التقرير الذي نشر في الولايات المتحدة الأسبوع الجاري بشأن النظام التعليمي في إحدى الدول الخليجية يعتبر خطيراً للغاية على المنطقة بأسرها. إذ يتهم هذه الدولة بأنها تحرض من خلال السلم التعليمي على كراهية غير المسلمين والمسلمين الذين يعارضون «الرؤية المتشددة التي تتبناها الدولة للإسلام على رغم التعهدات بالإصلاح».
وعلى رغم خضوع المقررات التعليمية في هذه الدولة للتدقيق الشديد بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول فان التقرير الذي أصدره معهد الشئون الخليجية وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة تديره شخصيات معارضة للدولة المعنية ومركز فريدم هاوس الأميركي للأبحاث يقول ان المقررات التي يتم تدريسها في الوقت الراهن في المدارس الابتدائية والثانوية توضح أن الإصلاحات بعيدة المنال. واستشهدت الدراسة بفقرات باللغة العربية من المقررات في هذه الدولة تقول ان «المسيحيين واليهود أعداء المؤمنين» وأنه على الطلاب عدم «مصادقة» أو «احترام» أو «إظهار الولاء لغير المؤمنين». وأضافت الدراسة المغرضة «أن ما يجري تدريسه اليوم في الكتب الدراسية في المدارس العامة في الدولة المعنية لا يؤثر فقط على جيل جديد في المنطقة وإنما يؤثر أيضاً على المسلمين في أنحاء العالم الذين يعولون على دول الخليج بأن رؤيتها لتعاليم الإسلام موثوق بها».
لا شك أن هذه الدولة الخليجية ليست وحدها التي تتعرض لمثل هذه الحملة الإعلامية الشرسة. فالدعوات الأميركية للحكومات العربية والإسلامية بأن تجري تعديلات جذرية على مناهجها التعليمية وخصوصاً الدينية أضحت من أساسيات الحرب المزعومة على الإرهاب. وتؤدي هذه الضغوط إن استجيب لها بالكامل إلى علمنة المناهج في المنطقة. ليس هذا فحسب بل استغلت بعض المنظمات الغربية ضعف الحكومات أو تساهلها من أجل بدء حملات تبشير كما يحدث ذلك في معسكرات دارفور للاجئين، والصومال وأفغانستان وغيرها.
إن إصلاح السلم التعليمي مهمة جسيمة تحتاج إلى تأن، ومع ذلك هناك جهود حثيثة تبذل لتنقيح الكتب لتتماشى مع المتطلبات الجديدة والعملية. ولكن إذا استمرت مثل هذه الحملات المجحفة على الدول ستتعرض المبادىء للخطر الأمر الذي ينذر بقيام حركات شعبية تصحيحية تتجاوز إطار الحكومات والحدود مناهضة لما اتفق عليه من الحد الأدنى لمتطلبات العولمة وحوار الحضارات
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1359 - الجمعة 26 مايو 2006م الموافق 27 ربيع الثاني 1427هـ