يترقب الشارع البحريني ما الذي ستسفر عنه جلسة مجلس الوزراء الثلثاء المقبل، فهل سيخلص المجلس إلى «إيقاف» الوزراء تحت قبة البرلمان ليوجه اليهم الأسئلة جهارا وعلنا، أم أن النواب «الحكوميين» كما أسماهم بعض النواب سينجحون في عرقلة استجواب الوزراء ليكتفى بالاجتماع بهم في لجان مغلقة تخصص «للسوالف» وشرب الشاي!
إن مجلس النواب أمام مفترق طرق حقيقي، فهل يثبت النواب أن بمقدورهم جر الوزراء أم أن ما كانوا يتغنون به أصبح من الماضي. كما أنهم أمام محك حقيقي للوقوف أمام تكتيك الحكومة في استغلال تركيبة البرلمان الحالية التي يغلب عليها الطابع الحكومي بتمرير بعض المشروعات والوقوف في وجه بعض المقترحات، وإذا ما قدر وفشل المجلس في إقرار استجواب الوزراء علنا فإن ذلك سيكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ ستتحول جلسات مجلس النواب خصوصا تلك التي تركز على الفساد ومساءلة الوزارات إلى جلسات من جانب واحد من دون الحصول على رد على الموضوعات التي يطرحها النواب، أو لن يطرح فيها هذا النوع من النقاشات طالما درست اللجان المختصة الموضوع مع الوزراء في جلسات ودية مغلقة! وحينها سينغمس المجلس في الأطروحات التي يتفضل فيها النواب، وليس بغريب أن يطرح المجلس إشكالية «البيضة والدجاجة» ويخرج لنا بحل يريح البال وينهي الجدل القائم على من أتى أولا، ولعل هذا أفضل بكثير من طرح النقاب وإطلاق اللحى وغيرها من «فناتك» النواب.
ولا يختلف أثنان على أن إلغاء استجواب الوزراء علانية سيضعف من أداء مجلس النواب، وسينهي الهيبة التي بدأ يظهر بها المجلس حين أطلق حملة استجواب التقاعد والتأمينات. السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا يريد البعض استجواب الوزراء علنا؟ لماذا يريدون إخفاء الحقائق في الأدراج؟ هل يخشون من خدش حياء بعض الوزراء؟ أم أن هناك أيد خفية تلعب في الظلمة وتوجه عقول بعض النواب نحو وجهة معينة؟ والمستفيد الأول والأخير هم الوزراء، خصوصاً أولئك الذين يعلمون علم اليقين بالفساد المتغلغل في أجهزتهم، ولربما يراد إخفاء الرماد الذي تركته نار الفساد وراءها وخلفه...
نحن لا نتهم أحدا بالخيانة أو الفساد، ولكننا نتحدث عن عصر الديمقراطية والمكاشفة، ومحاسبة المخطئين، والحفاظ على أموال الدولة وأراضيها وصون حقوق المواطنين التي ظلت تنتهك، وحفظها بعد أن تلاعب بها المتنفذون واتخذوا مال الله حولاً وعباد الله دولا... لا تضعفوا المجلس أو تقلصوا صلاحياته، فإن ذلك ضرب حقيقي في مشروع جلالة الملك الإصلاحي. دعونا لا نتهور في الطرح ولا نغالي في المطالب فلا إفراط ولا تفريط، ولكن اتركوا المجلس يعمل بصلاحيات تخوله حماية حقوق الناس، ولا تحولوه إلى وزارة حكومية أخرى..
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1360 - السبت 27 مايو 2006م الموافق 28 ربيع الثاني 1427هـ