استغربت حينما قرأت ما كتبه الزميل السيد زهرة أنه لا يحمل الجنسية البحرينية! وإن كان منح الجنسية إنما هو تقليد أجنبي غريب علينا نحن أمة العرب والإسلام، فالجنسية ليست معياراً لقياس عطاء المرء وإخلاصه لوطنه؛ إنما هي (في هذا الزمن) من قبيل الأشياء التي لابد من تنظيم حيازتها في الدولة الحديثة، خصوصا بعد التجزئ الاستعماري وملحقات اتفاق سايكس - بيكو. وحسناً فعل إبراهيم شريف السيد، بأنه لم يتعال على الخطأ أو الزلل أو سوء الفهم (أو بالأحرى فهم السوء)، وذهب بنفسه إلى الكاتب السيد زهرة لتوضيح اللبس (الوقيعة) التي أرادها أحد الكتاب... غفر الله له.
وجه الغرابة في الأمر (وذلك ضمن تناقضات هذا البلد التي أتينا على بعضها وهذا من بعضها الآخر) أن السيد زهرة لا يتم منحه الجنسية البحرينية، والذين يؤتى بهم في أقل من شهر يمنحون الجنسية، كابراً عن كابر، ويفقأوا بها أعين البحرينيين! بل ويتطاولون على البحرينيين بقولهم إنما هم أصل العرب وما أهل البحرين إلا «عجم» و«هوله» و«بحارنة» ليسوا من العرب في شيء... إلخ. «السيمفونية» القميئة في الاستكبار والتعالي على البحرينيين.
السيد زهرة كاتب قدير استفادت منه البحرين والبحرينيون كتاباً وصحافيين وقراء، الكثير والكثير؛ فلماذا لا يتم تجنيسه أسوة بمن أمضوا الفترة القانونية للحصول على الجنسية؟ لا أعتقد بأن السيد زهرة أو غيره من الإخوة المصريين القدامى في البلد، والذين أسهموا بخبراتهم وأفنوا زهرة أعمارهم، ودلقوا رحيق شبابهم في مهنهم وصبوها صباً من أجل النهوض بهذا البلد، لا أعتقد أنهم يرفضون الجنسية البحرينية، وخصوصاً أنهم لا يعرفون وطناً غير البحرين!
في الأسبوع الماضي طالعنا رئيس جمعية الصحفيين البحرينية في محاولة (انتظرنا تبرئه منها) بائسة لا تنم عن إحساس بالمسئولية والموقع الذي يتبوأه كرئيس لجمعية يفترض أنها تمثل الجسم الصحافي بأكمله في البلد، وتدافع عن الصحافيين، ذلك الابتزاز والتهديد الذي سطره رئيس الجمعية من العار علينا كصحافيين وكتاب أن لا نسجل الإدانة للألفاظ وأسلوب الابتزاز والتهديد الذي لا ينم عن أدنى احترام للكاتب القدير لطفي نصر. وبدلاً من تقدير جهود لطفي والآخرين من الإخوة العرب الذين أثروا الصحافة البحرينية على مدار عقود نجد رئيس الجمعية وبأسلوب قميء يحاول الالتفاف على القضاء في محاولة لتغيير شهادة الزميل لطفي نصر بعد أن أقسم اليمين على قول الحق!
اختلف مع السيد زهرة في كثير من تحليلاته، وهذا حقي. كما اختلف مع لطفي نصر في كثير من الاستنتاجات التي يصل إليها في عموده، أو في دفاعاته المستميتة عن بعض الآراء، وهذا حقي أيضاً. وعلى رغم هذا وذاك؛ فإن ذلك ليس مدعاة لخرق سفينة الأخلاق وحرق أوراق اللياقة في التعامل معهما، وهما الأستاذان الفاضلان اللذان قدما عصارة شبابهما في بلادنا، وما كان ينبغي منا إلا تكريمهما على ما قدماه... ومنحهما الجنسية البحرينية تقديراً لهما هو أقل ما يقدم إليهما
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1361 - الأحد 28 مايو 2006م الموافق 29 ربيع الثاني 1427هـ