العدد 3278 - الأحد 28 أغسطس 2011م الموافق 28 رمضان 1432هـ

شعبان وطاغيتان فما الفرق؟

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

الشعب الأول هو الشعب العراقي، وطاغيته هو صدام حسين، والشعب الثاني هو الشعب الليبي وطاغيته هو معمر القذافي، والفاصل بين الإسقاطين أو السقوطين للطاغيتين هو السنوات الممتدة من 2003 إلى 2011 سبع إلى ثماني سنوات فقط.

الإسقاطان حصلا بدعم مباشر وفاعل من الأجنبي، من الغرب غير المسلم (كي يكون التوصيف دقيقاً)؛ في سقوط الطاغية الأول (صدام) انطلقت الجيوش من أراضي الدول العربية والإسلامية وبمباركة منها، وبدعم سخي وكريم، وفي زوال الثاني (القذافي) استدعت جامعة الدول العربية الغرب للمساعدة ووضع الحد النهائي لإسقاط هذا المستبد.

بين الطاغيتين هناك فوارق جمة، على رأسها أنهما بعد اتحادهما في المسمى (طاغية، مستبد، سفاح إلى آخره) إلا أن بطش صدام لا يقارن، فلم يُشرد الشعب الليبي في المنافي بين الدول كما حصل لملايين العراقيين، ولم تعرف للقذافي سوابق في المجازر والإبادة كما حصل للأكراد في حلبجة العام 1988، والتي تم فيها تدمير 4000 قرية كردية وقتل من فيها، وكما حصل في قمع الانتفاضة الشعبانية العام 1991 التي تتحدث الأرقام فيها عن أكثر من 300000 شهيد.

الأرقام إلى هذا التاريخ تتحدث عن 30000 من الشهداء الأبرار الذين قتلوا دون كرامتهم وحريتهم ودينهم في ليبيا، وهو رقم كبير عند الله، ومخجل للإنسانية جمعاء، لكنه متواضع أمام إعدامات صدام ومجازره وإباداته وتهجيره لشعبه وحروبه.

لا يوجد اختلاف جوهري يمكن الإشارة إليه بين ما حصل في العراق وما يحصل الآن في ليبيا، ومع ذلك ضج العالم للشعب الليبي (وهو يستحق العون والسند) ولم يتحرك أحد للشعب العراقي. فصدام ضُرب مرة لأنه احتل دولة أخرى وهي الكويت الشقيقة، وضُرب ثانية لأن عنده ما تخشاه الدول من الترسانة العسكرية، ولتدمير العراق واحتلاله ثم إعادته إلى الفقر والحاجة ضمن الشرق الأوسط الجديد.

لم أهتد لماذا يعتبر العرب صدام شهيداً ومجاهداً وصابراً، ولا يعتبرون القذافي مجاهداً ومقاوماً؟

لا أعرف لماذا تصبح غلبة الشعب الليبي على قذافه بمساعدة الأجنبي انتصاراً، بينما سقوط صدام بالتعاون مع الأجنبي نفسه مساعدة للمحتل؟

لا يمكنني استيعاب الدعم الديني العربي لسقوط القذافي بهذه الطريقة، وكأنها الطريقة الأمثل، وممانعته منذ اليوم الأول لسقوط صدام.

يصل الإنسان أحياناً إلى طريق مسدود ومشوش في معرفة الفارق الذي يجعل الموقف العربي العام ممانعاً من جهة الحدث العراقي، ومتماهياً من جهة الحدث الليبي، مضاداً للتدخل الأجنبي في الوضع العراقي ومستسلماً لتدخله في الوضع الليبي، ممداً للمخربين في الوضع العراقي ولو بالصمت وعدم الإدانة، وداعماً بالملايين والمليارات من الدولارات للوضع الليبي.

ختاماًًً... مبارك لكم أيها الليبيون نصركم، فقد فرحت قلوبنا لانتهاء مأساتكم، وندعو الله ألا يهيمن الأجنبي على مقدراتكم، أما أنتم أيها العراقيون فأكلتموها من الإعلام العربي الذي تكالب وزيّف وكذب عليكم.

