العدد 3280 - الثلثاء 30 أغسطس 2011م الموافق 30 رمضان 1432هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

مصرع العقول عند بروق المطامع

الجنون يذهب الحلوم والنسيان آفة العلوم. أمران لا خلاف عليهما، ولكن أن تصرع المطامع (جمع طمع)العقول؟ فهو أمر أبعد عن التصور الملموس... ثم على أي نحو؟ وبعد... هل سيبقى للإنسان شيء من الكرامة الإنسانية بعد أن تصرعه شهوة أو نزوة؟

يحيا الإنسان في تجاذب وتنافر بين محورين أساسيين: القلب والعقل وقد قدمنا الأول لا تحيزاً أو تفضيلاً ولكن لشدته وسطوته من ناحية وإذعانه للرغبات والأماني الغريزية، ومحاولة تمريرها على العقل بشتى الطرق. هذه الأماني في مجملها ملجومة ومكبلة بين فكي الأعراف والقوانين الوضعية من جانب، والنواهي الدينية المختلفة من جانب آخر، ودأبت الأديان منذ الأزل على صياغة أرقى وأذكى النهج والتشريعات لتستميل الأول (القلب) بسخاء الثواب وتردع الآخر (العقل) بعظيم العقاب. بمعنى جعل النواهي خطوط حمراء يثيب الله مجتنبيها أجزل الأجر والعطاء ويرهب متجاوزيها بالويل وشديد العقاب يوم البعث والحساب. من هنا يأتي دور العقل المحور الثاني وهو الرصد والغربلة لكل ما يرد عليه من أماني القلب فيمرر المجاز منها ويحجز أو يمنع كل ما يخالف قوانين الأرض والسماء كالقتل، والسرقة، والزنا، والكذب، وما يقع في حكمهم كالرشوة، أو الإضرار بالآخرين كالنميمة والافتراء على الغير وغيرها من الموبقات.

التشريعات الدينية وعصر الانفتاح على الحضارات الأخرى

مما سبق يبدو جلياً أن التشريعات الدينية لم تأتِ لغرض الجزاء والثواب فقط ولكن لتحقيق المساواة بين الناس عند انضوائهم جميعاً ومن دون استثناء تحت مظلة هذه التشريعات ومن رحم هذه المساواة يلد الانسجام لشعور الناس بعدالة تلك الشرائع لانتفاء رفع التكليف الديني لأحدهم إلا في الضرورات متبوعاً بالمودة بينهم وإقصاء الكاسرين لها (الشرائع) ونعتهم بالعاصين لأمر الله مع كل ما تحمل هذه الكلمة من صيت سيء... حتى جاز القول إن الفواحش ترتد سلباًً بالضرر على أصحابها، فالسارق لا يأتمنه الناس على حلالهم والواشي لا يودعونه أسرارهم، أما الكذاب فيعاني الأمرين لا يصدقه الآخرون في أي أمر أما الأسوأ فهو عدم تصديقه للآخرين ظناً منه أنهم على شاكلته وهذا أسوأ عقاب للكذابين.

وهكذا نجحت التشريعات الدينية في استتباب الانسجام والأمن بين الناس إلى حد بعيد. ولكن في المجتمعات الصغيرة والمغلقة فقط. أما اليوم وفي عصر الانفتاح على كل الثقافات والحضارات الأخرى فقد أورث ذلك التمازج نوعاً من التماهي في كثير من المجتمعات الإسلامية والمنغلقة، مثل قبول بعض التجاوزات المحرمة شرعاً شريطة عدم المس بمصالح الناس أو وقع الأذى عليهم، فشارب الخمر متجاوز لحدود الله، فهذا شأنه مع رب العالمين يجازيه عليه شريطة ألا يكسر القوانين الوضعية ويعود بالضرر على الآخرين، كالسياقة تحت تأثير الكحول أو غيرها، وبالمثل النميمة شريطة ألا تمس أعراض الناس وسمعتهم أو إثارة الفتن بينهم... ولكن على رغم الجزاءات الغليظة التي وضعها رب العالمين لفاحشة السرقة والزنى والنميمة، وما يقابلها في القوانين الوضعية إلا أن القلب مازال دائم التغني والتمني بها وبغيرها ليقينه أن العقل تحت إلحاح الحاجة سيرشح المصلحة الشخصية ولن يتوانى في إيجاد المبررات المختلفة، لا لمنعها ولكن لتشريعها وتبريرها وصولاً إلى الكذب والافتراء والتلاعب على القوانين، كما نرى في غسيل الأموال وربما القتل وخصوصاً إذا أمن طائلة القانون والعقاب أما عند سيادة العدالة في تنفيذ القوانين فإن العقل يردعها خوفاً من العقاب الآني في الدنيا، ولكن كل ذلك لا يمنع العقل من إيجاد منافذ قانونية ومنطقية وطرق ملتوية لتبرير الفواحش وتزيينها عند الحاجة، والأمثلة كثيرة نرى البعض يقدم على السرقة أو الزنا أو الكذب تحت مبررات مختلفة مثل الحاجة الماسة إلى المال في الأولى أو عدم القدرة على التبتل والإمساك عن الجنس لعدم توافر الظروف المناسبة للزواج، أو النميمة والافتراء على خلق الله سعياً لمصلحة مادية أو منعاً لضرر لا يجد لرده سبيلاً

