العدد 3289 - الخميس 08 سبتمبر 2011م الموافق 09 شوال 1432هـ

ذعر الولايات المتحدة العظمى من إعصار آيرين

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل الخوض في هذا الإعصار القادم الى الساحل الشرقي للمدن الأميركية المعروف باسم إعصار آيرين، بودنا أن نتعرف على المقصود بالأعاصير وأنواعها وكيف تحدث.

فهي عبارة عن عاصفة هوائية حلزونية عاتية السرعة، عادة ما تتكون وتنشأ فوق البحار أو المحيطات ذات درجة حرارة عالية (الاستوائية)، وتنطلق هذه الحركات الهوائية من البحر باتجاه اليابسة، مسببة الدمار لكل المنشآت الساحلية وكل ما تحتك بها، إلا انها تكون أقل دماراً على اليابسة نتيجة لاحتكاكها بالمباني والمصدات الأسمنتية والنباتية التي تقلل من سرعتها أو تعترض طريقها. وتتنوع سرعتها بتنوع درجات الحرارة والضغط في المنطقة التي تنطلق منها، وفي الغالب تكون سرعتها 85 ميلاً وقد تصل إلى 160 ميلاً في الساعة (الميل = 1.6 كم)، في المناطق الاستوائية بسبب شدة الحرارة التي تتركز في وسطها ما ينتج عنه اشتعال نار، وهذا الأمر يجعلنا نفكر بقوله تعالى في الآية الكريمة: «فأَصَابَهَا إِعصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) البقرة: 266].

تحدث الأعاصير نتيجة لسخونة الماء في البحار الاستوائية إلى درجة حرارة تتراوح بين ‏29 و34‏ درجة مئوية، فحينما تصل الحرارة إلى أعلاها تعمل على تسخين طبقة الهواء الملاصقة للماء. وبتسخينها يخف ضغط الهواء فيتمدد ويرتفع إلى أعلى ويكوِّن منطقة ضغط منخفض تنجذب إليها الرياح من مناطق الضغط المرتفع المحيطة فتهب عليها من كل اتجاه، ما يؤدي إلى تبخر الماء بكثرة وارتفاع هذا البخار الخفيف إلى أعلى وسط الهواء البارد. وعلى الرغم من مساوئها وضراوتها إلا أنها ضرورية - كمظهر من مظاهر مناخ الكرة الأرضية - لأنها تنقل في تقديري الحرارة والطاقة من المنطقة الأكثر سخونة «الاستوائية» إلى المناطق الثلجية باتجاه القطبين.

يتم تحديد قوة الإعصار بواسطة مقياس (سفيرسمسون) وتقاس الأعاصير بحجم الدمار الذي تخلفه وليس بمساحة المنطقة التي تضربها أو بأحجامها الطبيعية. وتختلف أنواع الأعاصير بحسب سرعة العاصفة والدمار الذي تخلفه.

أخف الأعاصير (إف 1) التي تتراوح سرعة رياحه بين 75 و110 ميلاً في الساعة، وبإمكان هذا النوع خلع الألواح الصخرية من المنازل، ودفع السيارات المتحركة إلى خارج الطريق وتحطيم الحظائر الخشبية. أما إعصار (إف 2) فتتراوح فيه سرعة الرياح فيه بين 115 و160 ميلاً في الساعة، ويتسبب في خلع أسقف المنازل، وتكسير المنازل المتحركة الموجودة في مساره. كما يمكن لهذا الإعصار أن يدفع قاطرات السكك الحديد خارج الخط.

والثالث تتراوح سرعة عاصفته بين 180 و220 ميلاً/ع. ويعتبر هذا الإعصار شديداً ومدمراً، إذ يقتلع الأشجار الضخمة من جذورها ويحطم حائط المباني وأسطحها الصلبة. والرابع سرعته بين 220 و280 ميلاً/ع، وباستطاعته قذف القاطرات وقلب الناقلات بحمولاتها التي تفوق 50 طناً. ويخلف هذا النوع دماراً كبيراً في المنطقة التي يجتاحها. أما الأعلى منه (إف 5) فهو الأشد بالنسبة لسرعة الرياح، حيث يحطم كل ما يقف في مساره، فيقذف بالسيارات كالحجارة إلى مسافات كبيرة تصل إلى مئات الأمتار، وحتى المباني يمكنه اقتلاعها بالكامل من الأرض. وكما يقال فإن قوته تماثل تفجيرات القنبلة الذرية.

