العدد 3289 - الخميس 08 سبتمبر 2011م الموافق 09 شوال 1432هـ

هناك انقلاب في المعادلة الإعلامية... المتلقي أصبح مرسلاً

الصحافة الإلكترونية لم تنضج تجربتها بعدُ... في أمسية «الإعلام الإلكتروني الجديد»

تحولت الأمسية الثقافية التي أقيمت في نهاية أغسطس / آب 2011 بديوانية أرامكو الرمضانية في مدينة الظهران بالمملكة العربية السعودية، والتي تحدثت عن «الإعلام الإلكتروني الجديد» من الجدلية حول مصير الصحافة الورقية واكتساح الإلكترونية المكان وسيطرتها على أبعاد الرأي العام وتشكيل مداه الثقافي والاجتماعي إلى صورة تجسدت فيها وعبرها فحوى المنهجية العلمية بشأن هذه الإشكالية القائمة عند من يصرُّ من طرف على أن الإعلام الجديد هو الأقوى والمسيطر والآخر يؤكد أن الورقي سيبقى إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

الأمسية حضرها جمع غفير من إعلامي المنطقة الشرقية بالسعودية وضيوف مهرجان أرامكو الرمضاني حيث كان فرسانها رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» محمد التونسي، ورئيس تحرير صحيفة «الشرق» قينان الغامدي، وكذلك رئيس تحرير صحيفة «اليوم» سابقا سلطان البازعي، ومدير الإعلام الجديد بمجموعة «mbc» عمار بكار.

تساؤلات مدير الأمسية حبيب محمود عن الإشكالية القائمة والشائكة بين الورقي والإلكتروني في ذهن المتلقين ومدى الخطورة الحقيقية من الإعلام الجديد كانت محط إثارة حفزت الضيوف لإيراد رؤى ربما لم تكن مطروحة سابقاً حيث كانت البداية مع سلطان البازعي الذي تحدث في لمحة خاطفة عن تاريخ الإعلام الذي يقول عنه إنه بدأ بالصورة ثم النقوش والكتابة.

وتحدث عن البداية التي لازمت كتابة الإنسان على الورق؛ حيث أشار المحاضر إلى أن بدايته كانت على يد الصينيين، وتحدث عن الإعلام الحالي وصناعة التحالفات بين القوى الإعلامية، وبيَّن مدى الأزمة التي يواجهها الورق وتتمثل في احتمال نضوب مصدره الأساسي، مؤكداً أن الوسائط الإلكترونية يمكن أن تكون بديلاً عن الورق في ظل أزمة النقص والانقراض.

وجزم البازعي بأن «هناك انقلاباً في المعادلة الإعلامية، حيث أصبح المتلقي مرسلاً، وتحدث عن أثر الإنترنت في قلب هذه المعادلة مع ظهور بعض المفاهيم وترسيخها وبالتالي تغيير تلك المعادلة»، مشيراً إلى أن الاتصال الجماهيري أصبح يأخذ نمطاً جديداً، حيث أصبحت الجماهير تساهم في عملية الإعداد.

وأضاف على هذا بالقول إن «الطباعة حتماً ستضمحل وتموت وستنهار كل التحالفات بين الرأسمالية والصحافة الورقية فيما يخص الإعلان بل والارتباط العاطفي مع الورق سيكون مصيره الزوال ويبقى حلماً رومانسيّاً يعرف طريقه نحو الخيال».

وقال: إن «القضية حسمت تماما أمام ثورة معرفية تتعلق بالمحتوى ووسائل نقلها التي أصبحت هي الأرخص والأسرع كون القراءة في هذه الوسائل حديثة وأكثر فاعلية وتجاوزت الحواجز اللغوية والثقافية ولم يعد للرقيب مجال للدخول».

وأكد البازعي «إننا أمام صناعة رأي عام لنفسه ستضرب كل النظريات الاتصالية التي راهنت سابقاً في السيطرة على الرأي العام من حيث المرسل والرسالة والمستقبل ليعكس الإعلام الجديد هذه النظرية جبراً ويكون المرسل مستقبلاً في آن واحد يملك من الأدوات ما يعينه على ذلك».

