العدد 3292 - الأحد 11 سبتمبر 2011م الموافق 13 شوال 1432هـ

الببغاء العراقي

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

لم استغرب (وللأسف الشديد) حين حدثني صديقي عن مشكلة زوجية بين أخيه وزوجته يتجه قرارهما فيها إلى الطلاق والافتراق، لكثرة المشاكل الزوجية التي تصل إلى هذه النهاية المؤلمة، لكنني استغربت حينما أخبرني أن ابنهما وهو الشاب الوحيد هو من يعمل على أن تسوء العلاقة بينهما، لأنه يستفيد من الطرفين (الأب والأم) إذا توترت العلاقة بينهما.

في تفاصيل القصة، نقل لي ما يضحك من المقالب والمواقف والأكاذيب التي يتقنها ذلك الشاب لاستمرار الخلاف بين والديه، وما يترتب على ذلك من مكاسب يجنيها إذا تعاطف وتعاون مع أحد الطرفين ضد الآخر، وكان آخرها جهاز (آي فون) من والدته العاملة في وظيفة راقية. لكنه كذلك نقل لي ما يحزن ويكدر الخاطر، ويذكر بالمثل أو الحكمة المتداولة «مصائب قوم عند قوم فوائد».

يعيش أناس كثيرون بجدهم وجهدهم واجتهادهم، ويعيش آخرون بحيلهم وتذاكيهم و(فهلوياتهم)، وقسم آخر يعيش على مصائب الآخرين واختلافهم وتحاربهم. يرى كل واحد من الأقسام الثلاثة أن مكاسبه حصاد طبيعي لأسلوبه الذي اختاره لحياته وعيشه، ولذلك يتمسك به ويعتبره أكسجينه الذي لا حياة له من دونه.

قبل فترة بسيطة وفي حدث داخلي حين وضعت بعض المحددات والضوابط للحد من تأشيرات للعمال الأجانب في المملكة العربية السعودية تأذى الكثير من الناس، لكنني سمعت كلاماً آخر من المستفيدين، لقد ضاعفوا أجرة العمال الذين يشغلونهم لحسابهم وتحت كفالتهم، فارتفعت بذلك مداخيلهم وتحسنت مواردهم.

وفي حدث خارجي قريب بعد سيطرة الشعب الليبي على بلاده؛ بدأت الفرحة تغمر الشركات الغربية الكبرى التي تستعد لإعمار ليبيا وتحريك اقتصادها واقتصاد دولها على أكتاف ذلك الشعب الحر الكريم الذي أذاقه طاغيته أصناف الذل والتحقير.

يؤسفني حالي الذي وصلت إليه، وأنصحك قارئي العزيز ألا تكون أفضل حالاً مني، ففي كل مصيبة أو مشكلة أو تأزم داخلي أو خارجي، اجتماعي أو غير ذلك يلح عليَّ سؤال يدفعني إلى البحث عن المستفيد الحقيقي وراء الحدث واستدامته وتغذيته. أسوأ النتائج في مثل ذلك البحث حين تكتشف أن النتيجة أو الإجابة مفجعة ومخجلة في آن، وأن تعرف أن المقربين منك أو خاصة مجتمعك هم من لا يرضيهم أن تحل المشكلات وتنتهي الخلافات، بل يعملون لا سمح الله على استدامتها واستفحالها، فتمرض القلوب وتتلوث النفوس وتزداد المعاناة والمصائب.

تعيد السؤال على نفسك مرات ومرات: كيف يعمى قلب الإنسان، ويتلاشى إحساسه فيفعل كما فعل ذلك الشاب بوالديه، فيفرح بتمزيق الانسجام وتبديد السعادة، وقتل الحب والمودة بين أقرب الناس له، فتحضر الإجابة مخجلة وأليمة.

من بقايا البريد الالكتروني بأيام العيد التي مازالت فرحتها تسعدنا جميعاً، وصلتني نكتة لها صلة حميمة باستفادة الآخرين من مصائب غيرهم، فتحت عنوان «فرحة الببغاء» خلال رمضان المبارك نكتة لطيفة تقول بلهجتها العراقية الجميلة، إن أحد الأطفال عاد من مدرسته إلى المنزل وهو تعب وجائع، فسأل أمه: ماما شمسويه غده (غذاء)، فأجابته: إذا كل شي ماكو (غير موجود) عندنا اشلون أسوي لك أكل؟ فرفع رأسه ورأى الببغاء في القفص، فأشار له قائلاً لأمه: ماما سوي النا هالببغاء ويا تمن (رز)، فقالت أمه: تمن ماكو، قال الطفل لعاد سويه مقلي بالزيت، فأجابته: زيتنا خلص، قال لها: سويه إلنا ببهارات وطماطم، فأجابته: قلت لك كل شي ماكو، قال لها: زين خليه ينشوي بفرن الكهرباء، قالت له: انت تدري عن انقطاعات الكهرباء ابلدنا يالله بعد 10 ساعات حتى تجي، وإذا بالببغاء يرفع صوته صارخاً «تعيش الحكومة»

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 3292 - الأحد 11 سبتمبر 2011م الموافق 13 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً