لاشك أنّ عملية التعليم من أصعب المهن التي يمارسها الإنسان المتحضر، وهي مهنة شاقة بكل المقاييس البدنية والنفسية والفكرية، حيث إنّ الشخص المتعاطي مع هذه الوظيفة يجند مجموعة كبيرة من قدراته العقلية والنفسية، والجسمية في محاولة التكيف مع طلابه، وإيصال الخبرات المطلوبة بيسر وسهولة إلى الشرائح المختلفة من المتعلمين، وعادة ما يتكيف معظم المعلمين ويتغلبوا على صعوبة وطبيعة هذا العمل بمجموعة من العوامل الذاتية والبيئية التي تساعدهم على تخفيف مشاق هذا العمل المميز، والتغلب على المحبطات الكثيرة والمعيقة لهم، ومن تلك العوامل تبرز بالدرجة الأولى الألفة التي يكوّنها معظم المعلمين مع أنماط طلابهم في المدرسة، وكذلك يكوّنون صداقات مهنية وشخصية مع الزملاء تمتد أحياناً إلى خارج دوام العمل، بهذه الإجراءات ينشأ لديهم بشكل نسبي نوعاً من الرضا الوظيفي المتمثل في مجموعة من الأحاسيس الجميلة منها القبول والسعادة والاستمتاع التي يشعر بها المعلم تجاه نفسه ووظيفته وهي لاشك تخفف عنهم الكثير المتاعب.
بعد هذه المقدمة أحب أن أوضح هنا أنّ شعوراً وهاجساً مرعباً يلاحق الكثير من المعلمين يتمثل في خوفهم من النقل المفاجئ! وانتزاعهم من أحضان مدارسهم وطلابهم إلى مدرسة أخرى، وتختلف بالطبع ردة الفعل بين معلم وآخر حيث يتقبل البعض هذا التدوير بسهولة ويتكيف بسرعة مع البيئة الجديدة، بل ويرى ذلك مهماً له وتنشيطاً لقدراته، ولكن البعض من المعلمين يحجم ويرتاع من هذا النقل، وخاصة إذا كان بعيداً عن مكان سكنه أو لا توجد أسباب واقعية تتطلب نقله، ويزيد هذا الأمر إيلاماً إذا كان هذا النقل تعسفيّاً وليس له أي مبررات تربوية وإنما حصل نتيجة لعدم ارتياح مدير المدرسة من هذا المعلم أو المعلمة!
وعادة ما يصدر قرار النقل من وزارة التربية مذيّلاً بعبارة «للمصلحة العامة»، وأنا أجزم أنّ المزاج الشخصي لمدير المدرسة له دور كبير في هذا النقل، فمهما كان المعلم مخلصاً ومميزاً ويتمتع بقدرات عالية في إيصال المعارف لطلابه نقول إنّ كل هذه المميزات لا تشفع له إذا اختلف مع مديره وجاء برأي مخالف حول بعض القضايا التربوية أو التنظيمية في المدرسة!
فيلجأ بعض المدراء ولا نقول الكل بالإسراع في تحرير مجموعة من الحيثيات وإرسالها إلى المسئول في الوزارة ليتم بعدها إصدار قرار سريع يتم بموجبه نقل المعلم إلى مدرسة أخرى ليبدأ بعدها مشوار المعاناة ومحاولة التكيف مع الوضع الجديد! وقد يتجاوز بعض المعلمين ذلك كما قلنا وينفذ قرار النقل بسرعة ويتواءم مع المدرسة المنقول إليها بسهولة، ولكن المشكلة في إخفاق البعض الآخر من المعلمين خاصة العاطفيين في هذا التكيف وتكون النتيجة بدون شك سلبية على المعلم وطلابه!
