العدد 1362 - الإثنين 29 مايو 2006م الموافق 01 جمادى الأولى 1427هـ

النداء الأخير... من «فشت العظم»!

الناشطون البيئيون يأملون في قرار سياسي يحمي «الثروة»...

منذ القدم... إذا أردنا أن نتحدث عن شواهد تاريخية، فسنذكر منطقة بحرية كان لها الأثر البالغ في حياة أهل البحرين اقتصادياً، وهي منطقة «فشت العظم» التي تقع على الجهة الشرقية لسواحل سترة... مساحة حيوية مهمة كانت حاضرة طوال فترة مداولات قضية الخلاف البحريني القطري في محكمة لاهاي الدولية، وكان هذا الاسم يتردد ليثبت حدود أراض بحرينية أصيلة.

فشت العظم اليوم مهدد بالتدمير، فقد دخلت مفاوضات «جسر المحبة» الذي سيربط البحرين بقطر ووصلت مراحلها الأخيرة وفي انتظار اجتماع وثيق بين اللجنة المشتركة خلال الأيام القليلة المقبلة للاتفاق على تفاصيل المشروع الضخم، لكن ترددت أنباء عن أن دولة قطر الشقيقة كلبت بأن تكون منطقة «فشت العظم » بعد ردمها مفتوحة للاستثمارات القطرية، وذلك مقابل افساح المجال للجانب البحريني التوسع في استثماراته على الجانب القطري.

تلك هي واحدة من أجراس الإنذار! قبل قرع الأجراس بشأن المنطقة ذاتها حينما أعلنت مصادر رسمية مطلعة عن توجه فعلي لدى الحكومة إلى الاستمرار في دراسة إنشاء مدينة سكنية تخدم المحافظة الوسطى، على مجموعة أراض بينها فشت العظم بعد أن يتم دفانه.

إذاً فشت العظم بخير اليوم... لكنه في خطر إن بدأت الجرافات في الاتجاه نحوه... في هذا الملف، سنلقي الضوء على (الكارثة المرتقبة) عن قرب:

لم يصدر أي قرار!

يعلق مصدر مسئول في إحدى وزارات الدولة المعنية بتخطيط الأراضي وتنفيذ المشروعات العمرانية، فضل عدم ذكر اسمه، أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ قرار في شأن منطقة «فشت العظم»، مؤكداً أن موضوع الاستثمار في هذه المنطقة لايزال الحديث فيه مبكراً، أما بخصوص عمليات الدفان التي ستصاحب إنشاء جسر المحبة فستكون مبنية على دراسات ومسوح دقيقة تضع في الحسبان الحفاظ على التوازن البيئي.

وعن ما اذا كان هناك فعلاً توجه لإنشاء مدينة سكنية على الفشت، قال: «هناك خيار مطروح لاستغلال المنطقة بعد دفنها لإنشاء مشروع اسكاني طاقته تزيد على 1000 وحدة سكنية، لكن لا يعني مناقشة تصور أو مقترح ما أن يتم تنفيذه حالاً»!

التحالف الرباعي البيئي

أول المبادرين للدفاع عن «الفشت» كان التحالف البيئي الرباعي الذي ضم: «جمعية أصدقاء البيئة، جمعية حماية الحياة البحرية، الجمعية الأهلية للهوايات ونقابة الصيادين» وأعلن صرخته الأولى: «إن الاعتداء على منطقة فشت العظم جريمة في البحرين لا يمكن السكوت عنها»، داعين مؤسسات المجتمع المدني إلى الوقوف سداً منيعاً ضد أي تخريب يمكن أن يطال هذه المناطق مهما كانت المبررات، كما أصدر التحالف بياناً آخر أعرب فيه عن إحباط المراقبين البيئيين جرّاء قرار دفن وتدمير فشت العظم واصفا الخطوة بأنها تعكس تجاهل موقف مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالبيئة والبحر.

أي استثمار تقصدون؟!

يتفق الناشطون البيئيون على أن فشت العظم ليس أرضا بورا تبحث عن استثمار صناعي أو إسكاني، بل هي شعاب مرجانية وحشائش بحرية وبيئة بحرية ثرية وأنظمة حيوية معقدة شكلت - ولاتزال - مربى مهما جدا للأسماك ومنها الهامور، لذلك فإن تدمير الفشت يدفع ثمنه البحرينيون نساء ورجالا وأطفالا ممن سيحرمون القيمة الجمالية للتمتع بجمال بيئتهم البحرية، التي تنفق دول أخرى أموالا طائلة لتنمية بيئات مثلها.

إن ذلك - كما يقول التحالف - يقلص فرص البحرين المستقبلية للاستثمار في السياحة البيئية التي تعد أكبر قطاعات الاستثمار نموا في العالم وإسهاما في الدخل القومي. ولفتوا إلى أن الأجيال القادمة ستدفع الثمن الأكبر، بعد أن صوّت آباؤهم وأجدادهم وخالاتهم وأعمامهم على ميثاق عمل وطني يعدهم بحماية ثرواتهم الطبيعية ويؤكد الاستثمار الرشيد للثروات الطبيعية وأن الشعب هو مصدر السلطات جميعا.