حل وتسوية المنازعات

لذا نرى في الكثير من المنازعات حتى بين الدول لا تنجح المساعي إلا بالتقريب بين الناس والتركيز على إظهار الجوانب الإنسانية الخيرة كالمحبة والصداقة كشرط أساسي حتى تلين القلوب، بعدها تستجيب العقول نزولاً على رغبها ( القلوب) وليس العكس وأكبر مثال على ذلك الخطبة التي ألقاها الرئيس محمد أنور السادات في الكنيست الإسرائيلي العام 1977 مخاطباً الجانب الإسرائيلي حيث قال: «يا أيتها الأم الثكلى ويا أيتها الزوجة المترملة ويا أيها الابن الذي فقد الأخ والأب، يا كل ضحايا الحروب املأوا الأرض بترتيل السلام، بمعنى (لا سبيل إلى تجاوز هذه المحنة ومنع تكرارها إلا أن نمد يدنا للسلام)» ونجح في إرساء اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و «إسرائيل» وجنب مصر الدخول في حرب مع «إسرائيل» لاحقاً.

البيئة الاجتماعية حاضنة مثالية للفتن

أما ما حصل في خلافة الإمام علي (ع) فقد تعالت الأصوات بالقصاص لقتلة الخليفة عثمان ولكن بالجنوح إلى تقديم القبيلة والعصبية على الدولة ومما صعب الأمر على الإمام علي دخول أطراف وأفراد في النزاع من مختلف البقاع والقبائل الإسلامية فصار القصاص أمراً بالغ التعقيد مع تعالى الأصوات التي تنادى بالإسراع بالقصاص وكأن الخليفة يملك عصا سحرية لمعرفة الجناة فرداً فرداً في وقت كانت فيه وسائل الاتصال من الصعوبة بمكان أن البعض لا تصلهم أخبار النزاع المتواترة إلا بعد أشهر، وفي كل إقليم يصعب على الناس الإلمام بتفاصيل ما يجرى في الأقاليم الأخرى كالكوفة أو الشام، فكيف للأمة أن تجمع على رأى واحد؟ هذا فيما يتعلق بالناس، فما بالك بمركزية الدولة وكيف لها أن تحافظ على استتباب الأمن في غياب تلك المنظومة، فغياب وسائل الاتصال السريعة كالتي نعرفها اليوم تجعل من الترويج للفتن أمراً سهلاً لصعوبة التحقق من المعلومة في الحين والتو... عكس ما نرى اليوم، فبعد الأحداث التي وقعت في لندن مثلاً استطاع الكثيرون أن يكلموا أبناءهم ويطمئنوا على أقاربهم هناك.

