بردهما في «الوسط» (1331) 29 ابريل/ نيسان الماضي على مقالنا «الوسط» (1323) اتفقت وزارة الإسكان والمجلس الأعلى للمرأة مع الكاتب واختلفتا معه على نقاط معينة. كان ثمة اتفاق على حقيقة أن القرارين محل التحليل كانا مصيريين في مجال الإسكان، الجد حيوي بالنسبة للشريحة الأعم والأعظم من جمهور المواطنين. وثمة اتفاق وإثبات لواقعة أنهما لم يمررا ولم يصدرا من خلال السلطة التشريعية أبدا. وبذلك تكون الأطراف في حال تطابق وجهات نظر بما يحقق المآخذ على القرارين التي احتواهما مقال الكاتب.
ومن الناحية الأخرى، كانت ثمة سلسلة من التباعدات نذكر أهمها، إذ اختلفت الوزارة والمجلس من ناحيتهما مع الكاتب والمحررين (محرر الصحيفة ومحرر القسم)، فأنكرتا عليهم وعلى الصحيفة نشرها المقال، بزعم كون المقال متعديا رسالة الصحافة بحسب قانونها العتيد! (الذي لم يمرر هو الآخر بالسلطة التشريعية)، وبزعم كون كاتبه ومحرراه ليسوا من ذوي الدراية والخبرة والاختصاص في الأمور التشريعية!
وثمة تباعد آخر بشأن وجاهة سبب عدم تمرير القرارين بالسلطة التشريعية، وصولا إلى إلجاء المواطن إلى الطعون القضائية كبديل عن الحماية الشاملة والاستقرائية التي يتعين أن توافرها له ومجاناً السلطة التشريعية. وثمة رفض أيضاً للنعي على القرارين قائم على ما قيل أنهما قوبلا به من التصفيق والرضا عنهما من أطراف لم يعينها المجلس أو الوزارة. ولكن ومن عملية القراءة فيما بين سطور الرد بدت تلك الأطراف غير بعيدة عن المجلس الأعلى للمرأة نفسه الذي تولى ليس الدفاع عن القرارين في الرد بل كان وراء إصدارهما بتوصيات ولوبيات ومتابعة مستميتة. ولو تم إصدار القرارين بعيدا عن العقالات التي كان يتعين أن يمررا بهما - ونعني رقابة وتشريع السلطة التشريعية.
وبالتأكيد فإن ما يؤسف له حقا هو أنه حتى عندما تبين للطرفين صاحبي الرد أن القرارين وقعا فعلاً في المثالب المنعي عليهما بها مثل تسهيل احتمالات الانحراف باستخدام الخدمات السكانية بعد الحصول عليها عن مقاصد المشرع ومثل سلب رب الأسرة دوره الطبيعي فيها واستبداله بأحد أبنائه أو بناته، ولا بأس إن تعاقبوا في سلب ذلك الدور إلى ما لا نهاية. حتى عند هذا الحد لجأ أصحاب الرد إلى التسويف وإدخال عبارات على النص ليست فيه و/أو حذف عبارات منه كانت فيه. ونزعم أن ذلك نأي عن الطرح الموضوعي الذي ندعو الغير بعد أنفسنا إليه والتمسك به على الدوام.
إذ إن ضيق الحيز المخصص لهذا الرد لا يتسع لأكثر من الرد لماما، نتولى ذلك فيما يلي، قارنين التسلسل هنا بتسلسل الوزارة والمجلس الموقرين.
جاء في (أولاً) من الرد شرح لطبيعة القرار الوزاري، ولم تكن تلك الطبيعة بخافية على الكاتب بدليل أنه قال بإمكان السير على النهج الذي تم به اختطاف مهمة التشريع التي حصلت بموجب القرارين من غير أن يكون ذلك أكثر من تعسف لا يليق؛ وخصوصاً إن أريد تفعيل المشروع الإصلاحي لا وضع العصا في تروسه. وجاء في (ثانياً) من الرد ذكر لإمكان استجواب وزير الإسكان في مجلس النواب عن القرارين ولإمكان رفع المضرور برفع الدعوى القضائية. وهذا دليل على العقلية التي سوغت صدور القرارين على النحو الذي كان وهي لا تتسق مع تشحيم آليات الإصلاح بل تنسجم مع روح وواقع تعويقها. ومعنى ذلك فليتخندق كل طرف في خندقه ولتكن حرب التجاذب السياسي والقانوني، بدلاً من أن تسود روح النهضة والتآزر بين مكونات المجتمع الإنساني.
وجاء في (ثالثاً) من الرد ذكر للتصفيق والرضا، ودعوة الكاتب إلى زيارة وحدة الشكاوى بالأمانة العامة للمجلس للاطلاع على واقع وحجم ما سمي بـ «المأساة التي تعيشها المرأة البحرينية وأطفالها». ولا نحتاج إلى كثير كلام لرد هذا الكلام الإنشائي، إلى جانب اطلاعنا بصورة مباشرة على حالات نشوز وتعد على الزوج والأب تم تمويلها بالمال العام المخصص للمجلس الموقر، على اعتبار أن تلك الحالات هي نفسها الأرقام التي يعول عليها المجلس في إقناع الرأي العام بوجود مأساة سببها عنت الآباء. بعضاً من الواقعية يا من ولي أمر المال العام والشأن العام، ونأياً محموداً عن بث الكلام المرسل.
جاء في (رابعاً) من الرد تحريف وإضافة إلى النص، ويكفي لتفنيد الرد أن نضع بين يدي القارئ النص كما جاء في القرارين قرين ما جاء في الرد من التحريف والإضافة. فنص تعريف الفئة الثالثة تحت المادة رقم واحد من القرار 83/2006: «الابن البالغ غير المتزوج الساكن مع والديه البحرينيين أو أحدهما وفقاً لأن يتم تكوين هذه الأسرة باختيار الوالدين أو أحدهما». ولم يكتف الرد بنتف هذا النص، إذ حذف مفردتي «أو أحدهما» بل وأضاف إلى النص ما لم يرد فيه وبالتالي فهو ليس ملزماً لأحد عندما أضاف: «لأسباب تحول دون تمثيل الأب الأسرة أمام الوزارة لنيل خدمة الإسكان». هذا التسويف لا يجوز حتى عقلاً. فضلاً أنه لا يجوز أصلاً.
وأخيراً، ندعو المجلس والوزارة إلى التحقيق الجاد بلجنة رسمية بعضوية محامين مستقلين مثلاً في حقيقة أوضاع معينة وضعت الوزارة و/أو وضع المجلس المال العام في خدمة تفتيت المجتمع عن طريق الموافقة على (1) طلب الإسكان رقم 3386 و(2) تمويل الدعوى القضائية رقم 8285/2004 أو الاستئناف رقم 215/2004 أو الاستئناف رقم 278/2004 للوقوف على حقيقة أن المال العام تم توظيفه للإساءة للمجتمع في هذه العينات على الأقل، لا في درء أو معالجة «المأساة التي تعيشها المرأة البحرينية وأطفالها». وأن هذا المال خلق و/أو كرس مثل هذه المآسي وما استفاد منها غير محامين من النوعية الثالثة أو الرابعة
العدد 1362 - الإثنين 29 مايو 2006م الموافق 01 جمادى الأولى 1427هـ