تغطيةجريدة الوسط للثورة السورية خبرا ومقالا وتعليقا وتحليلا ليست محل مزايدات من أحد.وقفة مشرفة فعلا مع حقوق الشعب السوري الشقيق.

    • زائر 20 | 11:19 ص

      تحذير الرسول الأكرم ص من الفتن في الأحداديث الشريفة ...... ام محمود

      (إن الفتنة إذا أقبلت شبهت وإذا أدبرت أسفرت وإن الفتنة تلقح بالنجوى وتنتج بالشكوى فلا تثيروا الفتنة إذا حميت ولا تعرضوا لها إذا عرضت إن الفتنة راتعة في بلاد الله تطأ في خطامها لا يحل لأحد من البرية أن يوقظها حتى يأذن الله تعالى لها الويل لمن أخذ بخطامها ثم الويل له ثم الويل له).

      (إياكم والفتن فإن للسان فيها مثل وقع السيف)

      ( يا خالد بن عرفطة إنه سيكون أحداث وفتن واختلاف فإن استطعت أن تكون المقتول ولا تكن القاتل فافعل).

    • زائر 19 | 10:59 ص

      في التسعينات زرت سوريا بلد جميل جدا يحزننا ما وصل اليه من قتل فظيع .... ام محمود

      يقولون الفتنة عمياء و مظلمة إذا حلت بالبلد اكلت اليابس والأخضر وتركته مقفرا مجدبا
      يحزننا جدا ما يحدث في البلد العربي الشقيق و تساقط الابرياء من الشباب والرجال والنساء والأطفال وشلال الدماء الذي لا يتوقف الوضع عندهم مأساوي

      أنا زرت دمشق و حمص وحماه وكسب واللاذقية والشاطيء الأزرق
      في مدينة الرقه هناك بناء كبير ضخم جدا يضم عدد من الصحابة من بينهم الصحابي الجليل عمار بن ياسر
      كما ان ضريح مؤذن الرسول ص بلال بن رباح هناك وسعد بن معاذ
      كانت صور الشهيد باسل الأسد تملأ المكان
      وقالوا ان الحادث مدبر

    • زائر 18 | 10:39 ص

      ما يحدث

      ما يحدث في سوريا مؤلم جدا والسكوت العربي مخزي لا تعرف ماذا تقول الى الله يساعدهم والشكوى لله ... يقول تعالى من قتل نفس كانما قتل الناس جميعا ...

    • زائر 17 | 7:26 ص

      مع الشعب السوري لا مع قتلته

      كم صعب ان يكتوي الأخر بنار من من اكتوى بها . وما اصعب من ضلم المضلوم للمضلوم زلا لازدواجية المواقف فالدم والنفس حرام حرام اينما كان سواء في مصر او ليييا او البحرين او ايران او سوريا ولا يبررها او يحلها موقف هذا النظام او ذاك من قضية ما او نوع النظام فالقضية الأولى والأساسية هى انسانية الإنسان وكرامته وحقوقه فشكرا لك ولجريدة الوسط التي اثبتت وسطيتها وجاهرت بالموقف الصحيح الذي يرفضه البعض نتيجة نسخ مواقف الأخرين فكل الدعم للثوار السوريين من اخوتهم البحرينيين وشكرا لهيثم مناع ولا لمن شرعن سفك دمنا

    • زائر 16 | 6:15 ص

      لماذا الازدواجية؟

      فعلا الموقف موقف مبدئي، حقوق الانسان لا تتجزأ. ما يصير ندين قصا المساجد في سورية ونسكت عن هدمها ف بلد عربي ثاني. لماذا الازدواجية؟

    • زائر 10 | 3:03 ص

      مناضل شريف

      شكرا لتنويهك بدور المناضل الشريف هيثم مناع، فقد كان نصيراً لقضايا حقوق الانسان في كل الدول العربية دون تفرقة عنصرية ولا تمييز.

    • زائر 4 | 12:46 ص

      اتمنى ان ينال الشعب السوري حقوقه العالدلة.

      واحيي هيثم مناع هذا الرجل الشريف امثاله.

اقرأ ايضاً