تناولت الحلقة الأولى من هذه المقالة الإنترنت، وألقت الضوء على الجوانب المختلفة ذات العلاقة بها، واليوم تنتقل الحلقة الثانية نحو الشبكة العنكبوتية العالمية لتلقي بعض الضوء أيضا على هذه الظاهرة العالمية.
لقد بلغت الشبكة العنكبوتية العالمية المعروفة اختصاراً بالويب من الانتشار حداً ومن المستخدمين عدداً إلى درجة يصعب التصديق أنها ابنة الـ 20 سنة الماضية فقط. لكن هذه هي الحقيقة، فقد استخدم الويب على نطاق واسع في منتصف التسعينات من القرن الماضي، وعلى رغم أن البدايات الأولى تعود إلى الثمانينات عندما حطت رحال البريطاني تيم بيرنر لي، الذي كان قد تخرج للتو من جامعة أكسفورد، في مدينة جينيف ليعمل بعقد عمل مؤقت كمستشار في المختبر الأوروبي لأبحاث الذرة (سيرن). حينها كتب بيرنر برنامج حاسب أطلق عليه اسم (Enquire) لمساعدته على تذكر العلاقة التي تربط بين المشروعات والأفراد الذي يعملون عليها.
بعدها ترك بيرنر معهد سيرن ليعود له مرة أخرى في منتصف الثمانينات ليبدأ معه رحلة اكتشاف الويب. ففي العام 1989 قدم بيرنر مشروعاً إلى سيرن لتطوير نظام معلومات قادر على بناء نسيج من المعلومات، لكن اقتراحه لم ينل الاهتمام الذي يستحقه. وفي العام 1990 كتب بيرنر بروتوكولات النص النطاط (Hypertext Transfer Protocol)، وفي العام 1991، أنهى بيرنر كتابة أول متصفح، قابل للاستخدام على نطاق واسع. وفي العام 1994 انعقد وبمبادرة من بيرنر وتحت إشرافه المؤتمر الأول للشبكة العنكبوتية العالمية في سيرن. وتأسس كونسورتيوم الشبكة الذي وافق معهد ماسوسيتش للتكنولوجيا (MIT) على أن يكون مقره الدائم، الأمر الذي دفع بيرنر على ترك سيرن وشد الرحال إلى بوسطن للعمل في ذلك المعهد.
انضم تيم بيرنر لي، إلى قافلة الأفراد الذين يبثون أفكارهم عبر الإنترنت باستخدام خدمة المدونات الشخصية (Personal blogging) ، فقد قام تيم بطرح المدونة الشخصية الخاصة به، إذ يرى أن الهدف الأساسي من إطلاقه شبكة الويب هي توفير مساحة لمشاركة الآراء.
الويب 2.
وكما هو الأمر في الإنترنت عندما بدأنا نسمع عن الإنترنت2، بدأنا اليوم نقرأ ما أصبح يطلق عليه الجيل الثاني من الويب أو الويب 2 ( web 2.0 ) لا يوجد تعريف واحد ومحدد لهذا المصطلح، وذاك لكونه مصطلحاً حديثاً ولكن سنتعرف إلى أبرز سمات الجيل الثاني من الويب باختصار.
أول مرة اطلق هذا المصطلح web 2.0 كان في اكتوبر/ تشرين الأول 2004 خلال مؤتمر web 2.0 الأول والذي أقامته شركتا O>Reilly Media و MediaLive المتخصصتان في الويب وتطويره.
يعرف البعض الـ web 2.0 بأنه نسخة جديدة من الويب تقوم على تحويل الانترنت إلى منصة عمل بدلاً من كونها مواقع فقط... بمعنى آخر تكون التطبيقات تعمل من خلال المواقع بدلاً من أن تعمل عليها من جهازك الشخصي، الأمر الذي قد يجعلك في غير لتثبيت أي برنامج على جهازك في المستقبل القريب.
وهذه الفكرة مطبقة حالياً في بعض المواقع البرمجية باستخدام الجافا java web start بحيث يمكنك العمل على البرنامج داخل متصفح الانترنت وكأنك تعمل على جهازك.
البعض الآخر يرى أن الـ web 2.0 هو ظاهرة التحول في نشر محتويات المواقع من الطريقة التقليدية التي تعتمد على التحديث من صاحب الموقع إلى طريقة التعديل المفتوح لمحتويات المواقع وسهولة التفاعل مع زوار الموقع، وحرية تعديل المحتوى وظهور رخص المحتوى ومكتبات الانترنت البرمجية المفتوحة وغيرها. وهذا ما هو واضح حالياً في: الويكي - المدونات - Creative Commons - Google APIs وغيرها، بمعنى آخر يصبح الانترنت اجتماعياً أكثر ومجال التعاون فيه أكبر.
مقاييس الجيل الثاني من الويب أو الـ web 2.0 ؟!
وكأي منصة تقنية أخرى ، بدأت مؤسسات التقييس تضع بعض المعايير التي من شأنها إرشاد الضالعين في صناعة الويب، من جهة، وتقليص احتمالات الفوضى في صوغ هذه الصناعة من جهة ثانية. وهكذا بدأنا نرى بعض المواصفات الأولية لمواقع وبرمجيات الويب 2 التي من بين أهم خصائصها:
1 استخدام الـ CSS و XHTMLبشكل صحيح.
2 القدرة على الاستفادة من تقنيات تسهل التصفح للزوار مثل Ajax.
