ونحن نعيش ذكرى تأسيس مجلس التعاون الخليجي ندعو الأخوة في الأمانة العامة في الرياض الابتعاد عن الحماس غير اللازم فيما يخص تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي.
حسب الخطة المعدة سلفاً، ترغب دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق اتحاد نقدي بين أعضائها في العام 2010. الجدير ذكره، فقد قطعت دول المجلس أشواطاً في عملية تنفيذ الاتحاد النقدي بدليل ارتباط كل العملات الخليجية بالدولار الأميركي (مع احتفاظ الكويت بهامش من الحرية). كما أن هناك تشابهاً في السياسات المالية مثل عدم تدخل السلطات في التأثير على معدلات الفائدة فضلاً عن عدم وجود سياسة ضرائبية على الدخل. المعروف أن ارتباط العملات بالدولار يؤدي بالضرورة إلى استيراد معدلات الفائدة في الأسواق الأميركية. بمعنى آخر، فإن معدلات الفائدة المعمول بها في دول المجلس ما هي إلا امتداد لواقع الاقتصاد الأميركي.
الكثير من الايجابيات
لا شك في أن اقتصادات دول المجلس ستستفيد بشتى الطرق من تبني عملة واحدة مثلاً. فهناك فوائد لرعايا دول المجلس فضلاً عن الزوار عند استخدام عملة موحدة إذ يتم التخلص من تحمل الفرق في العملات. أيضاً قد تنجح دول المجلس في استقطاب الكثير من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، نظراً إلى أن تبني عملة موحدة يجعل من اقتصادات المجلس كتلة واحدة.
بعض السلبيات
تتمثل السلبيات بعدم قدرة أي دولة من الدول الأعضاء معالجة مشكلاتها الاقتصادية بمنأى عن الدول الأخرى. فالعملة الموحدة تحرم الدول الأعضاء من تبني سياسات اقتصادية تعالج أوضاعها المحلية بسبب الشروط المفروضة.
فلكل دولة ظروفها وتحدياتها الاقتصادية. على سبيل المثال تعاني البحرين من أزمة بطالة. من جانبها تعاني الكويت من مشكلة التضخم (لاحظ قرار الحكومة في رفع قيمة تغيير الدينار إلى الدولار بنسبة 1 في المئة بسبب تدني قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى زاد من قيم السلع المستوردة بعملات اليورو والين الياباني والجنية الإسترليني).
كما علينا أن نتعظ من تجربة اليورو. فقد ارتفعت قيمة اليورو بنسبة 35 في المئة في غضون أقل من أربع سنوات. في الوقت الحاضر بمقدور يورو واحد شراء دولار و27 سنتاً. أما عند بداية طرح العملة وكان بمقدور اليورو شراء أقل من 85 سنتاً من العملة الأميركية. بيد أنه تكمن مشكلة ارتفاع قيمة اليورو إلى الحاق أضرار بصادرات دول منطقة اليورو وبالتالي الدورة الاقتصادية وعليه سوق العمل. من جهة أخرى، ليس بمقدور دول منطقة اليورو تبني سياسات اقتصادية أحادية لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية مثل البطالة بسبب شروط الانضمام للعملة الموحدة.
حقيقة إننا نخشى أن يؤدي تنفيذ المشروع الطموح إلى حدوث عواقب لا تحمد عقباها. فرسالتنا إلى الأمانة العامة هي (في التأني السلامة وفي العجالة الندامة).
ختاماً، يطيب لنا أن نتقدم بأحلى التهاني بمناسبة حلول الذكرى العطرة لميلاد كيان مجلس التعاون الخليجي في مدينة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في الخامس والعشرين من مايو/ أيار في العام 1981
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1359 - الجمعة 26 مايو 2006م الموافق 27 ربيع الثاني 1427هـ