اللقاء مع المسئولين... الموقف!

ولم يتوقف العمل بالنسبة للتكتل عند اصدار البيانات، بل في الالتقاء بالمسئولين، وكان الموقف الأوضح عندما التقى أعضاء التكتل بسمو الشيخ عبدالله بن حمد رئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية والذي أثنى على موقف التكتل البيئي المشرف وأكد دعمه الشخصي ودعم الهيئة لأهداف التكتل وبرامجه، فيما كان اللقاء بوزير شئون البلديات والزراعة علي صالح الصالح أكثر وضوحاً إذ صرح أثناء اللقاء بإنه لا علم لوزارته بأية مشروعات لدفن فشت العظم ولم يطلب من إدارة التخطيط الطبيعي اية دراسات بهذا الشأن ولم تقدم أية توصيات بهذا الاتجاه، مؤكدا حرص الوزارة وعدد من القائمين عليها على الحفاظ على البيئات المهمة لوعيهم البيئي وخبراتهم في هذا المجال، فضلا عن الحرص على حماية الثروات الطبيعية.

بالقانون... محميات طبيعية!

لايزال النائب محمد عباس آل الشيخ، عضو الكتلة الإسلامية، يؤكد موقفه وعدد من زملائه النواب (يوسف الهرمي، فريد غازي، حمد المهندي، ويوسف زينل) الهادف الى استصدار قانون باعتبار مناطق بحرية مهمة «محميات طبيعية»، فقد تقدم وعدد من النواب باقتراح بقانون بشأن اعتبار الساحل الشرقي لجزيرة سترة، ومنطقة فشت العظم وفشت الجارم وخور فشت محمية طبيعية، لأنه بات لزاماً حماية ما تبقى من هذه السواحل والمناطق، وأهمية تنميتها وتطويرها، وهذا لن يتأتى إلا بسن التشريعات الملزمة، وان هذا المقترح بقانون يصب في دعم حماية الثروات الطبيعية التي تعتبر عصب الاقتصاد الوطني بقصد اتباع أفضل الطرق لاستثمارها لصالح الاجيال القادمة.

الوسطى... متهم ومدافع

لم يغب عن مجلس بلدي المنطقة الوسطى عن الحدث، فتارة هو متهم بموقفه ضد الفشت، وتارة هو مدافع من خلال بيانات الأعضاء، لكن رئيس المجلس أوضح الموقف تصريحاً بأن المجلس لم يصدر أي قرار بدفن «فشت العظم» موضحاً أن كل ما تم تداوله عبارة عن خيارات لمواقع مقترحة لإنشاء أكبر مدينة في الوسطى من المتوقع أن يصل عدد سكانها إلى 100 ألف مواطن؟، وكان ذلك أمام ندوة جماهيرية نظمها المجلس البلدي بالتنسيق مع جمعية الوفاق الوطني الإسلامية قرب ساحل سترة؟ في وقت سابق من العام الجاري، إذ لم يفته الإشارة الى أن المجلس ومن خلال تمثيله في لجنة الإسكان والاعمار برئاسة سمو ولي العهد اطلع على الخيارات المطروحة وتم تداول هذه الخيارات، موضحاً أن الخيار الأول يتمثل في إنشاء المدينة بمخطط سلماباد الجديد الذي قال: إن كلفة استملاكه كبيرة جداً وتصل إلى أكثر من 240 مليون دينار، فيما تمثل الخيار الثاني بمنطقة البحر شرقي سترة. وقال: إن هذه المنطقة فيها تلوث صناعي كما جاء في رأي شئون البيئة، والخيار الثالث يتمثل في دفن «فشت العظم» وقال: إن هذا الخيار مطروح للدراسة وتعترض عليه الجمعيات المهتمة بالبيئة والصيادين؟

ضغوط وإجهادات بيئية

ولا مجال لوضع الرؤوس في الرمال او اغماض العين عما سيحدث! فرئيس الجمعية البحرينية للهوايات البحرية (عضو مؤسس في التكتل البيئي لحماية فشت العظم) غازي المرباطي يشير الى تأثير جسر المحبة على فشت العظم بالقول إن الفشت يتعرض لضغوط وإجهادات بيئية بسبب تعرضه للآثار الناجمة عن عمليات الحفر والردم البحري والتجريف وشفط الرمال والتلوث بمياه الصرف الزراعي والصرف الصحي والتلوث الحراري التي تنتج عن بعض المشروعات انطلاقا من جزيرة المحرق فضلا عن التلوث النفطي ورمي النفايات والصيد الجائر.

وطبقاً للمرباطي، فإن ما نسبته 82 في المئة من الشعب المرجانية في البحرين مهددة، وأضاف أن البحرين تنتج 13 مليوناً و638 ألفاً و422 كيلوغراماً من الأسماك في السنة، بينما ينتج فشت العظم 5 ملايين و989 ألفاً و513 كيلوغراماً في السنة، وهذا يعني أن 60 في المئة من انتاج البحرين من فشت العظم، أما المصائد الأخرى فتشكل 40 في المئة من إنتاج الأسماك

العدد 1362 - الإثنين 29 مايو 2006م الموافق 01 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً