العدد 1361 - الأحد 28 مايو 2006م الموافق 29 ربيع الثاني 1427هـ

مرئيات «الوفاق» للعمل البلدي ليست مجرد مرئيات

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

ليس دفاعاً عن «الوفاق»، ولا من أجل الترويج لمرئياتها، ولكن إحقاقاً للحق، فـ «الوفاق» تمثل نموذجاً ناجحاً للمعارضة الايجابية، وكعادتها لا تنتقد الأوضاع من دون أن تقدم رؤاها وتصوراتها المقترحة. فلـ «الوفاق» رؤية تسعى إلى تفعيلها عبر برامجها ونشاطاتها المختلفة، فهذه باختصار أهم خصائص المعارضة الايجابية: تتكلم عن الايجابيات وتشيد بها، وتنتقد السلبيات سعياً إلى تقديم البدائل والحلول المقترحة.

الموقف الرسمي يختلف كثيراً عن مواقف «الوفاق»، ففي كل مرة تقدم فيه «الوفاق» على استخلاص مرئيات ورؤى معينة تجد الأبواب الموصدة أمامها، ولا ترى سوى التجاهل جزاء لأعمالها لكيلا تعاود الكرة من جديد، ولكن النشاط والحماس يدب من جديد في جسم «الوفاق» لتقدم رؤاها المتجددة والعصرية وفقاً لمتطلبات المرحلة التي تعيشها.

وفي هذا السياق تحديداً أركز على مرئيات «الوفاق» للعمل البلدي، التي نأمل أن نجد لها صدى على المستوى الرسمي، ولاسيما أن المشروع البلدي لم يكن بالشكل الذي يحقق طموح الناس ولا أحلامهم. والمشروع نفسه شاركت فيه «الوفاق» بقوة في التجربة الأولى، واستطاعت أن تسيطر على ثلثي المقاعد، على رغم عدم وضوحه وعلى رغم حداثة التجربة، فإن «الوفاق» اختارت المشاركة فيه بشكل قوي، واستطاعت كتلتها أن تحقق ما أمكنها من إنجازات على رغم ضآلة مساحة الإنجاز، ولاسيما أن «الوفاق» قاطعت النيابي، ما أفقدت التجربة دعم المجلس. هذا إلى جانب تعنت السلطة تجاه الجهاز البلدي لضمان عرقلة نشاطه. وسط هذا الرهان الكبير نجد أعضاء المجالس البلدية المحسوبين على «الوفاق» يجتهدون ويضعون مرئياتهم للعمل البلدي تارة ويقترحون تعديلات ويقدمون رؤاهم بشأن قانون البلديات تارة أخرى، ولكن لا حياة لمن تنادي.

المراقبون يرون أن عدم تعاون الحكومة آتي من جراء المقاطعة، والوضع الحالي تغير كثيرا ولاسيما بعد إعلان «الوفاق» قرار مشاركتها في الانتخابات النيابية المقبلة، فهل يعني هذا أن هناك استعدادات ولو محدودة لتقبل ما جاءت به «الوفاق» من مرئيات في العمل البلدي بغرض تحسين وتطوير التجربة؟ أم أن خوف الحكومة أكبر من أن يكون ذلك رصيداً ضخماً لـ «الوفاق» وبالتالي يكون التجاهل أفضل الخيارات المطروحة؟

نتمنى أن تكون الحكومة أكثر تفهما للأوضاع السياسية، فليست الساحة بحاجة إلى لعبة الفأر والقط، ونأمل أن يتحقق ويتوافر هامش من الحوار فسياسة التطنيش والتطفيش لم تعد مجدية.

إن أهم ما تتضمنه مرئيات «الوفاق» للعمل البلدي، ان الجمعية ترى أن القانون الحالي يمثل معوقاً رئيسياً لتطور العمل البلدي وتفعيل دور المجالس وإنجاح التجربة، وذلك لضعف الصلاحيات الممنوحة للمجالس وعدم تبعية الأجهزة التنفيذية لها وإعطاء دور مهيمن لوزارة البلديات على المجالس. وفعلاً يرى المتابع أن الجهاز التنفيذي هو صاحب الكلمة الفصل، وبالتالي يضع عضو المجلس البلدي في حرج كبير أمام جمهوره، فليس بيده شيء يعمله، فهو لا حول له ولا قوة. وعادة تأخذ القضايا وقتاً طويلاً في الأخذ والرد وراء الكواليس، وبالتالي يؤكد الواقع أن هناك ترسيخا لسياسة المركزية والبيروقراطية، على رغم كون الجمعية تؤمن بالعلاقة التكاملية بين المجالس البلدية والأجهزة التنفيذية، إذ تشرع الأولى وتنفذ الثانية، كما وتؤمن بضرورة تبعية هذه الأجهزة للمجالس المنتخبة مباشرة. بينما يؤكد الواقع أن الأجهزة التنفيذية صاحبة اليد الطولى فهي التي تشرع وتنفذ، وعضو المجلس البلدي لا موقع له من الإعراب.