يحضرني هنا قرار نقل مفاجئ لأحد الزملاء المشهود لهم بالكفاءة والخبرة الطويلة والمحبة المتبادلة بينه وبين طلابه وزملائه من مدرسته الإعدادية إلى مدرسة ثانوية! ولما ذهب إلى وزارة التربية ليستفسر عن أسباب هذا النقل التعسفي وخاصة أنه حدث في الفصل الثاني، وقابل إحدى مسئولات التعليم الإعدادي نظرت إليه باستغراب شديد قائلة إنني أرى شخصاً محترماً مهذباً يتناقض تماماً مع ما هو موجود أمامي من مبررات رصدها مدير المدرسة لتعجيل هذا النقل! ولم يعرف المعلم بالطبع إلى الآن تلك الأسباب التي استلزمت نقله المفاجئ من مدرسته!
هذه القرارات السريعة بالنقل كما قلنا ليست في مجملها تربوية، خاصة إذا كانت من غير رضا المعلم ورغبته ولا شك أن آثارها ليست إيجابية على المعلم والطلاب.
ونحن لسنا مع منع تدوير المعلمين خاصة إذا جاء ذلك تلبية لرغبة المعلم أو بمبررات واقعية بأنه بالفعل للمصلحة العامة، أما النقل التعسفي الناتج من تصرفات مزاجية وغير تربوية من إدارة المدرسة فهو بلاشك مرفوض لسلبياته الكثيرة التي تعيق العملية التعليمية التعلمية. فالمطلوب من المعنيين في الوزارة عدم الاستجابة لرغبة المدير إلا بعد التحقيق في الأمر والاقتناع به.
حسن الوردي
دمعت العيون وذرفت كل دموعها على رحيل الحبيب الغالي عبد الرحمن النعيمي رحمه الله تعالى
بكت القلوبُ ألماً وحسـرة على فراق النسـر الأبيض
نعم ذلك النسـر المحلق في الأفق البعيد
لقد غاب النسرُ الأبيض ورحل إلى جوار ربه بعد أن ترك حُبه في كل قلبٍ عربي
لقد ودعت البحرين الأب الحنون والأخ الكريم والابن البار
لقد بكت كل القلوب على فراقك أيها النسـر الأبيض
ذرفت العيون كل دموعها واحترقت القلوب ألماً وحسـرة على فراقك
آه وألف آه على فراقك أيها الخال الحبيب أيها الخال الغالي أيها الأب الحنون
لقد ترك فراقـُك جرحٌ كبيرٌ في القلوب
كان موتـُك صـدمة لكل الناس
كان كحلمٍ لا نسـتطيع أن نستوعبه، ولكن نرجع إلى صوابنا ونواسي بعضنا ونقول اللـَّهم لا اعتراض على حكمك وقضائك، ونرجو من المولى عز وجل أن يسـكنك جنة الفردوس وينزلك في دارٍ خير من دارك ويلهم أهلك الصبر والسـلوان.
لقد رحلتَ أيها النسـر الأبيض ولكن ذكراك خالدة في قلوبنا مدى الدهر، لقد تركتَ لنا أبناء نعتز ونفتخرُ بهم، وتاجاً على رؤوس من عرفهم وأحبهم.
إن روحك باقية في زوجتك العظيمة، الوافية، الصابرة، الأم الحنون، التي تملك ذلك القلب الكبير، القلب الذي لا يعرف الضجر ولا الملل، ذلك القلب الذي يسـكنه الحب والتسـامح. تركت لنا أمـَّا بكل معنى الأمومة، تركتَ لنا أم أمل، نسـتمد قوتنا وفخرنا وعزنا بها بعد الله تعالى.
إنني مهما كتبت من وصف هذه الأم العظيمة فإنني مقصرة كل التقصير في حقها.
لقد تعلمنا منها الحب والتسـامح والأمل والصبر والنظرة المشـرقة للمسـتقبل الزاهر.
هذه الأم العظيمة الحبيبة تاج على الرؤوس.
سـامحيني أيتها الأم الحنون على التقصير في حقك.
