تلفت نظري بين فترات متقاربة تارة ومتباعدة أخرى الإعلانات الداعية إلى المشاركة في تأبين أحد ضحايا حقبة التسعينات من تاريخ هذا البلد، تلك الإعلانات التي تتخذ أشكالاً مختلفة بحسب «الخردة» التي تملكها الجهة الإعلانية، وأتساءل مع نفسي لحساسية السؤال خارجياً: يا ترى ما الشيء الذي سيقوله عريف الحفل أو المشاركون فيه بعد نحو خمس سنوات عن شهيد هذه المدينة أو تلك القرية، ألن يكون كلاماً مكروراً؟

فكرة تحديد يوم للاحتفاء بشهداء الوطن بكل توزيعاتهم الجغرافية جديرة بالدراسة، على أن تحشد الجمعيات السياسية لهذا اليوم مهرجاناً شعبياً ونخبوياً معاً، وبالإمكان حينها استثمار الحشود الجماهيرية في تدعيم شأن هذا الملف محلياً وعالمياً، لا أن يبقى الحضور مقتصراً على المئات الذين يبدأون بالتحول إلى العشرات ثم يتناقصون عاماً بعد عام لفرط انشغالاتهم.

أعتقد أنه حان الوقت الآن للابتعاد عن النظر إلى الشهداء على أنهم أبناء هذه المنطقة أو تلك، فهي بالتالي أولى بالاحتفاء بهم! بل لابد من النظر إليهم على أنهم شهداء الوطن، كل الوطن، بمن فيه من مواطنين سواء «المع» أو «الضد»، فهم لم يثوروا إلا طلباً للعدالة واسترجاع الحقوق وعدالة توزيع الثروات، ولقد أصبح «خير» فعلهم يأكله الجميع، وهو المبدأ الذي سعوا إليه، فلم يكونوا يريدون الاستئثار بل التشارك. إنهم حقاً يستحقون التكريم والعرفان، وأن يكون لهم يوم باسم «يوم الشهداء الوطني»