وترى «الوفاق» أن نجاح التجربة البلدية مرهون بتعاون المؤسسات والوزارات الخدمية الحكومية مع المجالس والأجهزة التنفيذية، وترى الجمعية أهمية تشريع الضوابط الإلزامية لدفع الوزارات إلى الأخذ بآراء المجالس وإعطاء برامجها الأولوية، بينما لا تجد هذه المجالس دعما من المؤسسات والوزارات الخدمية، بل إنها في الغالب غير منفتحة على المجالس، وكأن هناك قطيعة بينهما، ويبدو للوهلة الأولى أن هناك تعليمات وتوجيهات صارمة تؤكد عدم دعم التجربة ومحاولة إفشالها، فالوزارات لا تنسق مع المجالس البلدية «ولا هم يحزنون».

تولي الجمعية بحسب رؤيتها البلدية اهتماماً خاصاً بحماية الحياة الفطرية والبيئية الطبيعية في المملكة، وتدعم المجالس البلدية في قراراتها التي تعزز الحفاظ على البيئة البحرية والبرية ومنع التلوث، كما تهتم بالمحميات الطبيعية مثل خليج توبلي وفشت العظم وجميع المناطق الحيوية التي هي جزء من الحلقة البيئية المتكاملة، وتحافظ على المخزون الطبيعي من الثروة البحرية والبيئية السليمة. ومع ذلك نجد الأيدي تعبث هنا وهناك، سواء في البيئات البحرية أو البرية، على رغم نداءات المجالس البلدية الرافضة لمثل تلك السلوكيات المنفلتة من دون رقيب ولا حسيب. وهذا ما حدث فعلاً في خليج توبلي وسواحل سترة والمالكية، ونراه يتكرر من جديد في فشت العظم الذي يراد له أن يتحول بين عشية وضحاها إلى مدينة إسكانية، متناسين حجم الضرر الذي سيقع على المواطنين جراء ذلك.

وتولي «الوفاق» أهمية قصوى لتطوير دور السياحة في الاقتصاد الوطني، وتحقيق مبدأ الاستدامة في السياحة، التي تعرف بالسفر إلى المناطق الطبيعية بغرض التمتع بالحياة الفطرية ومعايشتها، مع التأكيد على الحد من التأثيرات السلبية على البيئة والحياة الاجتماعية والثقافية والتراثية، وهذا بحد ذاته يؤكد مبدأ المحافظة على البيئات الطبيعية وجعلها محميات يلجأ إليها المواطنون للاستجمام والترويح عن النفس، فالبحرين اقتربت كثيرا من أن تكون جزيرة بلا شواطئ، بل أصبح شكل خريطة البحرين مستطيل الشكل.

وتؤمن الجمعية أن الاستثمار هو عصب الحياة الاقتصادية، وتدعم جميع الخطوات التي تساعد على نمو الاستثمار السليم وبما يخدم مصالحه ويحقق الرخاء للمواطنين، كما ترى الجمعية ضرورة تطوير أداء الأعضاء وإثراء خبراتهم البلدية والسعي نحو خلق جيل من الكوادر في مجال العمل البلدي ليؤسس تقليدا راسخا في الجمعية.

إن ما جاءت به «الوفاق» من مرئيات يعالج واقع العمل البلدي بعد ملامسة أهم همومه وأوجاعه، ولم تكن «الوفاق» يوماً في برج عاجي منعزلة عن هموم العمل البلدي بعد تعطل دام عشرات السنين، أصبح فيه البعد البلدي والخدمي بحاجة إلى إرادة وصلاحيات وقرارات لا مركزية، وبعد الولوج في العمل النيابي لابد من شروق شمس الصباح على واقع العمل البلدي.

نأمل أن يتحقق مبدأ التفويض والابتعاد عن المركزية والبيروقراطية التي أكلت الأخضر واليابس. وهذه باختصار أهم ما ركزت عليه «الوفاق» في مرئياتها للعمل البلدي، فهل بالغت في وصف الواقع وطالبت بالمستحيل؟ أترك للقارئ الحكم

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1361 - الأحد 28 مايو 2006م الموافق 29 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً