ولأن الحاج جعفر صياد عرف الفشت، لم يتمكن من تخيل شكله وقد تم ردمه... هنا صرخ بو صالح قائلاً: يعني يصير قبر في البحر!

ويشكل الفشت أهمية بالغة للصيادين البحرينيين الذي يقتاتون من البحر وتعتمد حياتهم وحياة أسرهم على ثرائه وعطائه والحفاظ عليه، ولهذا طالب التكتل البيئي المدافع عن الفشت الجميع بالوقوف معه للدفاع عنه وحق الأجيال القادمة في ثروات بلادها البحرية، ذلك لأن دفن فشت العظم جريمة في حق الأجيال ويحمل متخذي القرار المسئولية تجاه ضياع حقوقهم، كما أن الصيادين البحرينيين جميعا سيدفعون ثمنا باهظا لهذا القرار.

وحين يجتمع الصيادون عصراً أو ليلاً في (بندر الدار) بسترة، فإن الحديث عن أوضاع البحر تسيطر على الألسن، وليس هناك مجال للابتعاد عن شئون الحياة والمعيشة وشجونها، فأولئك الصيادون البحرينيون يقضون يوماً تلو آخر من أعمارهم بلا ضمان! والأصعب من ذلك والأكثر تأثيراً في نفوسهم، أنهم يسمعون بأن فشتاً مثل فشت العظم سيدفن! وهذا يعني بالنسبة لإبراهيم السواد بمثابة دفن مصدر الرزق لأنه يرى أن فشت العظم هو مصدر رزقهم من كل هذا البحر المترامي الأطراف والذي بدأ يضيق يوماً بعد يوم.

لكن سيد كاظم سيدحسن، وهو بحار شاب وجريء يسأل سؤالاً مباغتاً: «ماذا يجري في بلادنا؟ هل ترضى الحكومة بمشاهد التضييق التي تقع على رأس المواطنين البسطاء كل يوم... تضييق من كل اتجاه... كل حكومة تخشى من حالة الانفجار التي قد تحدث بسبب كثرة الضغط على شعبها... ونحن في البحرين، بلد خير ونعمة، فلماذا كل هذا الضغط؟ عشنا من هذه المهنة، فالصيد هو ما تعلمناه، واذا كان الأمر كذلك، فهذا يعني أن الحكومة تريد رفع نسبة البطالة... ماذا يعني أيضاً، تنفيذ مشروع لتوظيف العاطلين من جهة، والتسبب في تعطيل آخرين من جهة أخرى... انا بصراحة لا أفهم ما يحدث!».

«لن يدفنوه... مستحيل يدفنوه»... يقول البحار الحاج يوسف طوق، وهو يعتقد جازماً أن الحكومة لن تدفن جزءاً ينبض بالحياة من أرضها، ففشت العظم تعرفه الحكومة جيداً (يقصد ادارة الثروة البحرية) وتحميه واعتقد أن بناء جسر أو مدينة سكنية لا يجب أن يميل نحو القضاء على هذا المكان... من الصعب دفنه، واعلم أن الحكومة لن تفعل.

لكن البحار ياسر عبدالعزيز يدخل مباغتاً ليقول: «حبيبي اذا ارادوا دفن الفشت فسيدفنوه بلا رحمة... من تعتقد نفسك تكون؟ هل تعتقد أن المواطن له كرامة؟ انت مجرد صياد والبحر ليس لك؟

ولا تغادر علامات الحزن والقهر والحنق والغيظ وجوه البحارة في بندر الدار، أو غيرها من البنادر او مرافئ الصيد حين تقول... فشت العظم سيدفن