العدد 3280 - الثلثاء 30 أغسطس 2011م الموافق 30 رمضان 1432هـ

ما بعد رمضان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

من الناحية النظرية، وبصفتنا مجتمعاً مسلماً، فإن من المفترض ممن صام شهر رمضان قد استفاد من الأهداف القرآنية للشهر المبارك، ومنها أن الجوع والعطش إنما يعطيان فرصة للإنسان لتصفية نواياه مع ربه ومع البشر، وأن يبتعد بلسانه عن الشتم والكذب، وأن يبتعد عن الخصال السيئة مثل الغضب والحقد والكراهية، وأن يفكر كل شخص بجاره ويشاركه في آلامه وآماله، وأن يتعارف على الآخرين، كما جاء في قوله تعالى في كتابه الكريم «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (الحجرات: 13)... وما بعد رمضان، يأتي العيد لإعلان الفرحة لمن خرج مستفيداً من معاني الشهر الكريم.

ولكن من الناحية العملية، ولو راجعنا وضعنا في البحرين، فإن المجتمع الذي كان يعرف نفسه أصبح الآن وكأنه لا يعرف عن بعضه بعضاً شيئاً، وبدلاً من وعظ الناس وإبعادهم عن الشتم والاتهامات نجد أن بعض من يدّعي أنه من دعاة الإسلام ينطق بكل كلام سيّئ، ويوزع رسائل نصية و «تويتر» ويقذف الآخرين الذين كان من المفترض منه التعرف عليهم وعلى أحوالهم. إن هذا الشهر الذي كان من المفترض أن يحث المرء فيه لاستشعار ما يحدث لجاره وجدنا أناساً يحتفلون بفرح عارم لأنهم استطاعوا قطع رزق إخوانهم في البشرية، ومارسوا انتقاماً ليس له صلة بالإسلام أو بالإنسانية مستغلين كل ما يتوافر لديهم من وسائل مادية وظرفية.

ومن المؤسف له أيضاً أن الذين فضلوا أن يكونوا في وسط الطريق، واعتبروا أنفسهم جسوراً بين الجميع أصبحوا مستهدفين من كل جهة اتخذت من التطرف وسيلة لحياتها وسعت الى فرض ذلك التطرف على الآخرين. مما يؤسف له أن المعتدلين أصبحوا يخافون الإعلان عن رأيهم؛ لأن الأجواء المحمومة وفّرت سوقاً رائجة لكل من ساء خلقه ولكل من لا يعرف حراماً ولكل من يستحل الاعتداء على أرزاق الآخرين، ولكل من يستحل إهانة الآخرين والإساءة إليهم.

من المؤسف له أنه وحتى الصغار أصبحوا يتحدثون في هذا الاتجاه، فإن كان الشاب اليافع من الفئة المغضوب عليها، فإنه لا يفكر في شيء سوى في الالتحام مع المغضوب عليهم والتعبير عن سخطه بأية وسيلة تتوافر له حتى لو كانت غير صحيحة... وإن كان من فئة غير مغضوب عليها فإنه قد يتعزز لديه سوء الفهم الذي يسمعه من محيطه عن «الآخرين».

إن علينا أن نتحدى هذه البيئة المريضة، وأن نسعى إلى التعارف، والابتعاد عن الجهل والحقد الذي يقود أصحابه إلى الهلاك

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3280 - الثلثاء 30 أغسطس 2011م الموافق 30 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 2:49 م

      على الجميع

      قال الله تعالى ((يا ايها الناس ادخلوا في السلم كافة..))
      ولكن على اساس قواعد عادلة مرضية صارمة على الجميع ويحترمها الجميع. ما في هذا سني هذا شيعي ولد عمي ولد خالتي .. على الجميع.

    • زائر 18 | 5:06 ص

      ذكري استشهاد الامام موسي الصدر ورفافة

      استاذ جمري انت رائع في مقالاتك اتمني ان تفتح ارشيف اختطاف الامام موسي الصدر ورفاقة الذين خطفوا واستشهدوا في مثل هذة الايام بعد 33عام من قبل الطاغية الهارب القذافي وشكرا جزيلا

    • زائر 16 | 4:34 ص

      قيم الاخلاق وأخلاق القيم

      قد يلاحظ البشر ان هناك ما حل مكان القيم والمباديء. رغم أن الانسان يمثل أعلى وأغلى القيم الا انه قد لا يكون كذلك. فمتي ما ادرك ان لا يؤدي غيره لا بالسان ولا باليد هو ما يقوده كي يسمو ويكون انساناً من الانام. فمع أن العطش والجوع في شهر رمضان الا أن هناك ما يروي ويغذي من المكونات الانسانية النبيلة التي قد لا يكون لها ذلك في اشهر السنة الاخرى.
      فالانسانية تبدأ باحساسي بالانسان الآخر وتقديري له أنه انسان. فشهر الصيام للانام.

