الله يرحمك يا شيخ الوسامة والجمال، وشيخ التواضع والأخلاق... هو شيخ عزيز يقطن في منزل بالقرب من نخلة كبيرة على طرف الشارع، ولديه ثلاثة أبناء غاية في الوسامة والجمال، وغاية في الأخلاق الفاضلة... هو الشيخ خليفة بن علي آل خليفة (الله يرحمه ويتغمد روحه الجنة)، وأولاده هم الشيخ محمد وكيل وزارة المواصلات، والشيخ إبراهيم وكيل وزارة المالية، والشيخ عبدالله زميلي في الدراسة وصديقي في أيام المراهقة والشقاوة، والشطانة المعقولة والمكملة لحياة العزوبية العجيبة.
بيتنا كان في فريق الشيخ حمد بالمحرق، وفي المرحلة الإبتدائية كنت أدرس في المدرسة الوسطى (اسمها أبو عبيدة الآن) التي كانت ومازالت في منزل المرحوم الشيخ دعيج بن حمد آل خليفة الذي هو مقابل لمنزلنا... وبعد عام المظاهرات (1965) الذي أنهيت فيه المرحلة الإبتدائية، نقلت إلى مدرسة الهداية الخليفية لأكمل التعليم الإعدادي والثانوي، وكنت أذهب في الصباح الباكر إلى المدرسة التي هي بعيدة جداً (نسبياً) عن منزلنا سيراً على الأقدام، وأعود ظهراً بنفس الطريقة المرهقة والمتعبة.
كنا نذهب إلى المدرسة ونأتي منها على شكل جماعات تتكون من شخصين إلى ثلاثة أشخاص، وكانت رحلة المشي (الشاق) اليومية تستغرق حوالي ثلاثة أرباع الساعة ذهاباً، ومثلها إياباً... في الصيف القائض وحرارته والشمس التي تلسع وجوهنا وتحرق ظهورنا، وفي الشتاء وبرده القارس ومطره الشديد الذي كان ينهمر علينا ونحن نمشي ونخوض في البرك والمستنقعات، كنا نمشي وفي أيدينا الشنط المدرسية الممتلئة بالكتب والدفاتر وكأنها أثقال اسمنتية، نستبدلها من يد تعبانة ومرهقة إلى يد أخرى.
كم كنت أتمنى ومن كل قلبي، وياريت لو كانت لدينا كاميرا فيديو في ذاك الوقت، لكنت سجلت لأبناء اليوم (وبالصوت والصورة) جميع الظروف الصعبة التي كانت تمر علينا في أوقات الذهاب والعودة من المدرسة، وهم الذين يركبون السيارات المكيفة الآن ويتدلعون أيضاً في اختيار نوعية السيارة التي توصلهم.
في ذاك الزمن كنت أمر على بيتهم يومياً مرتين، وذلك لأن بيتهم يبعد عن بيتنا بحوالي مئتي متر وإلى الشمال من بيتنا... كنت أمر على بيتهم في الصباح الباكر وأنا ذاهب إلى المدرسة، وكنت أمر كذلك في الظهر وأنا راجع من المدرسة... كنت أرى ثلاثة إخوة شبان غاية في الوسامة والجمال والنظافة... والذي لا يصدقني عليه أن ينظر إلى صورهم التي توضع الآن في الجرائد، هم الذين تجاوزوا الخمسين من العمر، ولكن ما لديهم من الوسامة تجعلهم من المستحيل أن يتخطوا الثلاثين أبداً.
مع أن صفة الوسامة والجمال مهمة جداً، ألا أن الصفة الأكثر أهمية والتي يتصف بها الإخوة الكرام هي الأخلاق والتواضع... الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة هو وكيل وزارة المواصلات، والجميع يرى صورته على صفحات الجرائد ولا يمكن أن يكذبني أحد في موضوع الوسامة، وفي الأخلاق الحميدة والتواضع الذي ليس له حدود يتكلم جميع موظفي وزارة المواصلات ومن أراد فليسألهم... الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة هو وكيل وزارة المالية وصوره تنشر على صفحات الجرائد، وموظفو وزارة المالية يعلمون بأنه لم ولن يمر عليهم يوم يرون فيه شخصاً بنفس هذا التواضع والأخلاق.
الشيخ عبدالله بن خليفة آل خليفة هو الأخ الثالث، وهو صديقي وزميل الدراسة، هيئته وأخلاقه هي نفس الهيئة والأخلاق التي يتصف بها أخواه... هؤلاء هم الأخوة شيوخ الوسامة والتواضع، وهم لم يأتوا بها من مكان بعيد أو من شخص غريب، هم نتاج التربية الفاضلة لأب كريم كان مثالاً يحتذى به في مدينة المحرق، له هيبته في مشيته، وله وقفته في مجتمعه، وقد كان والدي يعزه ويحبه كثيراً ودائماً ما كان يكلمني عنه، وهو الذي أطلق عليه لقب شيخ الوسامة والتواضع، الله يرحمهم أجمعين.
الأخ الثالث هوصديقي الشيخ عبدالله، ولكنه مختف عن الأنظار منذ فترة طويلة ولا أعلم ما السبب، والليلة إن شاء الله سوف تتزوج ابنة أخيه (الشيخ محمد)، وسيقام حفل بهذه المناسبة، وأنا سأذهب لأبارك لهم هذا الزواج، وبودي أن أرى صديقي المختفي منذ فترة وأتجاذب معه حديث الذكريات
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1362 - الإثنين 29 مايو 2006م الموافق 01 جمادى الأولى 1427هـ