كانت وسن طفلة صغيرة تملأ البيت فرحاً وسروراً، وقد تعلق بها قلب الأب والأم على حدٍّ سواء، وأحبها كل من رآها، فقد كانت نسمة لطيفة، وضحكة بريئة، وعطراً شذياً، وبلبلاً غريداً، وزهرة متفتحة يانعة. ذات مساء، كانت تلعب في شرفة البيت، تطل على العالم بأمل باسم، تبتسم لكل إنسان تراه، ولكل ذرة في هذا الكون الواسع. فجأة خطفت روحها البريئة رصاصة طائشة، فتحول البيت إلى ظلام دامس، وضاع الأمل، وأصبح المكوث في البيت بدون وسن عذاباً وألماً لا يطاق. تولت الجهات المعنية التحقيق في الأمر، وملاحقة صاحب الرصاصة الطائشة، وأخيراً، وبعد بحث وتحرٍ استمر شهوراً مضنية، قيدت الجريمة ضد مجهول!
ضحكات المؤامرة
الشاب وأهله ينتظرون دخولها ليشاهدوا العروس المنتظرة، ويتفحصوها عن قرب. وبعد حين دخلت تحمل صينية القهوة. بدأت بوالدها الذي نهرها طالباً أن تقدم القهوة لوالد العريس المنتظر، قدمت القهوة للوالد، ثم دارت على البقية، ولما وصلت إلى الشاب/ العريس أصابتها نوبة ضحك فجائي، أكملت تقديم القهوة وهي تضحك بصوت مرتفع. أشار والدها إليها أن تكف، ولكنها تجنبت النظر إليه، ثم جلست تواصل ضحكاتها الهستيرية. وقف الشاب وأهله وانصرفوا معتذرين بخبر طارئ وصلهم للتو. واصلت الفتاة ضحكاتها، نهرها والدها فتوقفت برهة، ثم عادت للضحك من جديد، اقتادتها أمها إلى غرفتها، ثم صرخت فيها أن تتوقف، توقفت لحظات ثم بدأت نوبة الضحك من جديد، أغلقت عليها أمها الباب وانصرفت. استلقت في فراشها تضحك في سرها، فقد نجحت خطتها في (تطفيش/ هروب) العريس الذي لا تريده، ونامت بسعادة تمني النفس بفارس أحلامها المنتظر!
هجرة لم تكتمل
وأخيراً، حصل على تأشيرة الهجرة إلى أميركا، حلمه منذ زمن طويل، فقد بذل جهداً كبيراً، وأنفق أموالاً طائلة من أجل هذه اللحظة التي انتظرها بشغف. نظر إلى التأشيرة، وحلم بالوصول إلى هناك حيث الحرية والعمل والمال والنعيم والراحة والمتعة و... وكل شيء. بشر أمه بالخبر السعيد، باركت له بنبرة حزينة باكية، خفف عنها أنه سيزورها بين الحين والآخر، ولن ينساها من النقود كل شهر. عندما أزفت ساعة الرحيل، حمل حقائبه واقترب من أمه يودعها، فقبلته بحنان ودعت له، وسألها: هل تريد منه شيئاً قبل أن يغادر؟ فأجابت ودموعها تغالبها: أرجو سلامتك يا ولدي، وأمنيتي أن أموت وأنت قربي، فأنت ولدي الوحيد وبقية أسرتي. عانقها باكياً، وقبل يديها طالباً منها الصفح والمسامحة، وعاد معها إلى البيت، وجلسا يتابعان نشرة الأخبار
إقرأ أيضا لـ "موسى أبورياش"العدد 3284 - السبت 03 سبتمبر 2011م الموافق 04 شوال 1432هـ
تامر البواليز
انت مبدع دائما ......
اضحكتني ضحكات الفتاة بالفعل الامر يدفع للضحك بهدف التطفيش