    • زائر 12 | 3:22 ص

      المسؤل الاول..

      المسؤل الاول..هو الاعلام الداعم للأقلام المأجورة الرخيصة الساعي الى كل تفريق أي وحدة يصبو اليها المجتمع والتجاهل الكبير من الجهات الرسمية لتلك التجاوزات الخطيرة التي تسلب نعمة الامان بين مكونات المجتمع بمجرد بضع كلمات!!!!.
      "رب كلمة سلبت نعمة"الامام علي(ع.س).

    • زائر 10 | 2:49 ص

      للاسف هذا الوقع

      للاسف هذا الوقع المزري ان ترى اناس ينتمون الى الدين الاسلامي المحمدي الاصيل بهذا الاخلاق وان ترى اناس لا ينتمون الى اي دين ولا مذهب يتحلون بالخلق الرفيع والتسامح والتعامل في ما بينهم بالاخلاق الحميده

    • زائر 9 | 2:26 ص

      وقف الأبواق الناعقة

      على المسؤولين في الدولة وقف الأصوات النشاز التي تسئ للحكومة والشعب ببثها الفرقة بين أطيافه والمستفيدة من هذه الأزمة

    • زائر 5 | 1:11 ص

      كل عام و انتم بخير

      كل عام و شعب البحرين بخير

    • زائر 4 | 1:10 ص

      صدقت يا دكتور

      وبدلا من توجيه الرسائل لهم وجهت لمن يخاف على البحرين ومن يريد المصلحة لجميع أهل البحرين ومن يدعو للوحدة بعكس من يدعو لتهديم المساجد والقبور بحجة وجود السلاح وكل لحظة والثانية قالوا ولاية الفقيه نقول ونقول لا يمكن تطبيق ولاية الفقيه في البحرين بسبب التعددية في البحرين سنة بتعدد المذاهب وشيعة بتعدد الأفكار ويهود ونصارى وهندوس وبوذيين وووو لا يمكن تطبيق ولاية الفقيه في البحرين سنرددها في جميع المحافل نريد حرية وعدالة ومساواة ورفض التمييز وتجريمه ووقف التجنيس .

    • زائر 3 | 1:08 ص

      العلاج بسيط يادكتور وهو تعزيز قيم المواطنة الحقة المهدورة حاليا

      لماذا لأحصل على حقوقي بسهولة اداءي واجباتي؟؟؟لماذا يتم التضييق علي في جميع المناحي وكان بالامكان كسر ظهر المتطرف والطائفي والحاقد من جميع الاطراف بيتطبيق صريح القانون؟لماذا تم رفض قانون تجريم التمييز من قبل الاكثرية البرلمانية المقدم من الوفاق والذين يتهمون المفصولين بانهم مستحودين على الكثير من الوزارات والشركات من قبلهم لماذا لم يصدر القانون لمحاسبتهم اذا اخطأوا في مواضيع التوظيف ؟؟(من فصل في البا تم احلال الكثير من الاشخاص الذين لايسنطيعون العمل في بيئة قاسية والغياب بعذر من قبلهم كثير)

    • زائر 2 | 12:47 ص

      المقال جيد في طرحه

      يا استاذنا الكبير الدكتور منصور
      المتطرفين كثر عددهم بدل ما يصلحون ويتحدثون بكلمة حق ويوعون الشباب والناشئة أصبحوا يخافون الإعلان عن رأيهم؛
      يعطيك الف عافية يادكتور منصور على هذا المقال الجيد في طرحه

    • زائر 1 | 10:34 م

      شكراً استاذي الجليل

      كلامك صحيح واعتقد بان الشعب البحريني (البحريني)( البحريني)متفهم كل معاني الدين الحضاري
      بس للاسف هناك من لايعرف الانسانيه
      شكرا استاذنا الجيل

اقرأ ايضاً