س.ج.النعيمي
مازالت مشكلة أو مشروع بناء البيوت الآيلة للسقط تراوح محلها، وهى دليل واضح على الوضع القائم في مملكة البحرين ودليل أيضاً على مدى ضعف الحكومة في التعامل مع ضبط المشاريع الإسكانية... تخبط بدأ بوزارة الإسكان ثم تحول المشروع إلى «البلديات». منذ بداية مشروع البيوت الآيلة للسقوط... والبيوت بدأت تتساقط بيتاً بيتاً... بسبب عدم وجود التخطيط السليم الذي يعتمد على الموضوعية والتقنية العلمية والموضوعية، بالإضافة إلى الأدبية والأخلاقية! فالمشروع يتم تحويله من وزارة إلى أخرى ومن دائرة إلى أخرى... فتطول مدة الانتظار وتتضاعف الموازنة المقررة للمشروع ويقبع المواطن في بيت الإيجار في انتظار المجهول!
هناك إشكالية في الوزراء وهناك إشكالية في وكلاء الوزارة... وهناك إشكالية في المقاولين وهناك إشكالية في المهندسين وهناك إشكالية في المجالس البلدية... فعلى رغم التوجيهات الملكية لجلالة الملك وتوجيهات سمو ولي العهد إلا أن المشاريع الإسكانية مازال ينخر فيها السوس حتى النخاع إدارياً وفنياً! وهذا جائز في ظل غياب المحاسبة والمراقبة وفي غياب الجزاءات الرادعة، من طرد وإقالة وحبس! فأخبار المفسدين متفشية وعلى العلن وفي وضح النهار! وضياع المال العام مازال جارياً وبالملايين.
إن تواجد «العمالة الرخيصة « الفري فيزا في السوق المحلية تعد مشكلة أمنية بالدرجة الأولي، بالإضافة إلى كونها مشكلة أخلاقية لكونها متعلقة بالمتاجرة بالبشر واجتماعية واقتصادية أيضاً، وهى واضحة للعيان، والعجيب أن التزام الحكومة الصمت بشأنها يضع علامات استفهام؟
خالد قمبر
قال الإمام الصادق (ع): «من لم يكن له واعظ من قلبه، وزاجر من نفسه ولم يكن له قرين مرشد، استمكن عدوه من عنقه».
إن إصلاح النفس وإزالة العيوب التي تحملها لهو من أعظم الأمور التي يجب أن يشغل فيها حياته، لما لذلك الأمر من أثر في تغيير مجرى حياته كلها إلى الأحسن، وليس تنزيه النفس من العيوب وتصحيح مسيرها خاص بمن يريد أن يكون متقياً أو أنه لا ينفع إلا في الحياة الأخروية، بل تقويم النفس وإبقاؤها على الصراط المستقيم ضرورة في الدنيا أكثر منه في الآخرة، وذلك لأن الإنسان في حياته الدنيوية له من الأعداء، والأضداد من يحاول تصغير شأنه وإسقاطه من أعين الناس بحيث يبقى بينهم محاطاً بالفضيحة والعار، ولا يمكن للعدو تحقيق ذلك ما لم يكن في الإنسان عيب، أو عيوب يتمسك بها أعداؤه.
إذن مسألة تغيير النفس وتصحيح مسارها أمر ضروري في الدنيا قبل الآخرة. ولكن كيف لنا أن نحقق ذلك؟
الجلوس بين يدي بصير بعيوب النفس، مطلع على خفايا الآفات، فارغ من تهذيب نفسه، فيحكّمه على نفسه، ويتبع إشاراته في مجاهدته، ومن وجد ذلك فقد وجد الطبيب، فليلازمه، فهو الذي يخلصه من مرضه وينجيه من الهلاك إلا أن هذا قد عزّ في هذا الزمان وجوده.
يطلب صديقاً صدوقاً بصيراً متديّناً فينصبه رقيباً على نفسه ليراقب أحواله وأفعاله، فما يكرهه من أخلاقه وأفعاله وعيوبه الباطنة والظاهرة ينبهّه عليها «رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي».
