العدد 3276 - الجمعة 26 أغسطس 2011م الموافق 26 رمضان 1432هـ

سياسة الرجوع إلى الوراء

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

منذ الإعلان عن تشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة محمود شريف بسيوني، وإعلانه في أول ظهور إعلامي له عن أوامر ملكية بإرجاع جميع المفصولين إلى أعمالهم، وما لحقته من تداعيات وتوجيهات، توقع الكثيرون أن تشهد البحرين انفراجة حتى وإن كانت بالمستوى البسيط.

إلا أن المشهد البحريني المتأزم يكشف عن حقيقة تعقد الأمور، مع صعوبة قراءة المستقبل المقبل، وفهم مدركاته ونتائجه المتوقعة.

وضعنا غريب ومتقلب في أجوائه السياسية، كما هو حال أجواء بلادنا الطبيعية، وقد تعيش البحرين أربعة فصول في يوم واحد وليس في عام، ويمكن القول أيضاً إن البحرين تعيش حالات سياسية متقلبة في يوم واحد، ولا يمكنك أبداً فهم طبيعتها، خلفياتها، ظروفها، ومعطياتها المستقبلية.

إدراك السياسة البحرينية أصبح من المستحيلات، إذ قاربت لأن تكون ضمن مفهوم «الفوضى» ولكنها بالتأكيد لن تكون خلاقة، لأنها ليست مبنية على دراسة معمقة لظروف وحقائق ومعطيات واقعية يمكن من خلالها الوصول لصورة واضحة لما يحدث على الساحة ومن ثم اتخاذ القرارات السليمة لمعالجة تلك الأحداث.

فوضى السياسة ناتجة عن إرباك في فهم حقيقة ما يحدث على أرض الواقع، وطبيعة المطالب التي ينادى بها، ومدتها الزمنية، وخصوصاً إذا أدركنا أن المطالبة بالإصلاح هي ليست وليدة لحظة زمنية آنية، بل قديمة ومتجذرة وتاريخية، لا يمكن تجاهلها مهما حدث، ولا يمكن إخفاؤها تحت السجادة، فهي ستبقى جمراً تحت الرماد تشتعل سريعاً مع هبوب الرياح.

ومن خلال هذا الفهم فإن السياسة مازالت تقوم على أساس ما يمكن أن نسميه بـ «المراوغة» في إيجاد حلول جذرية حقيقية للمشاكل الواقعية التي تشهدها بلادنا، كما أن الإجراءات والخطوات متقلبة وتعتمد على الحلول «الترقيعية»، فتجدها تقترب من الحل اليوم وغداً تبتعد عنه، وتجدها على الطريق الصحيح صباحاً لتضيعه مساءً، وهكذا.

ما يمكن تلمسه حالياً أن السياسة البحرينية بدأت في الرجوع إلى الوراء، فلا المفصولون عادوا إلى أعمالهم، بل زادت من وتيرة تسريحاتهم، ولا المحاكمات توقفت.

حتى حالة الاحتقان الطائفي التي أوجدت من قبل وغابت خلال مرحلة بسيطة، عادت بصور مختلفة، قد تكون مبرمجة، لخلق التأزيم.

بالتأكيد حالة التراجع السياسي الذي نشهد نتيجة تحركات لن تكون علنية من تيارات سياسية سواء كانت رسمية أو أهلية. هذه التيارات بقاؤها ببقاء الأوضاع السياسية المتردية لهذا الوطن.

ما نحتاجه حالياً هو الانتقال من حالة التراجع إلى التقدم، ومن حالة الفوضى للانضباط السياسي القائم على المساواة العدالة بين المواطنين في الحقوق والواجبات كافة، وأن يكون الشعب مصدر السلطات جميعها.

نحتاج لأجواء سياسية تحترم عقل المواطن البحريني الواعي، تحترم تاريخه النضالي، وتضحياته على مدى عقود طويلة من الزمن للوصول إلى ديمقراطية حقيقة يرتضيها، تجعله مواطناً من الدرجة الأولى، لا مواطن درجات.

