تسلط المخرجة الفلسطينية إيمان عون في عملها المسرحي الجديد (بيت ياسمين) الضوء على المساعدات المقدمة من الدول المانحة للفلسطينيين عبر الحكومة أو المنظمات غير الحكومية بأسلوب المسرح المنبري الناقد. وقالت عون لـ «رويترز» بعد الانتهاء من عرض المسرحية اليوم الثلثاء على خشبة مسرح (عشتار) في رام الله «العمل يتناول موضوع التنمية والتمويل من مختلف الجوانب سواء كان ذلك من حيث الشروط الواجب توافرها والالتزام بها من أجل الحصول على تمويل للقيام بأي عمل سواء كان ثقافياً أو تنموياً».
وأضافت «عملنا هنا على تطوير العمل المسرحي المنبري من خلال إشراك الجمهور مباشرة في التمثيل وليس الانتظار حتى الانتهاء من العرض ليجري نقاش ما تم تقديمه واقتراح الحلول للمشكلة التي عرضت وهذا يحتاج إلى ارتجالات من الممثلين مع المحافظة على فكرة النص». ويشارك في المسرحية ثمانية ممثلين يتناولون على مدى ساعة ونصف الساعة سياسات الحكومة التنموية ومحاولاتها الاستغناء عن الدعم الخارجي وحياة المواطنين في ظل هذه السياسات إضافة إلى كيفية حصول المؤسسات الفلسطينية على الدعم الخارجي.
وتناقش عون في مسرحيتها قضية عدم اهتمام الدول المانحة بمساعدة الشعب الفلسطيني على التخلص من الاحتلال والعمل فقط على تقديم المساعدات المالية له والتي لا تساعده على إقامة مشاريع تنموية وذلك من خلال «ياسمين ناشطة حقوقية تدير حلقات نقاش تلفزيونية في بيتها وتتعرض لمحاولة اغتيال أثناء حفل عيد ميلادها ما يشلّ حركتها».
وتضيف نشرة حول المسرحية «تحاول عائلة ياسمين إنقاذها بشتى الطرق وتتدخل عناصر خارجية لمساعدة العائلة ولكنها بدل أن تسعف ياسمين تزيد الأمور تعقيداً ويبدأ كل فرد من العائلة البحث عن مصلحته في بقاء ياسمين على حالها... فماذا سيحلّ بياسمين ومن هي ياسمين بالنسبة لكل منا».
ويتابع الجمهور هذه المشاهد في بداية المسرحية التي يتم إشراكه فيها منذ البداية من خلال سؤاله عن رأيه بسياسات الحكومة والدعم المالي الذي تحصل عليه من الدول المانحة إن كان يخدمه أم لا. وتحاول عون الإشارة في المسرحية إلى أنه يجري التركيز على تقديم المساعدة المادية للشعب الفلسطيني دون أن يكون الهدف إنهاء الاحتلال. وتركز على ذلك في المشهد الذي تعرض فيه ممثلة لمؤسسة دولية تقديم المساعدة بشرط التوقيع على وثيقة لنبذ الإرهاب إضافة إلى محاولة إغراء الابن للعمل في المؤسسة وتركه التفكير للانتقام لوالدته ومرة أخرى يتم إشراك الجمهور في المسرحية عبر سؤاله عن الموافقة على الحصول على المساعدة المشروطة أم لا. وتبرز عون القضية بأن الهدف من تقديم المساعدات في كثير من الأحيان هو التقاط الصور أثناء تقديم المساعدة بواسطة الممثل محمد عيد الذي يجسد دور الصحافي الذي يسجل لقطات تقديم المساعدات للفلسطينيين إضافة إلى محاولته الحصول على تمويل لمشاريع خاصة به.
وأوضحت عون أنها قامت بعملية بحث شاملة حول موازنة السلطة والأمور التي تخصص لها والتي يستعرضها في المسرحية الممثل نيقول زرينة في برنامج حواري يتناول الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة بسبب قرارها الذهاب إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف منها بعضوية فلسطين في هذه المنظمة العالمية.
وقال زرينه الذي يمثل أحد المسئولين في السلطة الفلسطينية المتباهي بما حققته من إنجازات متحدثاً لـ «رويترز» بعد العرض «لم يكن سهلاً أن أمثل السلطة في هذه المسرحية رغم المحاولات المتكررة أن أكون موضوعياً في عرض السلبيات والإيجابيات للسلطة إلا أنك بحاجة إلى استفزاز الجمهور من أجل خلق حالة من النقاش حول المواضيع التي تطرح.
وترى الممثلة بيان شبيب التي تقدم شخصية كيت مندوبة مؤسسة دولية مانحة «إن ما تقدمه المسرحية موجود على أرض الواقع إن لم يكن أكثر من ذلك بكثير فيما تشترطه العديد من المؤسسات المانحة وخصوصاً في مجال الثقافة إلى حد التدقيق في استخدام المصطلحات في الأعمال الفنية».
وقالت لـ «رويترز» إنها شاركت في هذه المسرحية لإيمانها «بأن ما تقدمه مهم ويجب أن يكون هناك موقف فلسطيني موحد من موضوع اشتراطات المانحين والتي من خلال موقف فلسطيني موحد يمكن مواجهتها وعدم تركهم يحددون لنا ماذا ننفذ من خلال دعمهم».
ويتواصل عرض المسرحية على خشبة مسرح عشتار حتى نهاية هذا الشهر قبل الانتقال إلى مدينة بيت لحم خلال الشهر المقبل
العدد 3284 - السبت 03 سبتمبر 2011م الموافق 04 شوال 1432هـ