ولكن مهلاً! فقبل أن نتهم العرب وإعلامهم، ربما يكون الخلل فيكم أنتم يا شعب العراق، ربما لكم طعم يختلف عن طعم بقية الشعوب، أو لون يختلف عن ألوانهم، أو رائحة تختلف عن رائحتهم، فتشوا دواخلكم، فربما تجدون اختلافاً في أمر ما، فتختلف الأحكام تبعاً لاختلافكم

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 3278 - الأحد 28 أغسطس 2011م الموافق 28 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 9:10 م

      الجاهلية

      ان الكاتب الكريم وضع يده على جرحنا الذي يجعل العراقي بحس الاغتراب عن محيطه العروبي وليس العربي
      الواضح ان العرب لازالت تعيش الفكر الجاهلي الذي حذر منه الرسول (ص) حين قال (دعوها (دعوى الجاهلية) فآنها منتنة) وهل جاهلية اعظم من الطائفية البغيضة
      ان بعض العرب تقول لهم انك من اي دين وليكن السيخ او البوذي اوعبدة الفرج ولايحب ان تقول له انك مسلم شيعي
      ان الاعلام الاسود هو الذي بريد اذكاء روح الفرقة بين الاخوة
      نآمل ان يرجع هؤلاء الى ضمائرهم ووعيهم


      0

    • زائر 16 | 8:22 م

      زوال الظالمين الحتمي تحقق ولكن بعد ان امتلأت الأرض بدم الشهداء الأبرار .......... ام محمود

      هناك فيلم يعرض حاليا في الدول الغربية بعنوان (بديل الشيطان ) ويصور الحياة الماجنة لعدي ابن صدام حسين ومغامراته مع النساء والدور الكبير الذي لعبه مع أبيه في القتل والتعذيب و حادث القتل الذي تعرض له ويسلط الضوء على شبيه عدي وهو الشخص الذي اجريت له عملية تجميل قسرا وتعرض للتنكيل على يد النظام البعثي ليمثل أدوار عدي الذي لم يكن انسان طبيعي بالمره
      نعلم انه كان هناك شبيه لصدام وكان يخرج للاعلام ليمثل الأدوار الهزلية والخطابات
      ونتساءل اين ذهب شبيه صدام
      من المصادفة ان القذافي عمل تجميل وازداد قبحاً

    • زائر 15 | 8:13 م

      يوم نقول لجهنم هل امتلأتِ وتقول هل من مزيد ....... ام محمود

      في أحد رسوم الكاريكاتير الساخرة في الصحف الأجنبية كان يصور صدام جالس وسط لهيب نيران جهنم و القذافي والأسد ينظران اليه وهو يتعذب و خاطبهم للمجيء عنده والرئيسان كل واحد يقول للثاني أنت الأول
      أنت يا حضرة الكاتب بصفتك رجل دين نريدك أن توضح لنا في مقال عاقبة الطغاة في الحياة الدنيا و في البرزخ و يوم القيامة
      نعلم ان الله سبحانه وتعالى أعد لهم العذاب الأليم في الآخرة
      هل هؤلاء مسلمين أم كفرة
      الواحد يحتار من وجود اناس في بشاعة الوحوش البشرية ليس لهم قلب أو ضمير أو احساس أو دين أو اخلاق أو رحمة

    • زائر 14 | 8:02 م

      الطاغيتان صدام والقذافي كانوا يدعمون بالمال والسلاح والمرتزقة لتنفيذ القتل الهمجي ........ ام محمود

      جرائم صدام الكبيرة جدا نسيت أن تذكر منها المليون شهيد ايراني في الحرب العراقية الايرانية التي دعمها الغرب وبعض الأعراب وأيضا شهداء الكويت عند غزوها والمقابر الجماعية
      والاعدامات الكثيرة في الصحراء العراقية للمعتقلين وأكثرهم من الشباب كان يضع اصبع ديناميت في جيب قميص المعتقل المعصوب العينيين ويفجره ولا يبقى منه الا الرماد
      جرائم القذافي أيضا هائلة ومخيفة وأرقام الشهداء في تزايد ويمكن وصلوا نصف مليون والمعتقلين المجهولي المصير 50,000 لا يعرف ان كانوا أحياء أو أموات
      والاثنان في قعر الجحيم

    • زائر 12 | 8:48 ص

      الاعلام العربي

      ثق أيها القارئ المحترم أن الاعلام العربي الضيق الافق يضيق ذرعا من كل كلمة تقترب من فكر أهل البيت(ع)-فكيف لها بقيام حكومة في العراق الحبيب ولكن ثق أن"الناس دول فأنتظر حتى تأتي دولتك"الامام علي(ع)!!!!.

    • زائر 11 | 7:59 ص

      الايام

      مهما فعلوا من تطلق عليهم بالطغاة فانة يهون علي ما يحدث اليوم والايام بيننا رجاءً في حسبة بسيطة ضع لك ورقة وقلم قارن ما حدث سابقا وما يحدث اليوم وفي المستقبل وستجد الفارق يكفي انك رجل دين وتجعل المحتل الاجنبي يتحكم في بلدك ورزقك يكفي ضياع الامن والاخبار كل يوم حصيلة من القتلى هذا ما تتمناة وانتم تدعون الاسلام

    • زائر 9 | 6:21 ص

      الفرق هو في الشعب و تنوع أطيافه

      فبعض الناس أصحاب العقول الضيقة يرون في بعض أطياف الشعب العراقي ممن يستحقون الموت و الفناء

اقرأ ايضاً