يستفيد معرفة عيوب نفسه من لسان أعدائه، فإن عين السخط تبدي المساوئ، ولعل انتفاع الإنسان بعدو مشاحن يذكر عيوبه أكثر من انتفاعه بصديق مداهن يثني عليه ويمدحه.
يخالط الناس، فكل ما يراه مذموماً فيما بين الخلق يطالب نفسه بتركه وما يراه محموداً يطالب نفسه به لأن الإنسان يعمى عن رؤية عيوب نفسه ولكن يرى عيوب غيره.
هذه القصيدة مهداة للأستاذة أمينة
يعني أصحى من منامي...أمضي والخافق مُعذب آكل، أشرب، عايشة لكن في أعماقي أسيرة
يعني أحزن، أتعب، أبكي، أختنق، أمرض، وأنحب يعني أحمل في كياني الألم وأمضي كسيرة
ويمكن أكتب من شعوري القصايد وأكثر أتعب لأن إحساسي رجاني، أتركه يخمد سعيره
ويمكن أضحك من منعني؟ ويمكن أفرح لكن أكذب الفرح، كلمة نستني ويتمتني بسن صغيرة
أبحث ابداخل شعوري عن حياة أو عن مُسبب أستفزني يمكن «أحيا» يمكن أمضي في المسيرة
أعمل أشيائي ابتثاقل لاهدف لي ولا لي مطلب أقرا أخبار الجريدة، قصدي الصفحة الأخيرة
أنظر بإيدي وأبحث عن وميض اللي يطبب هاتفي «ميت» ولا بَه ضوء ينبض في صفيره
الرمش عجزان يرمش، محتوى فاضي يتذبذب والقلب مذبوح لكن لا مراسم تستثيره
لا مواساة ومشاعر، والوجه سارح ويشحب لين يومي «ينتهيني» وأصبح ابروتين غيره
هذه دنياي «بدونك» جتيها مجنونة أكتب لكن إحساسي (رجاني) أتركه يخمد سعيره
بنت المرخي
الصداقة كالبناء، أرأيت البنـَّاء كيف يصنع البيت ويبنيه؟
إنه يجعل له أساساً قوياً، وأعمدة متينة، ثم يصف الحجر، لاحماً إياه بالأسمنت، ويصنع السقف، ويثبت الأبواب والشبابيك، ويقوم بالتشطيبات النهائية للحوائط والأرضيات حتى يكتمل البيت.
وهكذا الحال بالنسبة للصداقة، فهي صناعة كصناعة البيت، وبالتالي فهي لا تحدث من فراغ، ولا فجأة، ولا صدفة، وإن كانت الصدفة تساعد في بعض الأحيان على اغتنام فرصة المصادفة.
وحيث أن الصداقة صناعة، وبناء فهي تحتاج إلى أرضية، وأرضيتها: الحب في الله، والألفة، والأخلاق الفاضلة، والتواضع، والإرادة، والحلم، وضبط النفس، والوجدان الداخلي السليم.
وكما ان الصلاة من ضرورات الدين، كذلك الصداقة فهي ضرورة من ضروراته لأن الله عز وجلَّ لم يخلق الإنسان ليبقى وحيداً منعزلاً عن إخوانه في الدين، وعن نظرائه من بني البشر. وكما الماء ضرورة من ضرورات الحياة، إذ لا غنى للإنسان عنه في أي فصل من فصول السنة، كذلك الصداقة ضرورة حياتية في زمن الصراع والحرب، وفي زمن الصلح والسلام. فكأنما أنه مطلوب منا أن نصادق في زمن الصلح والسلام، كذلك مطلوب منا أن نصادق في زمن الصراع والحرب، لأن الصديق حاجة ماسة في كل الظروف، ولأن الصداقة تستثمر المبادئ، وتغذي الأخلاق.
منى الحايكي
العدد 3290 - الجمعة 09 سبتمبر 2011م الموافق 10 شوال 1432هـ