التركيز على الإصلاح السياسي مهم، ولكن الأهم منه التركيز على الإصلاح الاقتصادي والمجتمعي. الاقتصادي يتمثل في ضرورة التفكير الجاد على خلق برامج ترفع من المستوى الاقتصادي للمواطن البحريني، وخصوصاً في ظل ارتفاع سعر برميل النفط. فهذا ما يجب أن نفكر فيه، ويجب ألا نضع يدنا على خدنا وننتظر الفرج. الفرج يكمن في أن نعمل سوياً في خلق البرامج التي تؤهل المواطن. أن الوزارات مطالبة اليوم بالعمل الجاد على محاربة الفقر، والعمل السريع على بناء الوحدات الإسكانية كما دعا جلالة الملك. عشرات الاتصالات تصل إلينا عبر الصحافة من مواطنين مازالوا محشورين في بيوت آبائهم آخرها شاب اتصل بي واخذ يبكي في الهاتف بسبب المؤجر الذي يريد طرده. وأنا هنا أدعو الجمعيات السياسية إلى التفكير الجاد في هذا الإشكال، وأن يكون دورها في البرلمان، الإصلاح الاقتصادي (الخبز ثم الخبز ثم الخبز)، وليس إصلاح نانسي عجرم أو الفلوجة أو صدام حسين أو ما شابه ذلك من أحاديث لا تغني ولاتسمن من جوع.

بعض البيوت التي دخلتها يقاس الجوع فيها بالأمتار. هؤلاء أبناؤنا يحتاجون الى مؤازرة، وعمل جاد لانتشالهم مما هم فيه. أتمنى من الوكيل المساعد ابو الفتح الاسراع في إعطاء العائلة المنكوبة من بلاد القديم، وان يعطوا أول بيت يتم الانتهاء من بنائه، وأتمنى من وزارة الإسكان النظر إلى بعض البيوت المهجورة في مدينة حمد بإعادة تهيئتها، ثم اعطائها ذوي الاستثناء من العوائل المحتاجة.

بالنسبة إلى قضية تأهيل مدمني المخدرات، يوم أمس تم نشر عبر الصحف قرار سمو رئيس الوزراء بتشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وهي برئاسة وزير الداخلية وعضوية وزير العدل ووكيل وزارة الصحة ورئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة ورئيس الجمارك والمدير العام لديوان وزارة الداخلية. القرار لقى صدى كبيراً في الاوساط الشعبية، وخصوصاً بالنسبة إلى العوائل المتضررة من هذا السم، والتي يعاني أبناؤها من الإدمان. الناس فرحت لهذه الخطوة خصوصاً المتابعين لهذا الملف. هذه خطوة إيجابية يشكر عليها سمو رئيس الوزراء، لكن هنا لابد من إيصال رسالة إلى سموه تتعلق بهم كبير، بدأ يتحول إلى قلق قومي عام، وهو عدم وجود مركز نموذجي - أسوة بدول الخليج - لتأهيل المدمنين. وهنا نخاطب سعادته بأن الكثير من أبنائنا يتساقطون ويقعون بين أسنان الموت بسبب عدم وجود أسرة في مركز المؤيد، بل المركز بأكمله يفتقد الكثير من الاحتياجات ولقد ذهبت وتعجبت من الوضع، وهو يعاني من نقص أجنحة، ومعدات وكوادر إضافية، وأصبح لا يستوعب عدد المرضى.

إن أكبر إنجاز تقوم به اللجنة المشكلة هو تأسيس مركز نموذجي للمدمنين. لقد مضى أسبوع كامل من اتصالي بالمركز كي يقبل دخول احد المدمنين ولم يستطع، لعدم وجود أسرة زائدة. وهنا عائلة هذا الشاب تخشى عليه من الموت. كل أسرة مركز المؤيد 16 سريراً فقط في حين نحن بحاجة إلى مركز يستوعب 100 سرير، إضافة إلى عدم وجود جناح للبحرينيات المتعاطيات أو الأطفال.

الأمل يحدو الجميع بتهيئة مركز المؤيد، وأيضاً بناء مركز نموذجي لأجل ذلك. اللجنة التي تم تشكيلها تعكس حرص الدولة على مواجهة هذا الخطر، فنتمنى أن يقوم المجتمع والقطاع الخاص بالعمل الجاد لاستيعاب هذا الخطر بالمساهمة المادية والمعنوية لحل هذا الملف الذي بدأ يؤرق العوائل المصابة والمكلومة. بالأمس تلقيت اتصالاً من الأم التي فقدت ثلاثة من ابنائها، وهي في غاية الحزن، وهي الآن تتوسل الدولة بإدخال ابنها الرابع إلى امركز بأية صورة، خوفاً من أن يذهب هو الآخر ضحية الرجوع إلى هذا المرض فيخطفه الموت. لا أريد الدخول في التفاصيل، لكن قبل 4 أيام تأكدت من وجود عائلة مصابة بما فيهم الأطفال. وهنا ينبغي كتابة مقال علمي رقمي عن الأطفال والمخدرات، ونحتاج إلى بحث علمي عن تسريب الحشيش لبعض المدارس. هذا الموضوع يحتاج إلى بحث ونتمنى من اللجنة المشكّلة البحث عن المعلومات، والحلول العلمية، وأتمنى الاستفادة من الخبرة الغربية في ذلك وكذلك من زمالة المدمنين في طرق العلاج. الحل ليس بإلقاء المدمن في السجن، وإنما كيف نؤهله للتشافي والعلاج