وختم البازعي حديثه بالقو: إن «على الإعلام الورقي إذا رغب في العيش؛ أن يغيّر في وسائله ومحتواه وإلا سيكون مصيره الموت لا محالة».

من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة عكاظ محمد التونسي: «أجزم بحقيقة مفادها أن التعامل مع الورق عادة إنسانية متوارثة ضارباً لذلك مثلا بالشعب البريطاني الذي هو أكثر الشعوب قراءة للورق، مؤكداً أن هذه القضية حقيقتها محسومة وموجودة على رغم وجود نافذة كبيرة من العالم الإلكتروني؛ بيدَ أن الورق سيظّل حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا».

وألمح إلى أن «القضية في هذه المسألة لم تصل إلى حدود موت الورقي، على رغم تعدد الخيارات، بل أصبح هناك انحسار في الإقبال عليه فقط وأن التراجع في الورقي لا يصل إلى حد الجدب ويؤثر في مسيرة العمل الصحافي».

وأضاف التونسي، «إذا أردنا أن نعيش كصحافة ورقية وحضورنا يكون مؤثراً؛ علينا مسئولية كبرى بأن نفسح مجالاً للتكتيك في الحضور، ونفتح خيارات أخرى في كيفية صياغة المادة ونقضي على المطولات ونقدم إلى القارئ قصة متكاملة قد لا تزيد على ثلاث مئة كلمة تقريباً تكتمل فيها عناصر العمل المهني من حيث الدِّقة والصدقية والتي هي منهج معمول به في صحافتنا وذلك تحقيقا لمبدأ شرف المهنة»، مشددا على أنه لا خيار لنا سوى الحفاظ على القارئ.

وأشار إلى أن «الصحافة الإلكترونية لم تنضج تجربتها بعدُ لما يعتريها من محاذير مهنية واضحة سبّب لها ضعفاً في المحتوى لافتقادها اشتراطات المهنة وأدخلتنا في مرحلة من مراحل صناعة الفواجع لما تنشره من أخبار وإن كانت قلّة مؤخراً لوجود التنظيم الأخير من وزارة الثقافة والإعلام في منحها تراخيص العمل وجعلها تدخل مستوى الالتزام الأدبي وبلغت حدود التحذير القانوني الذي جعلها تبتعد عن الاجتهاد الخاطئ، وبدأت تعرف ماهيتها الأدبية والسياسية والاجتماعية»، بيد أنه أشار إلى أنه حتى الآن لم يقتنع المعلن الشرقي بالصحافة الإلكترونية وأنها لن تحقق له نصيباً من كعكة الإعلام في السوق.

واستعرض في آخر حديثه بعضاً من النماذج للصحافة الورقية في بعض الدول التي نجحت في تدابيرها مثل تركيا وبريطانيا لنجاحهما في فكرة الأخبار المدمجة التي تخدم التلفزيون والإذاعة والموقع الإلكتروني وهي من النماذج الفريدة والجديدة.

فيما رأى مدير الإعلام الجديد في مجموعة «mbc» عمار بكار، أن «الإعلام الجديد مساحة لإبراز المواهب، وحافز للإبداع، ولاسيما أن العقل العربي لديه استجابة عالية للإبداع والابتكار عند الحاجة و»الحاجة أم الاختراع»، من دون الالتفات لتقييم مسبق تبعاً للعمر مثلاً بل للمنتج الذي يقدمه المستخدم عبر الإعلام الجديد».

واعتبر أن «الإعلام الجديد فرصة كبيرة لترتيب الأوراق والانطلاق من حيث ابتكر الآخرون، دعماً وتطويراً للمورد البشري «الفرد» فهو من يغذي المحتوى العربي، وفرصة للتنافسية التكاملية في مختلف المجالات، فالانعكاسات السابقة هي أمثلة محفزة لصاحب كل فن ومجال في انعكاسات الإعلام الجديد على مجاله، وأن نفكر ونخطط للجيل المقبل».