3 الاستعانة بتطبيقات Java Web Start (تقنية تسمح لك بتشغيل برامج على الانترنت وكأنك قد ثبت البرنامج على جهازك).
4 الاستخدام المبدع لتقنيات تحسين واجهة المستخدم مثل Flex/Laszlo/Flash.
5 يستخدم .RSS/Atom
6 اسم الموقع له معنى واضح.
7 يحوي مدونة أو Weblog.
8 يستخدم أو يوفر XML Webservices APIs.
9 قادر على إظهار بعض أوجه التقارب الاجتماعي (توفير روابط لمواقع صديقة، وتمكين الزوار من تعديل المحتويات والمشاركة في تحريرها).
استحوذت الولايات المتحدة بشكل احتكاري على حق تسجيل أسماء النطاق على الشبكة العنكبوتية العالمية. هذا الأمر لم يعد مقبولا لعدد من الدول او التكنلات الإقليمية مثل المفوضية الأوروبية التي بادرت إلى إنشاء نطاق أوروبي لتسجيل المواقع على الانترنت يحمل رمز الاتحاد الأوروبي ويعبر عن هوية أعضائه. هذه الخطوة ينظر لها كوسيلة للتحرر من التبعية وكبداية لكسر السيطرة الأمريكية على الشبكة العنكبوتية.
أنشأت المفوضية الأوروبية حديثاً نطاقاً لتسجيل أسماء المواقع والعناوين الالكترونية على شبكة الإنترنت كخدمة أوروبية مشتركة، بحيث يمكن للشركات والمؤسسات الأوروبية وكذلك الأفراد الاشتراك فيها من خلال تسجيل مواقعهم.
الخدمة الجديدة تحمل الأحرف المختصرة لاسم الاتحاد الأوروبي بحيث يكون اسم النطاق الأوروبي الجديد Dot-eu. ومن الآن فصاعدا فإنه بإمكان الشركات والمؤسسات الأوروبية والأفراد تسجيل مواقعهم على نطاق Dot-eu بدلاً من نطاق Dot-com العالمي الشهير مثلا أو للنطاقات الوطنية الخاصة بكل دولة.
فعلى سبيل المثال سيكون بإمكان شركة »باير« الألمانية لصناعة الأدوية فتح موقع لها على شبكة الإنترنت يحمل الرمز الأوروبي euبدلاً من رمز ألمانيا de.
- إشهار لهوية الشركات الأوروبية
يُعد نطاق كوم (ذخو) الشهير عالمياً بمثابة ماركة تجارية للولايات المتحدة الأمريكية، بحسب تعبير المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مارتين سيلماير. وهذا يشكل من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي أحد جوانب المنافسة بين الشركات الأميركية ونظيراتها الأوروبية. وكانت المفوضية الأوروبية قد قررت في العام 1999 إقامة شبكة خاصة بأوروبا للحد من سيطرة الولايات المتحدة على الشبكة العنكبوتية العالمية. وستكون أمام الشركات الأوروبية فرصة إظهار هويتها من خلال العنوان الأوروبي لموقعها، بحسب رأي سيلماير الذي أضاف أن الرمز الأوروبي اeuب سيمنح هذه الشركات سمعة وتسويقا أفضل على مستوى العالم.
- إقبال كبير على التسجيل
ووفقا للمنظمة الأوروبية المشتركة المشرفة على التسجيل (ايروريد) والتي تتخذ بروكسل مقرا لها، فإن طلبات التسجيل في النطاق الأوروبي المشترك بلغت حتى الآن ثلاثمائة ألف طلب معظمها من ألمانيا وهولندا، بحسب تصريح باتريك ليندن من منظمة ايروريد. يذكر أنه حتى الآن لا تقبل سوى طلبات الشركات التي تستطيع أن تثبت أنها على درجة عالية من الشهرة. ويتوقع باتريك استقبال حوالي سبعمائة طلب بحلول أمس (الجمعة) وهو اليوم الذي سيبدأ فيه عمل النطاق الجديد وسيتم فيه فتح باب قبول طلبات تسجيل المواقع الشخصية.
- خطوة على طريق التحرر من التبعية
هذا وسيتم تخزين أسماء النطاقات الجديدة في خادم مركزي خاص بـ »ايروريد« بحيث سيتم تحويل المستخدم مباشرة إلى العنوان الذي يطلبه عن طريق جهاز الكمبيوتر الخاص به من دون المرور عبر هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة المعروفة بـ »الآيكان« في كاليفورنيا والمسئولة عن توزيع مجالات العناوين في بروتوكول الإنترنت وتخصيص معرفة البروتوكول وإدارة نظام سـجلات المواقع عالميا.
علما أن الموقع الأوروبي الجديد سيبقى ضمن إدارة هذه السلطة ذات الطابع الدولي. وينظر إلى النطاق الأوروبي المشترك ليس فقط من ناحية اقتصادية، بل من الناحية السياسية أيضا. إذ سيكون خطوة على طريق التحرر من السيطرة الأميركية على الشبكة العنكبوتية العالمية. »في نهاية الأمر سيكون بإمكاننا نحن أن نقرر من يحق له التسجيل للحصول على موقع«، بحسب تعبير سيلماير الذي أضاف أن الأوروبيين في هذا المجال غير قادرين بالتأكيد على منافسة الولايات المتحدة من الناحية الكمية ولكنهم قادرون على منافستها من ناحية الجودة
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1359 - الجمعة 26 مايو 2006م الموافق 27 ربيع الثاني 1427هـ