عكس ما حدث للأسرى الكويتيين من انقطاع أخبارهم إبان حرب تحرير الكويت لانعدام وسائل الاتصال، وقس هذا الأمر على البلاد الإسلامية المترامية الأطراف قبل 1400 عام، ولنا أن نتخيل على أي نحو تصل الأخبار للناس عما يجري في الكوفة أو الشام ومن يملك القدرة على تفنيدها أو التحقق من صحتها، في الحين والتو كما نفعل الآن وهي في وتيرة متصاعدة ساعة بساعة؟ وهذا ما يصعب الأمر حتى على أحسن المتعقلين للوقوف على الحقيقة فبعد المسافات وصعوبة وسائل الاتصال ونفاد صبر البعض لتحقيق القصاص رجح كفة دعاة الفتنة وبلغهم غاياتهم لأنهم راهنوا على الوقت وعلى غياب المعلومة الصحيحة والمتغيرة في مملكة واسعة ليس لها سابق تجربة في وأد الفتن والنزاعات، من جانب آخر أورث العرب أبناءهم الفروسية والقتال فأصبح من غير المألوف أن يكون الفرد غير مقاتل إلا فيما نذر وبالمثل بل ربما المستحيل نزع سلاح الأفراد لأن ذلك يتنافى مع العرف الذي جبلوا عليه فالشجاعة والمنازلة مدعاة للفخر عندهم جميعاً وذلك ما صعب مهمة استتباب الأمن على الدولة فإذا أضفنا إلى ذلك القبلية والعصبية وبعض العادات الجاهلية المتجذرة كالثأر فقد أسسنا عن دون قصد أمثل البيئات الاجتماعية لتفريخ الفتن والحروب وهذا ما نجح فيه أعداء الأمة وما يجرى اليوم في العراق هي محاولات مستميتة للعزف على فلول وبواقي تلك الموروثات البالية وزج البلاد والعباد في أتون حرب أهلية لن تجني منها العراق سوى الخراب وزهق أرواح الأبرياء والمتأمل في حركة الخوارج يرى بوضوح سهولة جنوحهم لقرار الحرب بدلاً من السلم لسببين إمعانهم في العصبية والجنوح إلى ما يحسنوه من فنون القتال في حل منازعاتهم والإحجام عن التسامح والعقلانية، وإذ انتفى هذان الشرطان من أجندتهم رفعوا راية الثأر وفاقموا الأمر بخروجهم (الخوارج) على الصفين المتنازعين بالنهج ذاته فوسعوا رقعة الخلاف فقاتلهم الخليفة ونكل بهم خوفاً من تفاقم انقسام الأمة فتربصوا بأعلى الرؤوس المتنازعة وانتهوا إلى إصابة معاوية ونجاة عمر بن العاص وقتل الإمام علي (ع) في شهر رمضان العام 40 من الهجرة.

عندما تسوء النيات أو تختلف القلوب فإن العقل يعلل سوءات القلب.

ويبقى أمر: من غير المنطقي، بل من المستحيل الجزم بأن جل الخلافات في عهد الإمام علي قبلية، عصبية بحتة فالتكالب على المال والنفوذ امتطى القبلية والثأر ونجح في جر الأمة بأكملها إلى أتون حرب ضروس ظاهرها القصاص لقتلة الخليفة عثمان وباطنها الثأر لقتلة الخليفة ثمناً لمبايعة الإمام على وهو شرط تعجيزي عصي على الحل في ظروف ملتبسة وهكذا دفعت الأمة أغلى الأثمان كلفةً 70 ألفاً من أرواح المسلمين وتفرقهم شيعاً ثلاثة حتى الساعة تبريراً للقصاص؟!

حجة وجدت في القصاص، وقع أرعن في القلوب ورادع أحمق أبى إلا الحرب تبريراً لإحقاق الحق في العقول وذلك مدعاة لقول أحد الفلاسفة: When the heart goes wrong the mind justifies the heart، بمعنى عندما تسوء النيات أو تختلف القلوب فإن العقل يعلل ويشرع سوءات القلب، وقد تكرر هذا السيناريو في واقعة كربلاء وفى قتل زيد ابن علي ابن الحسين ولاحقاً في تنكيل العباسيين ولكن بأبناء علي خوفاً أن ينازعوهم على الخلافة، وهكذا سفك دم الإمام علي وأحفاد الرسول مراراً وتكراراً، ونقضت معه أغلى وصايا النبي محمد (ص) إلى أمته: «قل لا أسألكم علية خيراً إلا المودة في القربى».

عدنان الموسوى


«ذكريات الحب»

 

جلست على الكرسي والبحر في مدٍ وجزر..

في يديها القهوة ساخنة والهواء يعانقها بدفئ..

الإلهام يسكن قلبها والدمع يهوي عليها بعشق..

عشقها لحبيبها الذي مضى عنها ولملم الذكرى..

يديها التي لا تفارق يده طيلة أمسية رومانسية..

...كلمات الحبِ والغزل في كل زاوية تهمس بينهما..

فقطعت ذكرياتها دمعة أغرقت خديها بحزن..

هي ذكرى فقط ولن تعود كما كانت بالأمس..


«حديث نسيان»

 

اعتادت على النسيان

فلم تكن كما بالأمس

تتحدث معي ببهتان

حتى الأرقام لم تمس

نست نحن في أي زمان

واختلقت حدث يدس

ولما انتهت حديثها الثان

رحلت وانكسر الكأس

إسراء سيف


في يوم وليلة

 

في يوم وليلة استطعنا ان نختصر سنين عشقنا خلال لحظات، لم اكن ادري انه سيسكن خافقي فسكنه بكل اتقان واصبحنا اليوم نهيم بين مجاديف العشق والغرام، لم نستطع يوما معايشة العشق الا من خلف ستار ولكن هذه الليلة تحمل شعورا غريبا، فهذه الليلة احتضنتنا وذوتنا بين آهات الشوق والحنين لحظات قليلة ولكنها كانت عن ايام بل لخصنا بها سنين، حلقنا في الفضاء فهناك تتلاشى الجاذبية لتتفوق جاذبية قلبينا، وفي الفضاء ايضا تتحطم تلك القيود لان لا مجال لالتحامها، صعدنا الى الفضاء وكانت هناك ذروة عشقنا على سطح القمر...