وأشار إلى أن «الإعلام الجديد ليس وَردٌ كله، فهو عالم افتراضي يعكس العالم الحقيقي، وهنا تأ تي الإشارة إلى صدقية الإعلام الجديد في كونه أقرب إلى الناس وأكثر قبولاً وتفاعلاً وصدقية، فالفرد أقرب إلى فرد مثله، ولأن ردود الفعل تصل إلى الفرد مباشرة، ما يدفعه إلى مزيد من الدقة والتحري والبحث، وخاصة في الأخبار بشكل موضوعي من دون دوافع خفية أيا تكن، فكما يقولون: «إنما آفة الأخبار رواتها»، مضيفا أن صدقية الإعلام الجديد جلية في تأثيره المباشر وغير المباشر في حياتنا وتأثيرنا فيه، الذي أصبح واقعاً ملموساً، عبر وسائله من مواقع تفاعلية وإعلام اجتماعي Social Media، التي وضحت فعليّاً دور الإعلام الجديد وتأثيره، لترصد ما يقال تجاه أمر أو قضية ما، ولكن هل تعي هذه الوسائل أن «الصمت موقف».

وأضاف أن «الإعلام الجديد دافع كبير للتعلم والتطوير في الثقافة العامة والتخصص، وربط الصنعة بالصنعة، وتحويل الهواية للاحتراف بإعطائها الوقت الكافي لها، وأن تكون ضمن فريق عمل محترف، وأن يكون للهواية احتياج فعلي في سوق العمل».

وألمح إلى أن «عوامل نجاح الصحافة الإلكترونية تكمن في تسعة عناصر؛ منها: تحديد موقع إلكتروني ناجح والصورة الذهنية للعلاقة التجارية للموقع وصدقية الخبر وشموليته».

كما أشار إلى أن «تحقيق الولاء للموقع يتمثل في تطابق التجربة مع التوقعات والتحديث السريع للمعلومة المستوى العالي من الفاعلية والاعتراف بفردية مستخدم الإنترنت».

رئيس تحرير صحيفة «الشرق» قينان الغامدي قال: إن «الجدل بين الورقي والإلكتروني بدا في الغرب قبلنا وساهم الإعلام الإلكتروني في إغلاق عدد كبير من الصحف، وهذا جاء نتيجة دراسات لديهم قاموا بها لربع قرن تحدد عمر هذه الوسائل». وأكد أن «الفيصل في هذه الجدلية هو المضمون، فالإعلام الجديد ذو فكر إنساني وذو رغبة في التحرّر والعدل وسهل التواصل مع الآخرين».

وخروجاً من هذه الجدلية، يقول الغامدي: يجب أن «ننظر إلى المحرك الأساس في العملية، وهو الفيصل الحقيقي سواء تعرض الورقي للفناء وبقي الإلكتروني حيث المحتوى سيبقى».

وعاد قينان، معاتباً زملاءه قائلاً: «لقد انشغلنا بهذه المعركة ونسينا القضية الرئيسية وهي المضمون»، مشيرا إلى أن «العالم المتقدم ليس لديهم أحكام قطعية ولم أسمع أحداً قال إن الصحافة الورقية ستموت سوانا حيث أحكامنا قطعية بلا معطيات».

وقال: «خروجا من هذه الأزمة علينا تفعيل المنهج العلمي لدراسة واقع صحافتنا وإعلانها مثل ما يعمل الغرب في مثل هذه القضايا»

العدد 3289 - الخميس 08 سبتمبر 2011م الموافق 09 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:24 ص

      صلاح الهموندي

      سيظل الصحفي النظيف نظيفا من كل الاتجهات مهما كان الظروف وصفات الصحفي النظيف هو ان لايبيع قلمة الى اي جهات من الاحزاب والشخصيات وان لايتردد من كتاب مقلاتة بصورة صحيحة وجيد لاان الصحفي هو لسان وعيون المواطن وشكرا الصحفي (صلاح الهموندي) ( العراق السليمانية)

    • زائر 1 | 7:18 ص

      صلاح الهموندي (كوردستان العراق)

      باعتقادي عدم تواجد صحفي حر ة ان لم يكون هناك مساند من احد الاحزاب المتواجد في اي بلدان العالم ان كان في الدستور العالمي للصخافة هو ان يكون صحفي حرا طليقا اينما كان ويكتب مايشاء من مقالات وعدم تدخل السلطات الحكومية في مهمها وهوادرة بعملها التي يقوم بها وشكرا

اقرأ ايضاً