ما نحتاجه حالياً سياسة حقيقية تعمل على نقل البلد إلى الأمام، لا تعيده للوراء، فلا مجال ولا فرصة لأن يبقى الحال على ما هو عليه سابقاً فكيف أن يعود متأخراً

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 3276 - الجمعة 26 أغسطس 2011م الموافق 26 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 5:43 م

      مقال في الصميم

      مقال رائع ولكن للأسف لا اذن صاغية ولا عين باصرة ولا قلب سليم لذا أكرر بأن ولي العهد يقع على عاتقه ثقل كبير لإنهاء حالة الفوضى وسياسة الرجوع إلى الوراء فهو الشاب العارف بطموح الشباب وهم يأملون منه موقفا جريئا والله المستعان ؟؟

    • زائر 24 | 11:05 ص

      نحن نعيش إعصار سياسي فوضوي

      لا أصدق بأن البلد الذي أعيش فيه الآن هو بالفعل البحرين، بلد النظام والحضارة والانسانية والتعاضد والوحدة والحب. أنا أعيش في حلم. ,اتمنى أن تمتد للبحرين يدا حكيمة تقود البلد للخروج من مأزقها بعيدا عن المتزلفين والمتزحلقين واوصوليين.

    • زائر 22 | 10:12 ص

      الحر

      الملك ورئيس الوزراء حفظهم الله قالوا بأن كل من أبدى رأيه بالسلمية سوف يرجع إلى عمله وهذا ما أكده البسيوني وإنما الذي قتل وخرب ودمر وكسر فلا بد أن يأخذ جزاءه وفصله عن العمل هذا أقل القليل من الكثير . والله ينتقم من الظالم

    • زائر 20 | 8:54 ص

      مواطن درجة واحد وليس درجات

      نعم نريد مواطن درجة واحدة وليس درجات بحسب المقاس الطائفي البغيض الذي يؤخر البلاد والعباد الى الوراء بدون أدنى استحقاق!!!!.

    • زائر 19 | 8:01 ص

      ليس لدينا عقليات

      الكفاءات مبعدة والولاءات تفصل حسب المقاس ...لازال البعض يعيش في القرون الوسطى ونحن في القرن الواحد والعشرين

    • زائر 18 | 7:39 ص

      ابو نور

      صبر جميل والله المستعان

    • زائر 15 | 4:39 ص

      أماه وداعا أماه وداعا

      تعبنا ونحن نعيش حالة الاضطهاد والذلة ..فوالله ماضاع حق وراءه مطالب...فنحن نعيش حالة الحرمان من التعبير عن أرءنا ففي أي بلد يفصل الموظف بسبب مشاركته في النشاط السياسي!!!

    • زائر 12 | 3:21 ص

      شكرا ودمت سالم

      هناك مقوله تجلي وتكشف وتختزل مجالي فكرة التقلب في بلدي وياللأسف أر ها في كل يوم مع إنبلاج كل صباح ( فتشت في قلب المنافق فوجدته مثل جو البحرين ) ولا أدري من هو الأعب في تكوينه وصيرورته وإلى متى سيبقا

    • زائر 11 | 3:19 ص

      من بواحمد

      شكراً كلام حلو. الناس مو ماعطه الحكومه وقت عشان تبدأ بتغير او السعي نحو الافضل و الحكومه بدأة بخطوات ايجابيه الافراج عن السجناء زيادة الرواتب وغيره لاكن الناس التي تمشي وراء مايقوله فلان او الجمعيه الفلانيه تسمع الكلام وتطبقه بدون تفكير والبعض الاخر يطبق واهو خايف ويخاف بأن يتهموه بالخيانه ف الحل واضح يجب اخذ بعين الاعتبار ماذا يقال والله هناك من الناس معلمين وأطباء ومهندسين لايميز الصح من الخط يجب على الجميع التكاتف نحو الطريق الصحيح قبل ان يفوت الفوت فرصه والله مابتتعوض

    • زائر 7 | 1:29 ص

      good morning

      thanx mr hani

    • زائر 6 | 12:49 ص

      مقال رائع يا هاني

      مقال رائع ... اصبت الحقيقة البحرينية.. مع الاسف المسؤلين لا يفقهون فى السياسة شي

اقرأ ايضاً