غفت القلوب وسكنت العيون لا ادري كيف ومتى ولماذا بدا الحديث وكانه حلم و... همس لي كم جميل ان نسرق الوقت ونبقى معا نكمل حديث الاشواق.

تبدد خوفي وانا بالقرب منه امتدت ايدينا لاطفني بكل رومنسية اقتربت له اكثر واكثر، فانعدام الجاذبية اشعل جاذبيه مشاعرنا اقتربنا وغبنا في زحام عواطفنا.

تشابكت ايدينا وتلاحمت عواصفنا فغدونا جسدا واحدا دون شفاه، فاصبح الشهد ينهمر فوق جسدينا بكل انسياب

فكان له الزمان في عقدة اليانع الجميل، هرعت الي وهرعت لها ولم يتبقَ شيء فبتنا ننتظر بشائر الثمار...

فعدنا ووجدنا نفسينا على اكف الجنان بين الحلم واليقين استطعنا تبديد ذاك الحلم واصبح يقيناً، فعلنا كل هذا يا حبيبتي في لحظة التقاء في يوم وليلة سمعنا ذاك الخبر، فأزهرت تلك الثمار احبك احبك احبك بتنا نرددها دون تردد او تفكير بل نشرناها فوق اشرعة الكون بكل اصرار...

صالح ناصر طوق


للحروف نبضات

 

حاولت أن أُلملم الحروفَ لأصوغَ منها كلمة، بحروفٍ يسيرة، بدلالاتٍ كبيرة لعلها تُعبرُ عن مشاعرنا نحن المكفوفين جميعاً حيال شخصيةٍ عملاقة حطمت بإيمانها الأوهام، وقهرت بإرادتها الظلام، وحققت بكفاحها الأحلام. كان صاحبها طموحاً بكل معاني الكلمة محباً للعلم والمعرفة ويأبى دائماً إلا أن يكون في صدارة قائمة المتفوقين... رافق القوافي، وغاص في بحورها شغفاً ونغماً كما تذوق فن الأنغام بعذوبتها وسحرها. وكان مُحكماً في مسابقة الأناشيد كان مولعاً بالثقافة وكان يختلف إلى منتدياتها الرحبة يتوقُ إلى الارتواء من مَعيِنها الثري العذب وكان ناقداً صريحاً شجاعاً. كما كان إعلامياً متميزاً يصوغ الكلمة الهادفة ويتحدث بطلاقة مرتجلاً على السليقة من دون تكلف وكان الكلام يتدفق عذباً بين ثناياه... تلاعب بالحاسوب حتى انحنى أمام أنامله وحاز ثقة الشركة العالمية الناطقة للتكنولوجيا (الهال) ليكون مندوباً لها في البحرين كان عاشقاً للوطن مدافعاً عن إخوانه وأخواته ذوي الإعاقة يريد للمعوق أن يكون صفراً بين الأرقام بل يريد له أن يكون رقماً قوياً في كل المعادلات، يريد له النجاح والتفوق وأن يتبوأ المكانة اللائقة التي هو جدير بها... لقد شارك في تمثيل الوطن في المحافل الإقليمية والدولية ذات العلاقة وكان متميزاً في كل شيء.

نعم ساهم في رفع اسم الوطن الحبيب وشرفنا جميعاً. لقد كان حبيبنا حسين علي الأمير رئيس لجنة العلاقات العامة والإعلام ورئيس لجنة تنمية العضوية بجمعية الصداقة للمكفوفين وعضو لجنة العلاقات الخارجية والإعلام بالاتحاد العربي للمكفوفين مبدعاً في كل شيء نعم كان الأمير أميراً في كل شيء.

إن أصحاب الروح الوثابة والعطاء المتميز الذين قدموا لمجتمعهم الكثير لا يمكن أن يغيبوا عن ذاكرة الأوفياء وستبقى المشاعر والحروف نابضةً بهذه الحقيقة...

حسين حيدر الحليبي

رئيس جمعية الصداقة للمكفوفين

العدد 3280 - الثلثاء 30 أغسطس 2011م الموافق 30 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:02 م

      كان الأمير أميرًا

      أحسنت يا سيد حسين على هذا الكلمات الرائعة و الراثية لشخص قد غرس ذكراه في الوطن بما فعله من منجزات ، اسأل الله العلي القدير أن يرحمه بحق هذا اليوم.

اقرأ ايضاً