من إحصاءات الأعاصير وأشدها إعصار «نانسي» الذي ضرب شمال غرب المحيط الهادي في سبتمبر/ أيلول 1961، والذي بلغت سرعة رياحه 342 كيلومترًا/الساعة. وأسرعها، إعصار «فورست» في شمال غرب المحيط الهادي في سبتمبر 1983، وكان ارتفاع أعلى موجة ناتجا عن إعصار حلزوني، 13 متراً في إعصار «باثرست باي» بأستراليا العام 1899.

أما إعصار «جون» فهو الأطول زمناً، فقد استمر لمدة 31 يوماً في شهريْ أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول العام 1994. وأكثر الأعاصير تسبباً في وفيات، إعصار بنغلادش العام 1970، حيث تسبب في 300.000 حالة وفاة على أقل التقديرات. ويعتبر إعصار «آندرو» العام 1992 الأكثر دماراً، وقد أصاب جزر «ألباهاما»، وولايتي «فلوريدا» و «لويزيانا» الأميركيتين، والذي قدرت خسائره بـ26.5 مليار دولار.

بالرجوع إلى موضوعنا الرئيسي عن إعصار ايرين، فقد استعدت الحكومة الفيدرالية بكل أجهزتها المختصة، من جميع فرق الإنقاذ وعمال الإغاثة البشرية واللوجستية، لإجلاء المواطنين القاطنين على السواحل إلى مناطق أكثر أمناً، بعيداً عن الإعصار، وإخلاء المنازل السياحية وتعليق المواصلات وعلى رأسها الطيران والسكك الحديد، بالإضافة إلى أنها تقوم بتحصين الشبكات الكهربائية والعنكبوتية في المناطق القريبة، كما يعمل الصليب الأحمر الأميركي بالاحترازات اللازمة، وأمرت الحكومات المحلية بغلق المطارات وإلغاء جميع الرحلات لمطاراتها.

إن هذا الإعصار القادم نحو سكان السواحل الشرقية، الذين يترقبونه بكل هلع وخوف، والذي قد يصل إلى نيويورك، حيث أمر رئيس بلديتها بالإجلاء الإلزامي لـ 250 ألفاً من سكانها المقيمين على السواحل. كما أعلن الجيش عن وضع 98 ألف عنصر من الحرس الوطني في حالة استعداد للتدخل، وتم نقل طائرات من السلاح الجوي من قواعدها في فلوريدا وفرجينيا وبعض المدن التي يمر عبرها الإعصار لتكون في منأى عنه، وأرسلت البحرية سفنها الراسية في ميناء هامبتونرودز إلى البحر. فأين جبروت أميركا وعظمتها وعنجهيتها من قدرة الله عز وجل. وسبحانه عز من قائل: «قلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَليْكم عذابًا مِن فوقِكم أو مِن تحْتِ أرْجُلِكمْ أَو يَلبسَكمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكمْ بَأسَ بَعْض. انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون» (الأنعام: 65).

الجدير بالذكر أن إعصار ايرين يشكل أكبر تهديد للولايات المتحدة خلال أكثر من ثلاث سنوات، ويهدد حياة ملايين الأشخاص، وهو يضربها في الذكرى السادسة لإعصار كاترينا، الذي لقي أكثر من 1800 شخص مصرعهم من الفيضانات التي أحدثها وتسبب في إجلاء أكثر من مليون شخص وإخلاء منازلهم في الجنوب الشرقي من الولايات المتحدة

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3289 - الخميس 08 سبتمبر 2011م الموافق 09 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:25 ص

      حتى لوكانت امريكا قوية فقوة الله اكبر مها

      جاء في المقال ...إن هذا الإعصار القادم نحو سكان السواحل الشرقية، الذين يترقبونه بكل هلع وخوف، والذي قد يصل إلى نيويورك ...انتهى ..... من الاخبار ان الاعصار مر على امريكا وانتهي ولاحديث عنه الان ، لكن بقراءة الموضوع وكانك تتحدث عن اعصار اخر قادم او امتداد لاعصار ايرين ... نرجو التوضيح ..... خاصة وانت ذكرت في اخر المقال ان الاعصار يهدد امريكا خلال ثلاث سنوات فهل تقصد بسنوات فائتة او بسنوات اتية . ارجو منك او من من لديه معرفة في عالم الطبيعة توضيح ذلك للاسفادة

    • زائر 2 | 2:11 ص

      مقال جميل وعلمي

      شكراً لك دكتور أحمد وطريقة سرد موفقة بوركت أنامُلِك.

    • زائر 1 | 11:34 م

      الاعصار في القران

      وصف ممتاز يا استاذ لك الشكر والتقدير على هذا المقال المضمن بايآت قرانية لها مردودها العملي الحياتي حقا، تحية عميقة لك

اقرأ ايضاً