يبدو أن بعض الدول العربية مازالت «تحلم» بعودة عقارب الساعة في العراق إلى الوراء، فتراها تصر على إخفاء رؤوسها في التراب ولا تريد الاعتراف بان العراق «الجديد» أصبح حقيقة واقعة، وعليها التعامل معه على هذا الأساس.
ففي الوقت الذي كانت فيه غالبية الأنظمة العربية وأجهزتها الإعلامية «تصرخ» بأن الحكومات العراقية التي أعقبت سقوط النظام السابق غير شرعية، وانها غير عروبية وغير قومية ولا تمثل الشعب... إلخ، فإن كثيرا منها لم تكلف نفسها حتى مجرد تقديم التهاني «البروتوكولية» إلى القيادة العراقية التي انتخبها الشعب عبر صناديق الاقتراع في انتخابات ديمقراطية حقيقية.
في المقابل، سارع رئيس الوزراء البريطاني لتقديم التهنئة شخصيا بالانجاز العراقي، وقدمت غالبية الحكومات الأجنبية التهاني والدعم إلى هذه الحكومة الشرعية، كما قامت هذه الدول قبل ذلك بشطب نحو ثمانين في المئة من ديون العراق التي تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، في حين لم تقم دولة عربية واحدة بشطب درهم أو فلس واحد. والسؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى ستبقى بعض الحكومات العربية تفكر بهذه الطريقة؟ ولمصلحة من؟ والى متى؟ وهل يستحق الشعب العراقي الذي قدم ما قدم إلى هذه الأمة كل هذا الجحود؟ عقارب الساعة لن تعود، فقد ذاق الشعب العراقي طعم الحرية. صحيح أنها بطعم الدم، لكن بالله عليكم متى كانت الحرية من دون ثمن؟
إقرأ أيضا لـ "فاضل البدري"العدد 1362 - الإثنين 29 مايو 2006م الموافق 01 جمادى الأولى 1427هـ